انتصار الدنان
يعيش غالبية الفلسطينيين في مخيمات لبنان وضعًا اقتصاديًا صعبًا لامس خط الفقر، وذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي لامس الـ23 ألف ليرة لبنانية عن كل دولار واحد، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني من دون رقيب ولا حسيب، لعدم وجود حكومة في لبنان، كما فقدان مادتي البنزين والمازوت، وأمام هذه الأوضاع الصعبة صار الفلسطيني عاجز عن تأمين المواد الأساسية لعائلته، حتى إن بعض الأسر لم تعد قادرة على شراء ربطة الخبز التي هي بدورها ارتفعت، متأثرة بارتفاع سعر صرف الدولار، وبارتفاع سعر الوقود في لبنان الذي بات لا يُشترى إلا من السوق السوداء، تزداد معاناة الفلسطيني بسبب البطالة التي يعيشها معظم الفلسطينيين، خاصة بعد قرار وزير العمل السابق بإلزامية الفلسطيني الحصول على إجازة عمل في تموز عام 2019.
جراء هذه الأوضاع نزل أولاد بعض الأسر إلى سوق العمل، فمنهم من يجمع الخردة ويبيعها؛ ليؤمّن على الأقل سعر ربطة خبز لعائلته، وفي هذا يقوله الطفل أمجد الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا: "لقد فقد والدي عمله، بسبب الوضع الاقتصادي في لبنان، ولدي أربعة أخوة غيري، ويصغرونني في السن، وهم لا يستطيعون العمل، فقررت أنا البحث عن مورد مادي أستطيع من خلاله تأمين ربطة خبز لعائلتي، والتي ارتفع سعرها ليصل إلى 5500 ليرة لبنانية، ونحن نحتاج إلى ربطتي خبز يوميًا".
يتابع: أستيقظ عند الفجر، أجر عربة أمامي، وأدور في المخيم وخارجه حتى أجمع الخردة، لأبيعها، وأبقى على هذا الحال طيلة النهار وتحت أشعة الشمس الحارقة.
أما الطفل محمد، فهو يجلس أمام منزله ليبيع الترمس والبليلة، وفي هذا يقول: "تعد لي أمي بشكل يومي الترمس والبليلة، لأبيعها في المخيم أمام منزلنا، لكنني في بعض الأحيان إن وجدت أن لا إقبال على بضاعتي أحملها وأنزل بها إلى الشارع في المخيم حتى أبيعها".
أما عن المال الذي يجمعه، فقال: "بعد أن أبيع كل ما لدي أعطي النقود لأمي، حتى تستطيع شراء ما نحتاجه للبيت. نحن لم نعد نشتري الفاكهة فثمنها مرتفع جدًا ولا نقدر عليه، كما أننا لم نعد نشتري مأكولات الأطفال كالشيبس، والبوظة، والعصير، فإذا كان سعر كيس البطاطا يبلغ 30 ألف ليرة لبنانية، فكيف سيكون سعر الفاكهة ومأكولات الأطفال؟ صرنا ننظر إليها، ونشيح وجوهنا عنها حتى لا نشتهيها".
أما السيدة رجاء، وهي أم لثلاثة أولاد، فقالت: "حتى اللبنة صرنا نشتهيها، ولم نعد قادرين على شرائها، فقد كانت قبل الأزمة الاقتصادية في لبنان لا تفارق بيوتنا، أما اليوم فلم أعد أشتريها إلا مرة واحدة في الأسبوع، وكذلك فقد ارتفعت أسعار الفواكه، ولم يعد بإمكاننا شرائها، ولأنه لدي أطفال يرغبون الفواكه، صرت أشتري لهم نصف بطيخة بدلًا من بطيخة كاملة حتى أشعر بأنني لا أحرمهم.
أما السيد عبد الكريم، فقال: "لدي ولدان صغيران، وهما يحتاجان للحليب، وكنت أشتري لهما كيسًا واحدًا في الأسبوع، أما اليوم، وبسبب ارتفاع الأسعار لم يعد بإمكاني شراء الحليب لأطفالي، وكذلك الحال بالنسبة لحفاضات الأطفال، فقد ارتفع سعر الكيس بشكل غير طبيعي، ويعجز معظم الآباء عن شرائها لأطفالهم، فقد كان سعره قبل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار 27 ألف ليرة لبنانية، أما اليوم فقد بات سعره 127 ألفًا، فما الحل؟ وأنا أعمل ليومين أو لثلاثة أيام في الأسبوع، وأتقاضى عن كل يوم عمل 50 ألفًا".
كما أن المواد الغذائية الأساسية باتت جدًا مرتفعة، وطالب عبد الكريم المعنيين من الفصائل الفلسطينية، و"الأونروا" الالتفات إلى ما يعانيه الفلسطينيون في لبنان، الذين باتوا بمعظمهم تحت خط الفقر.
وفي وقتٍ سابق، وجراء إلحاح الفلسطينيين على ضرورة أن تقدم "الأونروا" بطاقة تموينية للفلسطينيين المقيمين في لبنان جميعًا على غرار البطاقة التموينية التي أقرها مجلس النواب اللبناني للبنانيين المحتاجين، وجراء استغاثة الناس، أقرّت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان، صرف معونة ماليّة طارئة لأطفال اللاجئين الفلسطينيين الأكثر حاجة، وذلك استجابة للأزمة الاقتصادية والاجتماعيّة في لبنان.
وكان الناطق باسم الوكالة فادي الطيّار قد صرح عبر تسجيل صوتي بأن قيمة المعونة المقدمة تبلغ 40 دولارًاً أمريكيًا عن كل طفل، سيتم دفعها بالدولار، وستشمل شريحة الأطفال من سن الولادة حتّى 18 سنة، أي من مواليد 2003 حتى 30 حزيران/ يونيو 2021.
وكان الطيار قد أشار، إلى أنّ المساعدة تم إقرارها لشريحة الأطفال، نظرًا لكونهم الأكثر تأثرًا بالأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، على أن يجري توزيعها عبر مكاتب شركة "ليبان بوست".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق