العربي الجديد- انتصار الدنان
02-08-2021
02-08-2021
يعمل الفلسطيني مصطفى أحمد خليفة جاهداً لتحقيق أحلامه، وقد افتتح "كوخ البلد" في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، وبات محطة للجميع.
"أردت العمل مذ كنت طالباً في الجامعة، علماً أنّ أهلي تولوا تسديد تكاليف دراستي الجامعية بالكامل. مع ذلك، أردت تأمين مصروفي الخاص". هكذا بدأ المهندس الكهربائي مصطفى أحمد خليفة (25 عاماً)، المتحدّر من بلدة الزيب (قرية فلسطينية تقع على بعد 13.5 كيلومتراً شمال عكا) والمقيم في عين الحلوة، حديثه.
درس مصطفى تخصص الهندسة الكهربائية في "جامعة بيروت العربية" وكان متفوقاً. يقول: "كانت مصاريف الجامعة مرتفعة جداً، وكان أهلي يسدّدونها. لكنّني في الوقت نفسه، كنت أحتاج إلى العمل لتوفير مصاريفي اليومية. كنت قد بدأت بالعمل في الثانية عشرة من عمري. عملت في مجال البناء والطلاء وغيرهما من المهن، واكتسبت خبرة لا بأس بها في المجالات التي عملت بها. وبعدما بلغت الثامنة عشرة، عملت مع أخي في إصلاح المصاعد في بيروت. كان شقيقي يعمل كهربائياً وقد درس المهنة في أحد المعاهد. وصرت أعمل معه وتأثرت به، واخترت تخصّص الهندسة الكهربائية، حتى أتعلم المهنة وأستفيد أكثر، وأعمل مع أخي، وأطور عمله بصفتي مهندساً وهو صاحب العمل".
يضيف مصطفى: "بينما كنت أعمل وأتابع دراستي في الجامعة، فكرت في التخطيط لمشروع، لأنّني كنت أدرك مسبقاً أنّ من الصعب أن أجد وظيفة بتخصصي في لبنان، خصوصاً أنّني فلسطيني. وحتى لو وجدت عملاً، فالراتب سيكون زهيداً جداً. أحد أصدقائي على سبيل المثال استطاع أن يجد عملاً بتخصصه في بيروت، وحصل على راتب قدره 650 ألف ليرة لبنانية (نحو 430 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي ونحو 33 دولاراً بحسب سعر الصرف الحالي في السوق السوداء)، وكان يحتاج إلى 150 ألف ليرة لبنانية بدل مواصلات، و150 ألف ليرة لتأمين طعامه في عمله. ولم يكن ما بقي من الراتب يكفيه لشيء. وبسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، صار يتقاضى مبلغاً قدره مليوناً وثمانمائة ألف ليرة لبنانية (نحو 91 دولاراً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء). وهذا المبلغ لا يكفيه أيضاً. لذلك، قررت العمل على إطلاق مشروع صغير".
يتابع مصطفى: "بالفعل، استطعت ذلك. عندما كنت في سنتي الجامعية الأولى، عملت مع أخي في الصيف، واستطعت توفير أربعة آلاف دولار. ففكرت في بناء كوخ صغير أبيع فيه البوظة في فصل الصيف، ثم فكرت في أنّه عندما سينتهي الصيف، سيمتنع الناس عن شرائها. قررت بيع احتياجات يومية كالقهوة والمياه والدخان وغيرها".
ويقول مصطفى: "كان الكوخ الذي صممته في البداية أصغر مما خططت له، وقد اخترت موقعاً جيداً في المخيم. استأجرت من صاحب الموقف مكاناً يتسع لثلاث سيارات، وبنيت كوخي. وقبل ذلك، كنت قد رسمت الشكل الذي أريده، وعرفت أسعار الحديد والخشب الذي أحتاجه، كما أنّ المكان الذي اخترته يمر من أمامه كثيرون، خصوصاً تلاميذ المدارس وعمال النظافة وطلاب معهد سبلين للتدريب المهني والتقني (تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا). فعند مرورهم، سيحتاجون لشراء بعض الاحتياجات اليومية، حتى صار كوخ البلد محطة تجمع الجميع". يتابع: "كنت أطمح لتوسيع مشروعي حتى يصير كافتيريا إلى جانب ملعب لكرة القدم ومسبح. وسعيت لاستئجار المكان كله من صاحب الأرض، إلّا أنّ الأمر لم يكن سهلاً".
على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ما زال مصطفى مصمماً على تحقيق ما يصبو إليه. وفي ما يتعلق ببناء الكوخ، يقول: "لدينا ساحة كبيرة أمام بيتنا، والعدة لتنفيذ المشروع، وقد صممت وفصّلت وبنيت الكوخ بمساعدة صديق. وأنا فخور بما أنجزت. كلّ ما في الكوخ من صنعي وقد استعنت بعامل واحد لمساعدتي". يضيف: "في بعض الأحيان، أعمل في تخصصي كمهندس بالتعاقد مع عدد من الشركات، وأتقاضى مبالغ مالية جيدة، وهذا أفضل بالنسبة لي من العمل كموظف في شركة. واليوم، أعمل مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم بمهنتي، وأتولى تركيب الكاميرات وغير ذلك".
ويختم مصطفى حديثه قائلاً: "في البداية، واجهتني مشكلة في الجامعة، إذ لم يتقبلني بعض الطلاب وأساتذتي حين عرفوا أنّني أعيش في مخيم عين الحلوة. لكن عندما حصلت على أعلى تقدير في الصف في الامتحان الأول، تقرّب مني الجميع. حينها، قلت لأستاذتي: نحن شعب متعلم ومثقف. قلة فقط تحمل السلاح، وهناك أجهزة خارجية تتحكم بنا. نحن نحو 100 ألف نسمة (سكان المخيم) خمسة آلاف منهم يحملون السلاح". ويوجه رسالة للشباب الفلسطينيين، قائلاً: "لا تيأسوا. ليس هناك أمر صعب. لكن يجب علينا أن نفكر ونخطو الخطوة الأولى حتى نصل".
"أردت العمل مذ كنت طالباً في الجامعة، علماً أنّ أهلي تولوا تسديد تكاليف دراستي الجامعية بالكامل. مع ذلك، أردت تأمين مصروفي الخاص". هكذا بدأ المهندس الكهربائي مصطفى أحمد خليفة (25 عاماً)، المتحدّر من بلدة الزيب (قرية فلسطينية تقع على بعد 13.5 كيلومتراً شمال عكا) والمقيم في عين الحلوة، حديثه.
درس مصطفى تخصص الهندسة الكهربائية في "جامعة بيروت العربية" وكان متفوقاً. يقول: "كانت مصاريف الجامعة مرتفعة جداً، وكان أهلي يسدّدونها. لكنّني في الوقت نفسه، كنت أحتاج إلى العمل لتوفير مصاريفي اليومية. كنت قد بدأت بالعمل في الثانية عشرة من عمري. عملت في مجال البناء والطلاء وغيرهما من المهن، واكتسبت خبرة لا بأس بها في المجالات التي عملت بها. وبعدما بلغت الثامنة عشرة، عملت مع أخي في إصلاح المصاعد في بيروت. كان شقيقي يعمل كهربائياً وقد درس المهنة في أحد المعاهد. وصرت أعمل معه وتأثرت به، واخترت تخصّص الهندسة الكهربائية، حتى أتعلم المهنة وأستفيد أكثر، وأعمل مع أخي، وأطور عمله بصفتي مهندساً وهو صاحب العمل".
يضيف مصطفى: "بينما كنت أعمل وأتابع دراستي في الجامعة، فكرت في التخطيط لمشروع، لأنّني كنت أدرك مسبقاً أنّ من الصعب أن أجد وظيفة بتخصصي في لبنان، خصوصاً أنّني فلسطيني. وحتى لو وجدت عملاً، فالراتب سيكون زهيداً جداً. أحد أصدقائي على سبيل المثال استطاع أن يجد عملاً بتخصصه في بيروت، وحصل على راتب قدره 650 ألف ليرة لبنانية (نحو 430 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي ونحو 33 دولاراً بحسب سعر الصرف الحالي في السوق السوداء)، وكان يحتاج إلى 150 ألف ليرة لبنانية بدل مواصلات، و150 ألف ليرة لتأمين طعامه في عمله. ولم يكن ما بقي من الراتب يكفيه لشيء. وبسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، صار يتقاضى مبلغاً قدره مليوناً وثمانمائة ألف ليرة لبنانية (نحو 91 دولاراً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء). وهذا المبلغ لا يكفيه أيضاً. لذلك، قررت العمل على إطلاق مشروع صغير".
يتابع مصطفى: "بالفعل، استطعت ذلك. عندما كنت في سنتي الجامعية الأولى، عملت مع أخي في الصيف، واستطعت توفير أربعة آلاف دولار. ففكرت في بناء كوخ صغير أبيع فيه البوظة في فصل الصيف، ثم فكرت في أنّه عندما سينتهي الصيف، سيمتنع الناس عن شرائها. قررت بيع احتياجات يومية كالقهوة والمياه والدخان وغيرها".
ويقول مصطفى: "كان الكوخ الذي صممته في البداية أصغر مما خططت له، وقد اخترت موقعاً جيداً في المخيم. استأجرت من صاحب الموقف مكاناً يتسع لثلاث سيارات، وبنيت كوخي. وقبل ذلك، كنت قد رسمت الشكل الذي أريده، وعرفت أسعار الحديد والخشب الذي أحتاجه، كما أنّ المكان الذي اخترته يمر من أمامه كثيرون، خصوصاً تلاميذ المدارس وعمال النظافة وطلاب معهد سبلين للتدريب المهني والتقني (تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا). فعند مرورهم، سيحتاجون لشراء بعض الاحتياجات اليومية، حتى صار كوخ البلد محطة تجمع الجميع". يتابع: "كنت أطمح لتوسيع مشروعي حتى يصير كافتيريا إلى جانب ملعب لكرة القدم ومسبح. وسعيت لاستئجار المكان كله من صاحب الأرض، إلّا أنّ الأمر لم يكن سهلاً".
على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ما زال مصطفى مصمماً على تحقيق ما يصبو إليه. وفي ما يتعلق ببناء الكوخ، يقول: "لدينا ساحة كبيرة أمام بيتنا، والعدة لتنفيذ المشروع، وقد صممت وفصّلت وبنيت الكوخ بمساعدة صديق. وأنا فخور بما أنجزت. كلّ ما في الكوخ من صنعي وقد استعنت بعامل واحد لمساعدتي". يضيف: "في بعض الأحيان، أعمل في تخصصي كمهندس بالتعاقد مع عدد من الشركات، وأتقاضى مبالغ مالية جيدة، وهذا أفضل بالنسبة لي من العمل كموظف في شركة. واليوم، أعمل مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم بمهنتي، وأتولى تركيب الكاميرات وغير ذلك".
ويختم مصطفى حديثه قائلاً: "في البداية، واجهتني مشكلة في الجامعة، إذ لم يتقبلني بعض الطلاب وأساتذتي حين عرفوا أنّني أعيش في مخيم عين الحلوة. لكن عندما حصلت على أعلى تقدير في الصف في الامتحان الأول، تقرّب مني الجميع. حينها، قلت لأستاذتي: نحن شعب متعلم ومثقف. قلة فقط تحمل السلاح، وهناك أجهزة خارجية تتحكم بنا. نحن نحو 100 ألف نسمة (سكان المخيم) خمسة آلاف منهم يحملون السلاح". ويوجه رسالة للشباب الفلسطينيين، قائلاً: "لا تيأسوا. ليس هناك أمر صعب. لكن يجب علينا أن نفكر ونخطو الخطوة الأولى حتى نصل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق