موائد رمضان بلا لحوم في مخيم عين الحلوة

 


العربي الجديد: انتصار الدّنّان

21-04-2021
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان، تواجه العائلات في مخيم عين الحلوة أوضاعاً مأساوية، إذ حرم الكثير منها من أبسط الأطباق الرئيسية
تشهد الأطباق الرئيسية للسفرة الرمضانية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين ( جنوب لبنان)، تغيرات جوهرية هذا العام، إذ أدى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، إلى ضعف القدرة الشرائية لعائلات كثيرة. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسبة البطالة، تحولت اللحوم إلى وجبة لميسوري الحال فقط، بينما الدجاج بالكاد يزور العائلات الفقيرة.
وكما باقي المناطق اللبنانية، فقد فرض الوضع الاقتصادي الصعب نفسه على العائلات في شهر رمضان. يقول اللحام (الجزار) الفلسطيني المقيم في مخيم عين الحلوة، مأمون خطاب، إنّ "الارتفاع الجنوني لسعر اللحوم لم يعد يحتمل، إذ وصل ثمن الكيلوغرام الواحد إلى 65 ألف ليرة لبنانية (حوالي 43 دولاراً بحسب السعر الرسمي للصرف). هذا الارتفاع لن يتمكن العامل من مجاراته، خصوصاً أنّ أجرته اليومية لا تتعدى 15 دولاراً في أحسن الأحوال (بحسب السعر الرسمي للصرف)".
يكمل خطاب حديثه عن الوضع المأساوي في المخيم قائلاً: "معظم زبائن الملحمة يطلبون لحماً بقيمة 6 دولارات، وهذه الكمية بالكاد تكفي الفرد الواحد، فكيف الحال بعائلة مؤلفة من 5 أشخاص. الناس مضطرة لاستهلاك كميات محدودة، نظراً لأوضاعهم المادية الصعبة. كنا نبيع عجولاً كاملة يومياً قبل الأزمة الحالية، خصوصاً في شهر رمضان، حينها كان سعر الكيلوغرام لا يتجاوز عشرة دولارات، أما اليوم فالبكاد نبيع 50 كيلوغراماً من اللحوم".
ويصف بائع الخضار فادي خطاب، الوضع الاقتصادي بالـ"سيئ جداً"، خصوصاً للعائلات التي لا معيل لها، فنسبة البطالة المرتفعة في الأشهر الأخيرة زادت من معاناة المخيم. ويقول في حديثه لـ"العربي الجديد": "أتقاضى 40 ألف ليرة (حوالي 26 دولاراً بحسب السعر الرسمي للصرف) يومياً، وأعيش مع زوجتي وابني، وقد اشتريت ثلاثة كيلوغرامات من اللحمة على مراحل، لأقسم بعدها الكيلو الواحد إلى 5 حصص".
واشتكى خطاب من الخلل في المؤسسات الخيرية خصوصاً خلال عملية توزيع المساعدات، إذ يقول إنها تستهدف الأرامل وكبار السن، متجاهلة الأعداد الكبيرة للعائلات التي لا تتمكن من سداد نفقاتها". ويتابع:" البعض يستدين لشراء الحليب لأطفاله".
يتحدث خطاب عن حالته الصحية، فهو يعاني من تضخم في القلب، ويحتاج إلى أدوية شهرية، وبسبب الغلاء لا يتمكن في معظم الأحيان من شراء الدواء، حتى إنّ "الأونروا" لا تتكفل بالأمر، بحسب ما يشير. ويتابع: "بيتي يحتاج إلى ترميم، فمياه الأمطار تدخل المنزل، وقد طلبت من الأونروا مرات عديدة ترميم سقف المنزل وحتى الساعة لم ألقَ آذاناً صاغية".
المشاكل نفسها تسمعها كيفما توجهت في كافة أرجاء المخيم، فعادات رمضان الغذائية قد تغيرت هذا العام بحسب أم هادي التي تقول: "حتى صحن الفتوش (سلطة خضار) لم يعد بمقدورنا تحضيره في المنزل، وفي حال أجبرنا على تحضيره فإننا نقلّل من بعض أنواع الخضار. أما اللحوم والدجاج فقد تخلينا عنهما في الإفطارات... لدي 5 أطفال وزوجي عاطل عن العمل، وبالطبع لدينا مصاريف غير الطعام، فأنا لم أدفع مثلاً إيجار بيتي منذ شهرين".
بدورها، تقول النازحة السورية سهام إبراهيم جبر، إنّ زوجها يتقاضى يومياً حوالي الـ40 ألف ليرة (نحو 3 دولارات بحسب سعر الصرف في السوق السوداء). تتابع: "بهكذا مدخول لن أتمكن من دفع إيجار المنزل وعليّ الاقتصاد حتى بالطعام، وتحديداً اللحوم. أما الدجاج فبات يقتصر على نصف كيلوغرام للعائلة كلها أسبوعياً، بينما باتت مكونات صحن السلطة تقتصر على البندورة والخس فقط".
من جهتها، تقول أم وسام، العاملة في أحد المطابخ الذي يوفر وجبات للأهالي، إن "شهر رمضان حلّ هذا العام مختلفاً على الناس، إذ أصبحوا يعتمدون على مرق الدجاج واللحم، ويشترون كميات محدودة منهما لإعداد وجبة الإفطار. كذلك تخلّت الناس عن شراء الحلويات، والمشروبات الرمضانية كالجلاب والتمر الهندي".
تجدر الإشارة إلى أن قيمة الليرة اللبنانية تدهورت بشكل كبير أمام الدولار الأميركي. فبعدما كان الدولار الواحد يساوي 1515 ليرة (سعر الصرف الرسمي) بات اليوم يساوي 12 ألف ليرة تقريباً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء، ما تسبب بارتفاع نسبة البطالة لدى شرائح واسعة من المجتمع اللبناني، بينما المخيمات الفلسطينية كان لها النصيب الأكبر من هذا التدهور، فهي بالأساس تعيش حالة من البؤس والفقر الشديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق