قال مدير منظمة «ثابت» لحق العودة في لبنان سامي حمود إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي في المخيمات الفلسطينية في لبنان كارثي ومأساوي، يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، بسبب الصعوبات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون، ما يدق ناقوس خطر حقيقي ينذر بحدوث كارثة إنسانية وصحية وشيكة.
وأضاف أن اللاجئين يعيشون أوضاعًا مريرة وواقعًا إنسانيًا صعبًا، وحرمان من أبسط الحقوق الأساسية مثل العمل والتملك، بسبب عدم إنصاف الدولة اللبنانية لهؤلاء اللاجئين ومنحهم الحقوق المشروعة، فهي غير جادة في هذه القضية حسب تقديره.
ضغط اقتصادي
وأكد أنه حمود أن "الأونروا تمارس ضغطًا اقتصاديًا واجتماعيًا على هؤلاء اللاجئين، ومنذ تدهور الوضع الاقتصادي وانتشار جائحة كورونا لم تقدم أي مساعدات لهم إلا مرة واحدة".
وبين أن وكالة الغوث لم تكن جادة حتى اليوم في إطلاق أي نداء أو خطة طوارئ لتخفيف أوضاع اللاجئين في لبنان، وهناك مطالبات ونداءات من مؤسسات المجتمع المدني والفصائل لتقديم مساعدات عاجلة لهم في ظل الظروف الصعبة التي يعانون منها.
واتهم حمود الوكالة بالتقصير بمتابعة اللاجئين المصابين بفيروس "كورونا" في المخيمات الفلسطينية، لافتًا إلى أن هناك ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المصابين بالفيروس بين اللاجئين، وخاصة في مخيمات صور.
وحذر حمود من كارثة إنسانية وصحية بالمخيمات الفلسطينية، نتيجة إهمال "الأونروا" وتقصيرها الواضح تجاه اللاجئين، مطالبًا إياها بتحمل مسؤوليتها الكاملة إزاء ذلك.
وعن مدى تأثير الأوضاع السياسية في لبنان على اللاجئين، أشار إلى أن لبنان تشهد وضعًا اقتصاديًا وانهيارًا ماليًا سيئًا انعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي والمعيشي للاجئين الفلسطينيين، ما أدى لزيادة معدلات الفقر إلى 85% والبطالة إلى 75% بين صفوف اللاجئين، وهذه أرقام مخيفة وصادمة لا تبشر بخير.
وقال: إن "تركيبة لبنان السياسية والحزبية، والآثار الناجمة عن الحرب الأهلية والمخيمات تركت آثارًا وانعكاسات جمة بالتعامل مع قضية اللاجئين، والتي أصبحت مرهونة بالقرار السياسي الحاكم في البلاد، فنحن نريد قرارات حكومية تنصف اللاجئين وتدعمهم، باعتبارها حقوق إنسانية مشروعة".
ولفت إلى أن معظم اللاجئين في لبنان بحاجة إلى بطاقة تموينية شهرية بقيمة 50 دولار، يجب على وكالة الغوث تخصيصها لهم ضمن برنامج خطة الطوارئ، كي تمكنهم من العيش ولو بالحد الأدنى، علمًا أن الحكومة اللبنانية استثنت اللاجئين الفلسطينيين والسوريين من البطاقة التموينية.
معالجة جذرية
وطالب بضرورة إيجاد معالجة جذرية لكافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية لهؤلاء اللاجئين، ودعم "الأونروا" وتخصيص الميزانيات اللازمة لتقوم بدورها المنوط بها دون أي تقليص لخدماتها، والإسراع في تقديم مساعدات عاجلة لهم.
وعلى المستوى الصحي، يجب على "الأونروا" التراجع عن كافة التقليصات بهذا الشأن، وإعادة البرامج كما كانت، مع الاهتمام أكثر بمصابي "كورونا" وتغطية تكاليف علاجهم. وفق حمود
وبنظر حمود، فإن الواقع الإنساني يحتاج إلى تدخل أكبر وسريع، وعلى كافة المستويات فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، من أجل وضع برامج استراتيجية لدعم وتمكين وتعزيز صمود اللاجئين بالمخيمات الفلسطينية في لبنان.
وبين أن الحياة المعيشية في تلك المخيمات لا تشهد أي تحسن سواءً على المدى القريب أو البعيد، لأن كافة الآفاق مسدودة أمام الشباب والعائلات الفلسطينية، وهذا ما يجعل باب الهجرة مفتوحًا أمامهم.
وقال: "إذا لم تتدخل كل الجهات المعنية والمؤسسات الفلسطينية، عبر إيجاد برامج ومشاريع اقتصادية واستثمارية وإنسانية في المخيمات، فإنها ستصبح هشة لا تصلح للعيش، وبالتالي دفع هؤلاء اللاجئين للهجرة".
وبين أن الطالب الفلسطيني يعاني من أزمة بسبب عدم قدرته على تسديد الأقساط الجامعية وسط غلاء المعيشة، وغياب فرص العمل وقلة المنح الدراسية، التي تراجعت بشكل كبير، مما يهدد مستقبله التعليمي.
تضامن ضعيف
وحول مستوى التضامن الدولي مع اللاجئين، وصف حمود التضامن بأنه خجول جدًا لا يرقى لمستوى المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.
وأشار إلى أن هناك تراجعًا كبيرًا بمستوى التضامن على أرض الواقع، فلم تعد المؤسسات الدولية و(NGOs) ومؤسسات الاتحاد الأوروبي تدعم أي برامج أو مشاريع تتعلق بالشباب والمرأة وغيرها، وأصبحت سياساتها تتماشى مع "الأونروا" والدول المانحة التي قلصت مساهماتها المالية.
وبين أن المخيمات الفلسطينية لم تشهد كما السابق زحمة في المشاريع الدولية، معتبرًا أن هذه السياسة تتقاطع مع الضغوط السياسية لإضعاف قضية اللاجئين الفلسطينيين، خصوصًا في لبنان.
وفيما يتعلق بمشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد، ذكر حمود أن العمل بالمشروع يسير منذ أيار/ مايو 2007 ببطء شديد في تنفيذ الوعود التي أطلقتها "الأونروا" والدول المانحة ولبنان، إذ جرى إعادة إعمار 60 % فقط من المخيم، ولا تزال المعاناة الإنسانية للسكان مستمرة حتى اليوم.
وأوضح أن جزءًا كبيرًا من سكان المخيم الذين هُجروا منه لا زالوا ينتظرون إعادة إعمار منازلهم، لافتًا إلى أن "الأونروا" أوقفت مشروعًا لدعم السكان ماليًا، بحجة نقص التمويل.
آليات دعم
وحول آليات دعم اللاجئين، أكد حمود أن ذلك يكون على عدة أصعدة، أولًا المستوى الفلسطيني، فالمطلوب من منظمة التحرير والسلطة والفصائل أن تولي هؤلاء اللاجئين أولوية خاصة، واتخاذ قرار موحد لتعزيز صمودهم بأي طريقة ممكنة، وخلق فرص عمل، وفتح آفاق جديدة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية داخل المخيمات.
واتهم حمود السلطة بالتقصير بمسؤوليتها تجاه اللاجئين، وعدم إيلاء قضيتهم أهمية كبيرة وتقديم أي مساعدات وبرامج تعزز من صمودهم.
وعلى المستوى الدولي والعربي، يجب وضع ميزانية وخطة طوارئ تتلاءم مع حجم الاحتياجات والأزمات والمتغيرات في العالم، وأن يكون هناك قرار عربي ضاغط على الدولة اللبنانية لإنصاف اللاجئين وإقرار الحقوق الاقتصادية والإنسانية لهم.
وشدد على أن المطلوب من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية القيام بدور كبير لخدمة اللاجئين وإطلاق نداءات عاجلة وحملات إغاثية دورية خاصة لمساعدتهم، والتخفيف من الأزمة الإنسانية الصعبة وجائحة "كورونا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق