وتتيح بنود الاتفاقية للأونروا الحصول على مبالغ مالية من الولايات المتحدة مقابل الخضوع لشروط قاسية تمس بالوضع القانوني والإنساني والسياسي للاجئين الفلسطينيين.
واستقرأ مركز العودة مذكرة التفاهم الواردة باللغة الإنجليزية وشمولها مجالات حيوية في حياة اللاجئين الفلسطينيين، إذ يتضح من خلالها مدى التحيز وعدم حيادية الموقف الأمريكي تجاه اللاجئين والذي يقوم على محددات أساسية، منها: التعامل مع قضيتهم كمسألة إغاثة إنسانية من شأنها تحييد البُعد السياسي، والانحياز للموقف الإسرائيلي ومحاولة تصفية قضية اللاجئين من خلال توطينهم.
كما لفت التقرير الانتباه إلى خطورة ما ورد في مذكرة التفاهم من محاولة تعريف اللاجئ الفلسطيني وفقًا للمنظور الأمريكي حصراً، عبر استثناء شريحة واسعة من اللاجئين من الخدمات بسبب تلقيهم تدريبا عسكريا، مبينا أنه ينطوي على ذلك الشرط لا موضوعية وانعدام الحيادية تجاه اللاجئين، فعلى سبيل المثال يُلزم كل الشباب الذكور من اللاجئين الفلسطينيين في سورية بالخدمة الإلزامية وفقاً للقانون السوري والذي يتم في صفوف جيش التحرير الفلسطيني.
واعتبر أنّ هذه المذكرة تفتح المجال لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني من خلال استثناء شرائح أخرى من اللاجئين، حسب منظور الطرف ذي المصلحة في حال تم إبرام مذكرات أو عقد تفاهمات أخرى مع وكالة الأونرا بنفس الطريقة.
وأضاف أن المذكرة تهدف إلى ترسيخ واقع جديد يقوم على انتزاع البُعد السياسي عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث خلت من أي إشارة إلى حق العودة، بل كانت في جُلّها تركز على الدور الأمريكي في التمويل والشروط المفروضة على الوكالة، إلى الحد الذي يمكن به التعبير عن وصاية أمريكية على الوكالة.
كما أنّ المذكرة تمثل صك انتداب أمريكي على اللاجئين الفلسطينيين الذين لايزالون حتى اليوم يدفعون ثمن انحياز الولايات المتحدة لسياسات الاحتلال وحماية انتهاكاته، وفق التقرير.
وحذر من إمكانية امتثال الأونروا للشروط الأمريكية وفقاً للمذكرة الموقعة، فهذا يُشكل تنكراً لحقوق اللاجئين الفلسطينيين التاريخية وغير القابلة للتصرف، حيث يتضح من بعض بنود المذكرة بأن جزء كبير من جهد الوكالة سينصرف إلى الرقابة على اللاجئين للتحقق من أن المستفيدين من الخدمات تنطبق عليهم الشروط الواردة في المذكرة حسب الرؤية الأمريكية، حيث تنص المذكرة على آليات تبليغ بين أفرادها بطريقة الممارسة الأمنية المتعارف عليها في الدول الشمولية، وبطريقة لم تعهدها آليات الرقابة والعمل في المنظمات والمؤسسات الدولية.
ويشكل ذلك، بحسب التقرير، هدراً للجهود الموارد البشرية التي تدعي المذكرة بانها تسعى للحفاظ عليها، كما تحرف عمل الوكالة نحو إنجاز مهام لا علاقة لها بتقديم الخدمات للاجئين، بل لتشكل آلة رقابة تسلطية تنتهك كرامة اللاجئ الفلسطيني، وذلك من خلال وضعه محل شك دائم وتجنيد عدد من الموظفين للقيام بتلك المهام الرقابية، وأبعد من ذلك تنص المذكرة على فرض آليات رقابة على الموظفين أنفسهم إلى الحد الذي يفرض عليهم معايير محددة بشأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يمثل انتهاكاً صريحاً لمبادئ حرية التعبير.
وحذر أيضا من الحرب الواردة في بنود الاتفاقية على الرواية الفلسطينية، حيث اعتبرها مشروعاً سياسياً بامتياز هدفه عدم فتح المجال داخل بيئات العمل الخاصة بالأونروا، وخاصة التعليمية منها لأي ممارسة هوياتية ووطنية للعاملين فيها من الفلسطينيين تحت إسم الحياد، وسيخدم هذا بالضرورة حماية الاحتلال الإسرائيلي وتأمين انتهاكاته بحق الفلسطينيين دون حتى مجرد التعبير عن رفضها.
كما شرح التقرير الطبيعة القانونية لمذكرة التفاهم بين الأونروا والولايات المتحدة، مبينا أن هذه الوثيقة بأكملها بما في ذلك المرفق الملحق بها تشكل إلتزامات سياساتية من جانب الأونروا والولايات المتحدة الأمريكية، ولا يشكل هذا الإطار اتفاقاً دولياً، ولا يترتب عليه أي التزامات ملزمة قانوناً بين الطرفين بموجب أي من القوانين الدولية أو المحلية.
وبناء على ما سبق، فقد أوصى التقرير بضرورة العمل على استنهاض كافة الأطراف ذات الصلة لمواجهة المشروع السياسي الأمريكي الموجه ضد اللاجئين تحت ذريعة الدعم وإدعاء الحيادية، وتداول المذكرة بالنقد والتفسير وتوضيح التناقضات التي تحملها سواء كان ذلك على المستوى المحلي الفلسطيني أو على المستوى الدولي.
وحث على عرض وجهة النظر الفلسطينية على شركاء وداعمي وكالة الاونروا الآخرين والحيلولة دون اتباع النهج الأمريكي في الدعم المشروط لوكالة الأونروا، والتشديد على رفض المذكرة جملةً وتفصيلاً من خلال الجهات التي لها صفة تمثيلية للاجئين من نظير منظمة التحرير الفلسطينية ولجان الخدمات الشعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق