بقلم د. عبد الرحيم جاموس
لقد تم إفتتاح بازار الإنتخابات الفلسطينية بعد تلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة من اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مباشرة في السادس من يناير الماضي تفيد بموافقة حركته على اجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية والوطنية الفلسطينية بالتتابع ، بعد ان كانت حركته متمسكة بإجرائها بالتزامن رافضة اجرائها بالتتابع ، وقد جاءت رسالته بعد او عقب اجتماع الأخير مع وزير خارجية قطر مباشرة ، قطر التي تملك قدرة التأثير التي لاتقاوم لدى حركة حماس والتي تتولى دعمها المالي واستضافة قيادتها بالتنسيق مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة مباشرة ، وقد استجاب الرئيس الفلسطيني فورا على تلك الرسالة وبترحاب كبير واتخذ كل مايلزم من اجراءات لإطلاق عربة الإنتخابات الفلسطينية في مستوياتها الثلاث ، التي كانت مرتهنة فعلا لفيتو واعتراض حركة حماس طيلة اربعة عشر عاما عجاف ، لسعيها ان تكون وتحل بديلا عن .م.ت.ف وحركة فتح في قيادة الشعب الفلسطيني بدعم مباشر من حلفائها .
نعم لقفد اصدر الرئيس الفلسطيني في الخامس عشر من يناير الماضي المرسوم الخاص بإجراء الإنتخابات بمستوياتها الثلاث وفق تواريخ محددة ، على ان تبدأ بإنتخاب المجلس التشريعي في الثاني والعشرين من أيار مايو القادم والرئاسة في 31 تموز والوطني في 31 آب اوغست القادمين ، على إثر ذلك بدأ احتدم التنافس الإنتخابي بين مختلف القوى الفلسطينية السياسية، والإجتماعية، والمناطقية ،و بات الفلسطينيين موزعين بين من هو مع ومن هو ضد، وبين من اخذ يغرد خارج الواقع أوخارج السياق ، وبين من هو الحالم وبين من هو الواقعي ، ولا احد من الشعب الفلسطيني يعرف حقيقة الى اين تسير الامور من خلال هذة الإنتخابات ، وعلى ماذا ستستقر او ستسفر اوضاع القوى والفصائل واوضاع الشعب الفلسطيني عامة و أثره على مستقبل قضيته ذلك (ان حصلت اصلا الإنتخابات من اصله) .. وإن حصلت يتساءل البعض من سيكون الفائز فيها وكيف ، ومدى التزام الأطراف او بعض الأطراف بنتائجها من حيث القبول او الرفض او التشكيك ، نتيجة لأزمة الثقة المزمنة بين مختلف الأطراف والقوى ... وما سيتمخض عنها من نتائج ايطابية او سلبية على مستقبل الشعب والقضية .
هناك من يؤيد ويؤكد ان الإنتخابات سوف تحصل وعلى الأقل انتخاب التشريعي وفي الوقت الذي حدده المرسوم الرئاسي ..للإعتبارات التالية ..
اولا: لأن الأنتخابات حق للشعب الفلسطيني يكفله النظام الأساسي والقانون وقد جرى تعطيله اكثر من احد عشر عاما بسبب انقلاب حماس على الشرعية منذ منتصف عام الفين وسبعة وتفردها بحكم قطاع غزة....
ثانيا:بسب الرغبة الحقيقية لدى الشعب الفلسطيني في ضرورة تجديد الشرعيات الإنتخابية لكافة السلط التشريعية والرئاسية الفلسطينية والخلاص من حالة الإنقلاب ومانتج عنه من مشاكل ومآسي يعاني منها الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الخارج .
ثالثا: بسب فشل حركة حماس في تحقيق مشروعها السياسي في ان تسقط م.ت.ف وفتح وان تحلَّ مكانهما في تمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني انفاذا لفكرة (البديل) ، لذا باتت تسعى ِلأن تكون شريكة في الشرعية الفلسطينية بناء على نصيحة حلفائها لها ودون ان تسقط فكرة البديل من فكرها و استراتيجيتها السياسية .
رابعا: نصائح الأشقاء والأصدقاء لكل من حركتي فتح وحماس بضرورة إجراء الإنتخابات والعمل اعادة تجديد وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني استجابة لجملة من المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية ، ابتداء من المصالحة الخليجية الى التغيير الحادث في الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الديمقراطي جو بايدن ..وما بينهما من احداث و متغيرات اقليمية ودولية وانعكاس كل ذلك على مجمل مواقف دول الإقليم .
خامسا: ضغط الدول المانحة للسلطة الفلسطينية وفي مقدمتها دول الإتحاد الأوروبي التي لوحت بربط استمرار منحها بإجراء الإنتخابات وتجديد الشرعيات الدستورية التشريعية والرئاسية على الأقل .
بناء على ذلك قد اشتعلت حمى الإنتخابات على الصعيد الداخلي لمختلف القوى والفصائل والأحزاب بما فيها القوى الإجتماعية من عشائرية وشبابية والمرأة وغيرها .. قبل ان يكتمل القيد في السجل الإنتخابي و قبل ان تبدأ حملة الإنتخابات رسميا و قبل ان تبدأ الحوارات الرسمية المزمع عقدها بين الفصائل للإتفاق على كيفية ادارة العملية الإنتخابية وكيفية مواجهة العراقيل التي قد تعترض سبيلها سواء من قبل سلطات الإحتلال أو من غيره من بعض القوى الإقليمية والدولية او حتى من قبل بعض القوى الفلسطينية نفسها التي ترتهنُ لحساب مصالحها الحزبية او مصالحها الفئوية الخاصة بعيدا عن المصلحة الوطنية العامة ، كما بدأت بعض القوى والدول تنشط في بعض المناطق الفلسطينية ايضا عبر ضخ الأموال فيها لتعزيز نفوذها والتأثير لصالح هذا الفصيل او ذاك والتأثير في نتائجها بصفة عامة ...!
من هنا ايضا اود ان اشير الى جملة ملاحظات عامة سيكون لها ايضا بالغ الأثر في مجرى الأحداث و الإنتخابات ونتائجها وهي:
اولا : ان الإنتخابات في ظل استمرار الإحتلال وحرابه وحواجزه واجراءاته القسرية لايمكن ان تكون الإنتخابات سليمة ونزيهة وشفافة وسيعتريها العوار السياسي والقانوني ...
ثانيا: إن القول بأن الديمقراطية تعني (حكم الشعب بالشعب ولصالح الشعب ) او ( حكم الناس بالناس ولصالح الناس )
تعدُ اكبر كذبة وخديعة سياسية للشعب وللناس منذ ديمقراطية أثينا الى اليوم ..!
ثانيا : اعتبار الإنتخابات هي الركن الأساسي للديمقراطية رغم كل ما يعتريها من عيوب وتأثيرات مختلفة تؤثر على ارادة الناخب في إنتخاب أو اختيار ممثليه والتي من مساوئها المساواة بين الناخبين على اختلاف درجات تعلمهم ووعيهم وتباين غاياتهم ومدى ادراك الغالبية لأهمية الإدلاء بأصواتهم من عدمه ، فهناك من لايكترث اصلا بممارسة هذا الحق وهناك من هو على استعداد ان يبيع صوته لهذا او ذاك بناء على وعد بتحقيق مصلحة خاصة ما و قد لا تتجاوز ثمن فنجان قهوة ...فهل يجوز ان يتساوى صوت هذا الناخب النفعي والجاهل مع صوت الإنسان الواعي والذي يقدر اهمية الإدلاء بصوته ودوره على اساس من النفع العام وتحقيق مصلحة الوطن والمجتمع في آن معا ...؟!
إن اجراء الإنتخابات في ظل الإحتلال وفي ظل الظروف الفلسطينية القائمة العامة و الخاصة جدا والتي ليس لها مثيل اطلاقا في اي كيان سياسي وما تشهده القوى والفصائل الفلسطينية من تنوع وتعدد وتنافس وصراعات داخلية وبينية وخارجية سوف تلقي بظلالها على هذة الإنتخابات ونتائجها وسوف تكون نتائجها محفوفة بالمخاطر على الشعب الفلسطيني وقضيته برمتها ...!
آملاً ان تتمكن القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة من التتوافق والتفاهم على ادق التفاصيل المتعلقة بإجراء الإنتخابات على مستوى الفصيل الواحد ، وهنا اقصد حركتي فتح وحماس على مستواهما الداخلي ، وعلى المستوى البيني و بينهما وبين بقية كافة التشكيلات الحزبية والفصائلية الفلسطينية والمستقلين عنها ، هذا ما يتمناه الشعب الفلسطيني ، من اجل ان تتم هذة الإنتخابات بأفضل الظروف والشروط المناسبة ، من اجل تحقيق اهدافها وغاياتها الوطنية ، التي يسعى ويهدف لها الكل الفلسطيني في كافة اماكن تواجده والعمل بإخلاص وصدق على ضمان تنفيذ استحقاقاتها والإلتزام بتنفيذ نتائجها بروح وطنية جامعة ، تنقل الحالة الفلسطينية الرسمية والشعبية ، الى مرحلة جديدة يكون فيها الشعب قادرا على تحقيق الوحدة الوطنية ، وقادرا على مواجهة المشاكل والقضايا المعيشية التي يئن تحت وطأتها المواطن الفلسطيني ، ومواجهة الإحتلال وسياساته وأجراءاته الغاشمة ، واستمرار الصمود و استمرار الكفاح الفلسطيني حتى تتحق اهدافه في العودة والمساواة والحرية وتقرير المصير واقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس .
يبقى السؤال و التساؤل قائما برسم الإجابة تحت هذا العنوان فلسطين :الى اين في ظل حمى الإنتخابات ؟
تلكَ التي ستحدد الإجابة عليه من خلال صيرورتها ونتائجها والتقيد بالإلتزام بها وبتنفيذها على اساس من الوحدة والشراكة السياسية بعيدا عن روح الإقصاء والإستفراد ....!
وللحديث بقية .....
د. عبدالرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني
عضو المجلس الإستشاري لحركة فتح
رئيس المجلس الإداري لإتحاد الحقوقيين الفلسطينيين
الاربعاء 3 /02/2021 م
Pcommety@ hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق