ثقافة القمع

 

 ماهر الصديق

ازدادت في الآونة الاخيرة الممارسات القمعية في الضفة الغربية و بالاخص بعد مقتل

نزار بنات ، ممارسات تنذر بكارثة في الواقع الفلسطيني الذي اعتاد على حرية التعبير .

الشعب الفلسطيني التواق لبناء نظام حر يخلصه من عشرات السنين من القمع و التنكيل

الذي مارسته عليه سلطات الاحتلال لا يمكن ان يساق بالعصا و الارهاب ، و هو الذي

قدم الدماء من اجل حريته و كرامته و استقلاله . انه شعب حر بطبيعته قوي بإرادته

مقاوم صلب لا يقبل الضيم و القهر و الفساد . فالاجهزة الامنية التي تنسق مع قوات

الاحتلال و تتجنب مواجهته  تقوم باعتقال العشرات بل و المئات من الأكادميين و المثقفين و

السياسيين و الصحفيين و عموم المواطنين على خلفية مواقفهم السياسية و الفكرية و آرائهم

باداء السلطة و اجهزتها في المناطق الخاضعة للسيطرة الجزئية للسلطة . و لو قامت

السلطة بدورها في اقالة الحكومة و محاسبة الفاسدين و محاكمة المسؤولين عن اعمال

القمع و التنكيل و وقف التنسيق الامني و الاصطفاف مع الشعب و المقاومة ، لو قامت

بكل هذا لهدأت من غضب الشارع و خففت من الاحتقان الناتج عن عدم رضى الناس

على ممارسات السلطة و افرادها و اجهزتها . ان الممارسات القمعية و اطلاق ايادي

الاجهزة الامنية في مواجهة الشارع لن ينتج عنه الا على انقسام في المجتمع الفلسطيني ،

و على صراع بين السلطة و شعبها في وقت يقوم به العدو باعتداءاته على الضفة و غزة و

استيلائه على الاراضي و المقدسات و تنكيله اليومي بالمواطنين الفلسطينيين . ان قيادة

المنظمة و الفصائل المختلفة امام مسؤولية تاريخية لوقف هذا الانهيار في الواقع الفلسطيني

و هذا يتطلب محاسبة المسؤولين عن كل اعمال القمع و التنكيل ، و اطلاق سراح المعتقلين

على خلفية مواقفهم ، و اطلاق حرية الصحافة و التعبير ، و تشكيل حكومة جديدة مستقلة

بالتوافق بين كافة الفصائل و القوى و الهيئات الفلسطينية ، للتخفيف من الاحتقان و توحيد

المواقف لمواجهة المخاطر التي تتهدد الشعب الفلسطيني على كافة المستويات و بالاساس منها

اعمال التهويد في القدس و الاستيلاء على الاراضي و الاعتداءات اليومية على المواطنين

الفلسطينيين من قبل الجنود و المستوطنين الصهاينة . ان الاسلوب الامني لن يحقق للسلطة

سيطرتها و لن يمنع الشعب الفلسطيني و قواه السياسية و الاجتماعية من التعبير و الجهر

بالمواقف ، فهذا الشعب عصي على التدجين و كرامته لا تسمح له بالسكوت عن قول الحق .

ان الشعب الفلسطيني شعب ابيّ ضحى عشرات السنين إن لم نقل مئات السنين من اجل

عزته و كرامته و حريته ، و لن يرضخ بالتهديد و الوعيد ، بل يتفهم من خلال الاصلاح

و التصحيح و محاسبة المفسدين ، و يتجاوز من اجل الوطن و في سبيل مواجهة الاحتلال .

الاجهزة الامنية مطالبة بوقف تنسيقها مع الاحتلال ، و تحسين علاقتها مع شعبها ، و القيام

بدورها في مواجهة مكائد الاجهزة الصهيونية في تجنيد العملاء و اختراق مجتمعنا الفلسطيني

و نشر الفساد و الرذيلة و المخدرات لافساد شبابنا و تحطيم مجتمعنا . الاجهزة الامنية مطالبة

بحماية شعبنا و مقاوميه و التصدي للمستعربين و المستوطنين و جنود الصهاينة الذي يعتدون

على مواطنينا و ممتلكاتهم .

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق