ماهر الصديق
لم
يكافح شعبنا و يقدم التضحيات الجسام من أجل وطن تحكمه طغمة دكتاتورية ،
و
تمتهن فيه كرامة الانسان ، و تستباح فيه الدماء . لم يسقط الشهداء و يتألم الجرحى
و
يعاني الاسرى و عائلاتهم من أجل بناء وطن تنتهك فيه الحرمات ، و تستلب
الاموال
، و يستشري فيه الفساد . اننا نريد وطن جميل نبنيه على اسس الحرية
و الكرامة ، تكون لنا فيه السيادة ، نعيش فيه
بإباء و عزة ، و نتخلص من حقبة
الجور و الظلم الذي لحق بنا من الاحتلال و من
قهر الانظمة العربية المستبدة .
لقد
عانينا كثيرا في الداخل و الخارج من القمع و التنكيل و الاستبداد ، و آثرنا
الثورة
بما تحمله من مخاطر و صعوبات لا لشئ إلا لبناء وطن لنا نعيش فيه
بحرية
، و نختار فيه من يحكمنا ، و يخلصنا من الوجوه المجرمة التي كنا نراها
في
معاملاتنا و تنقلاتنا ، في أشغالنا و في كل تفاصيل حياتنا . نريد وطن بلا
اجهزة قمعية
و شبكات تجسس و حكاما مأجورين ، وطن يحفظ لنا الاجيال
القادمة
و يضمن لهم ان لا يعيشوا المأساة
الانسانية التي عشناها على مدى
مئة
عام . هذا الوطن الذي نبحث عنه ، و نجاهد من اجله ، و نقدم دماءنا
من اجل
إنشائه . أما الوطن الذي يحفظ للبعض امتيازاتهم ، و لا يعيش حكامه
كمواطنين
كبقية افراد الشعب ، و ينسق حكامه مع المحتلين ، و تسفك دماء
ابنائه
من اجل الكلمة الحرة ، و لا يتم اختيار ممثليه من قبل الشعب ، فهذا
ليس هو
الوطن الذي ننشده ، و ليس الوطن الذي ضحينا بكل ما نملك من اجله .
إن كان
لا بد من وجود الاجهزة الامنية ، فهذه الاجهزة يجب ان لا تكون لها مهمات
الا
افشال مكائد الاحتلال ، و متابعة من يتعامل معه ، و حماية الشعب من المفسدين
و
المجرمين و العملاء . يجب ان لا تطغى العقلية السلطوية البوليسية على الاجهزة
الامنية
، و ان لا تتربى على الحقد و العصبية ، و لا تتخذ من التنكليل اسلوبا لها
في
معالجة القضايا الداخلية . و على تلك الاجهزة و قادتها ان يتربوا على محبة
الشعب
و ليس على قمعه ، و على الدفاع عنه و ليس على السكوت و الخنوع و
التنسيق
مع اعدائه . كنت اتمنى ان ارى " الشجعان" الذين قتلوا نزار بنات و من
قبله
الكثير
من المعارضين تحت التعذيب ، كنت اتمنى رؤيتهم في مواجهة قطعان
المستوطنين
و جنود الاحتلال الذين يعتدون يوميا على نساءنا و اطفالنا و شيوخنا
و
مقدساتنا ! فإذا لم تدافع هذه الاجهزة الكثيرة و المتعددة الاسماء عن شعبنا
فما هو دورها ، و ما هي مهماتها ؟ لم نسمع انهم
اعتقلوا عميلا واحدا ، و لا
تصدوا
لجنود الاحتلال و المستوطنين الذين يستبيحون دماءنا . على قيادة السلطة
ان
تصحح الواقع المزري ، و تحاكم المجرمين محاكمة عادلة و علنية و محايدة ،
و تمنع اعمال
القمع و التنكيل ، و توقف التنسيق الامني ، و تتوجه فورا
للانتخابات بدون موافقة المؤسسة الصهيونية . شعبنا لا يريد اذنا من الاحتلال
لاجراء الانتخابات في القدس و لا في غيرها من
فلسطين . و يجب تفعيل
مؤسسات
المنظمة و الدخول الفعلي في شراكة حقيقية ، بما يكفل التخلص من
الترهل و التراجع القائم في اداء السلطة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق