ماهر
الصديق
اعترف
بأني خُدِعتُ كما خدع الكثير من المتابعين للاوضاع العربية بهذا المخادع الانقلابي
الذي
أشبعنا كلاما عن الديمقراطية و الحريات ، و أعلن بالفم الملآن عن رفض التطبيع مع
كيان
الاحتلال و اعتبر الاعتراف بكيان العدو خيانة عظمى . استمعت كغيري من المراقبين
لهذه
اللهجة الوطنية و القومية و المبدئية و حسدنا تونس الخضراء على تعافيها من
دكتاتورية
عاشت
معها منذ الاستقلال الى الان ما عدا فترة الرئيس السابق المنصف المرزوقي بين عامي
2011 -
2014 .استمر هذا الخداع حتى زار الرئيس التونسي صديقه الانقلابي في مصر الذي
كان
يفتك بالشعب المصري و يصادر كل اشكال الحريات و يعتقل عشرات الالاف من ابناء
الشعب
المصري و يصدر قضائه غير العادل احكام اعدام جائرة بحق الابرياء من العلماء
و
المثقفين و السياسيين و الشباب بينما يبرئ اركان النظام السابق الذين ثبتت عليهم
اعمال
قتل و نهب
و فساد و خيانة . كانت تلك الزيارة غير المتوقعة بداية الكشف عن الوجه الحقيقي
للرجل
الذي تمكن من خداع الشعب التونسي الذي انتخبه و خداع كل من يحب لتونس الاستقرار
و
للشعب التونسي الحياة الكريمة التي افتقدها ردحا من الزمن . نعم خدعت انا و غيري
بكلمات
لم تكن
تسمن و لا تغني من جوع ، لكنها لغة لم نعهدها من قبل استلبت عواطفنا و هيجت
فينا
اطماعنا في رؤية واقع متغير في بلادنا ، واقع نريد ان نراه في اي بلد عربي عله
يكون
فاتحة
خير، و نموذج يمكن انتقاله لغيره من
بلداننا العربية . لكن المخادع لم يمهلنا كثيرا
فانقلب
على الديمقراطية و عطل المجالس المنتخبة و القضاء و رفع الحصانة عن النواب
الذين
اختارهم الشعب و نشر الجيش و الشرطة و البلطجية في الشوارع ، و هذا ما أعاد
بذاكرتنا
للديمقراطيات الهشة في بلادنا ، التي تقبل كل مفسد مخادع و عميل و لكنها تنقلب
على من
يختاره الشعب ، ان لم يكن من الصنف الذي
يسير بالركب الامريكي الصهيوني .
اننا
نشعر بالالم و الخوف على تونس و شعبها و ثورتها و ديمقراطيتها ، كأنهم يريدون
لنا ان
نترحم على زمن السبسي و بن علي كما ارادوا منا ان نترحم على السادات و مبارك
بعدما
رأينا ما يفعله الانقلابيون . ان شعوب امتنا و قواها الطليعية مهما كان فكرها و
اختلافها
مطالبة بالوقوف صفا واحدا جنبا الى جنب لمنع
اعادة الدكتاتورية الى البلاد بعدما حققت شيئا
من
الديمقراطية . هذه الوقفة ليست بالضرورة خدمة لمصالح فئة معينة بل من اجل تثبيت
اركان
الديمقراطية و منع استمرار الدكتاتوريات في تحطيم هذه الامة و منعها من التطور .
ان هذا
التصرف هو الذي منع من اعادة الدكتاتورية الى تركيا ، فالشعب التركي لم يقف مع
اردوغان
عندما نزل الى الشوارع و توحد ضد الانقلاب بل كان يدافع عن اختيار الشعب
و عن
عدم قبوله بعودة الدكتاتورية و الحكم العسكري من جديد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق