بقلم الأسير المجاهد: سامح سمير الشوبكي
سجن ريمون الصحراوي
عندما تهرول الدموع من العين تكون لأسباب حزينة أو سعيدة، وأنا أرى أن البكاء عادةً تهذب وتعيد ترتيب الإنسان في داخلنا، لذلك فإن النساء شريكات الرجال على كوكب الأرض أكثر إنسانية وود وعاطفة وشفقة من الرجل؛ لأنهنّ يحسن البكاء عند الحاجة.
وهنا يأتي السؤال الحساس هل يبكي الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال؟ وبحثًا عن إجابة توجهت في يوم من أيام الأسر إلى أحد الإخوة قدامى الأسرى (أبو آدم) ودون مقدمات قلت له: أريد أن أسألك سؤالًا. قال مبتسمًا كعادته: تفضل. فقلت متى آخر مرة بكيت فيها؟ قال: أنا لم أبك منذ 30 عامًا، قلت مستنكرًا: هل تمزح؟ قال بإصرار: صدقني أنا منذ 30 عامًا لم أبك؛ لأن دموعي تحولت يقينًا بأن ما عند الله خيرًا وأبقى.. قال شيئًا قريبًا من هذا وبثقة عالية وراح يسترسل في الشرح، ولا يزال صدى كلامه يتردد في مسامعي، فهل هذا يعني أن الأسرى الفلسطينيين لا يعرفون البكاء؟ الجواب: نعم ولا.
نعم لا يبكي الأسير الفلسطيني جزعًا وخوفًا وندمًا وقلقًا وحرمانًا ويأسًا وغربًة ونسيانًا وتجاهلًا وخذلانًا إنسيًا، لا يفعل ذلك، ولكنه يفعل شيئًا آخر حين يتسلل منه بوقار رجولي مهيب ندى العين الدامية وهو يناجي ربه شكرًا عند توديع حبيب ورفيق معاناة إلى الحرية أو يناجي خالقه مغفرة للراحلين إلى دار البقاء من الأهل والأقرباء.
في رمضان الخشوع احذروا البكاء على الدنيا، وابكوا ما استطعتم في ليالي المغفرة من خشية الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق