المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج 4 أعوام على الانطلاقة ... إنجازات وتحديات

 


بلغ تعداد الفلسطينيين فـي نهاية عام 2020 حوالي 13.7 مليون فلسطيني؛ 5.2 مليون فـي الضفة وغزة والقدس المحتلة، وحوالي 1.6 مليون فلسطيني في أراضي الـ 1948، وما يقارب 7 ملايين خارج فلسطين؛ وذلك وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (جهاز حكومي). أي أكثر من نصف الشعب الفلسطيني بنسبة 50.3 %، هم خارج فلسطين.

منذ توقيع اتفاق أوسلو وانتقال قيادة منظمة التحرير إلى الأراضي المحتلة، هُمش دور فلسطينيي الخارج، وجرى استبعادهم من دوائر صنع القرار، وخلقت هذه الأجواء حالة تهميش، تشكلت على إثرها محاولات تمثيلية لاستعادة دور الخارج في منظومة العمل الوطنية، بعضها نجح بالبقاء وبعضها اندثر، وبعضها حجز مكانته في الفضاء الفلسطيني وأضاف للقضية قوة وتمكيناً إضافياً، خاصة إنه استعاد دوراً لفلسطينيي الخارج ضمن خارطة العمل السياسي والوطني، كما هو الحال مع المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

الذي كانت ولادته في الـ 26 شباط لعام 2017، بمبادرة مجموعة من الشخصيات الفلسطينية وعدد من المؤسسات العاملة لصالح القضية، لتشكل مظلة تستعيد دور فلسطينيي الخارج وإعادة بناء المؤسسات الرسمية الفلسطينية، على قاعدة المحافظة على الثوابت الوطنية، كما جاء في الوثيقة التأسيسية للمؤتمر.

وفي حوار أجريناه مع الصحفي الفلسطيني فايز عبد السلام (يقيم في هولندا)، ليحدثنا بعين المتابع، أشار فيه، إلى أن السبيل لاستعادة فلسطينيي الخارج دورهم، يتحقق بالتشبيك الفاعل والتواصل مع الفلسطينيين في أماكن انتشارهم، والاستعداد للانفتاح على الآخرين، لتشكيل الضغط على صناع القرار وتحقيق التمثيل.

ورأى عبد السلام، أن المؤتمر حقق ذلك، ووضع سكته على الطريق الصحيح، بأن "يكون مظلة جامعة، باعتباره مؤتمراً شعبياً للكل الفلسطيني، وتمثيله الواسع لدى فلسطينيي الخارج، بمختلف الاتجاهات، وعدم اقتصاره على تيّارٍ واحدٍ أو رأيٍ واحد".

كما أشاد بدور المؤتمر في السنوات الماضية في التصدي "للهجمة الشرسة التي طالت القضية الفلسطينية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب".

وثمن عبد السلام، الدور الذي يقوم به المؤتمر، في التأكيد على حق فلسطينيي الخارج، في الشراكة بصنع القرار الوطني والمشاركة في الانتخابات، معتبراً هذه المشاركة حقاً لكل فلسطيني قائلا: "الفلسطيني المتواجد في المهجر هو امتداد حقيقي لدم الشهداء وزنازين الأسرى، ولا يمكن بحال من الأحوال التفريق بين الفلسطيني والفلسطيني على أسسٍ جغرافية".

وطالب عبد السلام، المؤتمر الشعبي بلعب دور أكبر في إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، عبر "تفعيل اللقاءات بين أبناء الشعب، لتمكين الأواصر والروابط، والتخفيف من تبعات الانقسام على الفلسطينيين المقيمين في الخارج، وتفعيل الطاقات الشبابية".

وفي قراءة سياسية وتقييمية لأداء المؤتمر، رأى الدكتور أحمد العطاونة، مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، في حديثه مع موقع "فلسطينيو الخارج"، أن المؤتمر شكل: "إضافة نوعية وفرصة لإعادة الاعتبار لدور الشتات ومكانته في المشهد السياسي الفلسطيني، الذي يعاني تهميشاً، وحالة فراغ قيادي على المستوى الشعبي، وحقق حضوراً على مستوى حركته الوطنية التي تسعى لتحرير فلسطين وإعادة اللاجئين وإحياء الذاكرة الوطنية ومواجهة المشروع الصهيوني".

وأضاف: "تمكن المؤتمر من التواصل مع شرائح مختلفة من الشعب الفلسطيني، وأثره في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني واضح، وهذا يعبر عن قدرة مميزة تفوّق فيها المؤتمر على كثير من المؤسسات والفصائل التاريخية للشعب الفلسطيني". داعياً للاستمرار فيها وتعزيزها لرفد الحركة الوطنية الفلسطينية.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المؤتمر قال د. العطاونة: هناك "تحدٍّ مرتبط بالمؤسسة الرسمية الفلسطينية، والمتمثلة في منظمة التحرير وبناها في الشتات التي تواجه كل محاولة من أجل تفعيل الشتات الفلسطيني، وتتعامل مع كل جسم يتعامل بفعالية في الشتات على أنه تحد أو بديل عنها".

وتابع: "كما يواجه المؤتمر تحدّياً داخلياً بنيوياً وهو إمكانية أن يطور ذاته ومؤسسات بنائه، بحيث تكون قادرة على تمثيل الشرائح المختلفة والوصول إلى الجاليات والتجمعات وتجنيدها للعمل من أجل القضية ".

وأضاف: "التحدي الثالث؛ الجغرافيا والنظم السياسية حيث يتواجد الفلسطينيون في العديد من الدول وهذه الدول تتفاوت بشكل كبير في موقفها من القضية الفلسطينية، وحاجة المؤتمر لسلسلة من السياسات التي تبدو متباينة ومختلفة عن بعضها البعض لكي يتمكن من تفعيل الفلسطيني أينما كان".

واعتبر د. العطاونة أن أبرز التحديات التي تواجه المؤتمر، هو "تحدي بلورة رؤية ومشروع يعمل من أجله وفي سبيله، وهو تحدٍّ يواجه كل القضية الفلسطينية، بعد وصول مشروع التسوية لطريق مسدود ".

ورأى أن المؤتمر أمامه فرص كبيرة، يمكن من خلالها تعزيز حضوره، وزيادة فاعليته في الساحة الفلسطينية داخلياً وخارجياً، من أبرز هذه الفرص: "التركيز على البرنامج الوطني والمشروع الوطني، والاهتمام بشريحة الشباب الأكثر معاناة من التهميش، والتنوع الثقافي والفكري والديني وإمكانية تجنيد الكل الفلسطيني بمعزل عن هويته، والمرأة الفلسطينية المهمشة في ظل نظرة فصائلية قاصرة وتقليدية لها".

كما أشار إلى أهمية "الانفتاح على الحركات الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية والممتدة حول العالم، والعمل على مأسسة الأعمال وتأطير وبلورة هذه الأعمال لتصبح عناوين واضحة للشعب الفلسطيني لتصبح عناوين تمثيلية".

واختتم حديثه، بأن "التمثيل الفلسطيني للشتات يعيش إشكالاً، والمنظمة غير فعالة في الشتات وهناك حالة من التيه لعل المؤتمر يتمكن من تطوير وسائل ومؤسسات يجمع الفلسطينيين ويخرجهم من التيه، ويجند كل قدراتهم لصالح المشروع الوطني الفلسطيني".

من جانبه، أوضح الدكتور أحمد محيسن، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، أبرز المحاور التي عمل عليها المؤتمر في الفترة الماضية، ومنها "توسيع الإطار الشعبي والمؤسساتي الذي يمثله فلسطينيو الخارج، عبر الانفتاح المستمر على أبناء شعبنا في الخارج، لاستيعاب شخصيات ومؤسسات عاملة، بما يحقق توسعاً وحضوراً واعترافاً رسمياً أكبر، وتشكيل ضغط فلسطيني داخلي".

وأضاف: و"العمل على المستوى الشعبي وتنظيم حملات توعوية، ضمن جوامع تخصصية وأخرى وطنية، شرح فيها أبعاد العمل المختلفة من أجل القضية".

ورأى د. محيسن أن المؤتمر شكل حالة ضغط مهمة ومؤثرة على صناع القرار الفلسطيني بأخذه زمام المبادرة لاستعادة الحقوق لفلسطينيي الخارج، آملاً بأن يكون "الأداة الصحيحة والقوة النافذة، من أجل خلق أدوات الضغط المؤثرة على صناع القرار".

وفيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، قال د. محيسن: "إن المؤتمر يبذل جهوده لزيادة آليات التحرك وتوسيع جهود التواصل مع كل الأطراف والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية، ويعمل ضمن منسقياته على تفعيل دور الإنسان الفلسطيني في الخارج، لزيادة فاعليته وحشد جهوده للضغط والتسريع بمطالبة تفعيل دور الخارج وفتح الأبواب له من أصحاب السلطة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق