العربي الجديد: انتصار الدّنّان
23-07-2021
23-07-2021
"عاش أهلي في اللجوء حياة بائسة... نحن عشنا العذاب والحرمان والبرد والوجع والموت". بكلام يختصر الكثير، يستهل الحاج محمود محمد سليمان، من قرية المغار في قضاء صفد بشمال فلسطين والمقيم في مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، كلامه الذي لا يختلف عمّا يأتي به غيره من اللاجئين.
عندما ترك الحاج محمود بلده، كان في الخامسة من عمره، لا بل لم يكن قد أتمّها بحسب ما يقول. ويخبر "العربي الجديد": "كنت صغيراً عندما وقعت الحرب في فلسطين. وعندما هاجم الصهاينة مناطقنا اضطر أهلي إلى ترك بيتنا من دون أن يحملوا معهم أيّ شيء". يضيف: "في البداية، عندما هربنا من سلاح الصهاينة، توجّهنا إلى جنوب لبنان سيراً على الأقدام، ومنه إلى منطقة القرعون في محافظة البقاع (شرق). هناك عشنا مرارة اللجوء، وتعذّبنا كثيراً. كان البرد شديداً جداً في تلك المنطقة، ولم يكن معنا أغطية شتوية توفّر لنا الدفء. لم نكن نحمل إلا الملابس التي كانت تغطي أجسادنا. كذلك جعنا". وفي القرعون، سكنت عائلة الحاج محمود في "مخيم كان في السابق معسكراً للجيش الفرنسي. وبعد مدّة، وفّرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أغطية لكلّ الناس هناك. لكنّنا لم نبقَ في ذلك المخيّم لوقت طويل، وانتقلنا إلى منطقة لالا القريبة من القرعون. فيها، مكثنا لوقت قصير نسبياً، قبل أن نُنقَل إلى مخيم نهر البارد في شمال لبنان". ويتابع الحاج محمود سرده: "في نهر البارد، قدّمت لنا وكالة أونروا الخيام التي عشنا فيها في تلك الفترة الصعبة. وفي وقت لاحق، صارت الوكالة تقدّم لنا الإعاشات التي عشنا عليها لمدّة من الزمن، حتى بدأ الناس يبحثون شيئاً فشيئاً عن فرص عمل. فتحسّنت ظروفنا الحياتية، ورحنا في وقت لاحق نبني بيوتاً من الحجر ونسقفها بألواح الزينكو".
وعن تعليمه، يقول الحاج محمود: "لقد التحقت بمدرسة المخيم في بادئ الأمر، لكنّه لم تُتَح لي متابعة تعليمي، وتوقّفت عند الصف الثاني تكميلي (السابع أساسي). وبعد ذلك، عملت ممرّضاً في مستشفى ببيروت، في حين أنّ مدير مدرسة المخيم ظلّ يزورنا في بيتنا ويطلب منّي العودة لأنّني كنت أحصّل علامات مميزة. لكنّني رفضت طلبه، فالأسباب التي دعتني إلى ترك التعليم مادية، إذ كنت أساعد أهلي".
ويشير الحاج محمود إلى أنّه عمل في مدينة طرابلس (شمال) في فندق لمدّة عامَين، "وبعد ذلك التحقت بمعهد سبلين للتدريب المهني في قضاء الشوف (جبل لبنان) لأتعلّم مهنة تنجيد المفروشات ومقاعد السيارات. لكنّني بعد الانتهاء من الدراسة، لم أعمل في هذا المجال طويلاً، علماً أن المعهد كان قد وفّر لي بعد تخرّجي عملاً في بيروت". وبعد ذلك "عملت في مستشفى دار العجزة في بيروت، ممرضاً لمدّة ستّة أعوام تقريباً، وقد تعلّمت مهنة التمريض فيها. وفي عام 1976، مع اندلاع الحرب، هربنا نحو جنوب لبنان. سكنّا لمدّة عام في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا، وكنت أقصد بيروت يومياً للعمل. لكنّ الأمر كان خطراً، فتركت المستشفى وانطلقت مع أهلي وأولادي إلى مخيّم الرشيدية في مدينة صور. هناك، التحقت بالثورة الفلسطينية، وانتسبت إلى حركة فتح".
ي مخيم الرشيدية، استقرّ الحاج محمود خمسة أعوام، ثمّ انتقل إلى مخيّم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. ويقول: "اشتغلت هناك عامل نظافة لدى وكالة أونروا لمدّة ستة أعوام، لكنّه لم يُقدَّر لي البقاء في العمل بسبب حرب المخيمات. فتقدمت بطلب نقل إلى مخيم نهر البارد. وهذا ما كان. فعملت هنا في عملي نفسه لمدّة عامين، لكنّني تركته. أنا رجل متعلّم، فكيف لي أن أشتغل في النظافة؟ فقدّمت استقالتي من أونروا وحصلت على تعويض. ورحت في ما بعد أضمن أراضي لزراعة الملوخية والاعتناء بالزيتون. لكنّني في عام 2006 توقفت عن العمل بشكل نهائي، إذ لم أعد قادراً على ذلك". ويكمل الحاج محمود: "اليوم أعتمد في مصاريفي على أولادي الذين ينفقون عليّ. لكنّني من جهة أخرى أشتري الحليب الطازج ثمّ أصنع منه لبناً مع ابنتَي اللتَين لم تتزوّجا، ونبيعه لمن يرغب فيه". تجدر الإشارة إلى أنّ للحاج محمود ثمانية أولاد، خمس بنات وثلاثة أبناء. وكما كلّ اللاجئين، يؤكد "ما زلت آمل العودة إلى فلسطين، على الرغم من تقدّمي في السنّ".
عندما ترك الحاج محمود بلده، كان في الخامسة من عمره، لا بل لم يكن قد أتمّها بحسب ما يقول. ويخبر "العربي الجديد": "كنت صغيراً عندما وقعت الحرب في فلسطين. وعندما هاجم الصهاينة مناطقنا اضطر أهلي إلى ترك بيتنا من دون أن يحملوا معهم أيّ شيء". يضيف: "في البداية، عندما هربنا من سلاح الصهاينة، توجّهنا إلى جنوب لبنان سيراً على الأقدام، ومنه إلى منطقة القرعون في محافظة البقاع (شرق). هناك عشنا مرارة اللجوء، وتعذّبنا كثيراً. كان البرد شديداً جداً في تلك المنطقة، ولم يكن معنا أغطية شتوية توفّر لنا الدفء. لم نكن نحمل إلا الملابس التي كانت تغطي أجسادنا. كذلك جعنا". وفي القرعون، سكنت عائلة الحاج محمود في "مخيم كان في السابق معسكراً للجيش الفرنسي. وبعد مدّة، وفّرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أغطية لكلّ الناس هناك. لكنّنا لم نبقَ في ذلك المخيّم لوقت طويل، وانتقلنا إلى منطقة لالا القريبة من القرعون. فيها، مكثنا لوقت قصير نسبياً، قبل أن نُنقَل إلى مخيم نهر البارد في شمال لبنان". ويتابع الحاج محمود سرده: "في نهر البارد، قدّمت لنا وكالة أونروا الخيام التي عشنا فيها في تلك الفترة الصعبة. وفي وقت لاحق، صارت الوكالة تقدّم لنا الإعاشات التي عشنا عليها لمدّة من الزمن، حتى بدأ الناس يبحثون شيئاً فشيئاً عن فرص عمل. فتحسّنت ظروفنا الحياتية، ورحنا في وقت لاحق نبني بيوتاً من الحجر ونسقفها بألواح الزينكو".
وعن تعليمه، يقول الحاج محمود: "لقد التحقت بمدرسة المخيم في بادئ الأمر، لكنّه لم تُتَح لي متابعة تعليمي، وتوقّفت عند الصف الثاني تكميلي (السابع أساسي). وبعد ذلك، عملت ممرّضاً في مستشفى ببيروت، في حين أنّ مدير مدرسة المخيم ظلّ يزورنا في بيتنا ويطلب منّي العودة لأنّني كنت أحصّل علامات مميزة. لكنّني رفضت طلبه، فالأسباب التي دعتني إلى ترك التعليم مادية، إذ كنت أساعد أهلي".
ويشير الحاج محمود إلى أنّه عمل في مدينة طرابلس (شمال) في فندق لمدّة عامَين، "وبعد ذلك التحقت بمعهد سبلين للتدريب المهني في قضاء الشوف (جبل لبنان) لأتعلّم مهنة تنجيد المفروشات ومقاعد السيارات. لكنّني بعد الانتهاء من الدراسة، لم أعمل في هذا المجال طويلاً، علماً أن المعهد كان قد وفّر لي بعد تخرّجي عملاً في بيروت". وبعد ذلك "عملت في مستشفى دار العجزة في بيروت، ممرضاً لمدّة ستّة أعوام تقريباً، وقد تعلّمت مهنة التمريض فيها. وفي عام 1976، مع اندلاع الحرب، هربنا نحو جنوب لبنان. سكنّا لمدّة عام في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا، وكنت أقصد بيروت يومياً للعمل. لكنّ الأمر كان خطراً، فتركت المستشفى وانطلقت مع أهلي وأولادي إلى مخيّم الرشيدية في مدينة صور. هناك، التحقت بالثورة الفلسطينية، وانتسبت إلى حركة فتح".
ي مخيم الرشيدية، استقرّ الحاج محمود خمسة أعوام، ثمّ انتقل إلى مخيّم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. ويقول: "اشتغلت هناك عامل نظافة لدى وكالة أونروا لمدّة ستة أعوام، لكنّه لم يُقدَّر لي البقاء في العمل بسبب حرب المخيمات. فتقدمت بطلب نقل إلى مخيم نهر البارد. وهذا ما كان. فعملت هنا في عملي نفسه لمدّة عامين، لكنّني تركته. أنا رجل متعلّم، فكيف لي أن أشتغل في النظافة؟ فقدّمت استقالتي من أونروا وحصلت على تعويض. ورحت في ما بعد أضمن أراضي لزراعة الملوخية والاعتناء بالزيتون. لكنّني في عام 2006 توقفت عن العمل بشكل نهائي، إذ لم أعد قادراً على ذلك". ويكمل الحاج محمود: "اليوم أعتمد في مصاريفي على أولادي الذين ينفقون عليّ. لكنّني من جهة أخرى أشتري الحليب الطازج ثمّ أصنع منه لبناً مع ابنتَي اللتَين لم تتزوّجا، ونبيعه لمن يرغب فيه". تجدر الإشارة إلى أنّ للحاج محمود ثمانية أولاد، خمس بنات وثلاثة أبناء. وكما كلّ اللاجئين، يؤكد "ما زلت آمل العودة إلى فلسطين، على الرغم من تقدّمي في السنّ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق