بوابة اللاجئين الفلسطينيين/دعاء عبد الحليم
بسطةٌ متواضعةٌ بمحتوياتها كبيرةٌ بهدفها، هكذا يصف اللاجئ الفلسطيني في مخيم برج البراجنة زاهي عايشة البسطة التي يجول فيها بين المدارس التابعة لوكالو غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ليوزع أدوات القرطاسية من دفاتر وأقلام ما شابه على الطلاب.
بدأ من مدرسة اليرموك الابتدائية، حيث وزّع حصّة من القرطاسية لـ 630 طالبةً، ومن ثمّ انتقل إلى مدرسة جالود ووزّع حصّة طلب المتبرع منه أن تكون مميزة لطالبات الصف التاسع/بريڤيه وعددهن 120 طالبةً.
وعلى بعد أمتار من مدرسة الجالود المتوسطة، توجّه عائشة ببسطته المتنقّلة إلى مدرسة القدس للصبيان، وقدّم حصّة من القرطاسية للحلقة الأولى والثانية، ويسعى الى تأمين قرطاسية للحلقة الثالثة.
يجمع هذا اللاجئ الفلسطيني الأموال المطلوبة لشراء القرطاسية من متبرعين عدة لا ينتمون إلى أي جهة سياسية، بل هم حريصون على خدمة أبناء شعبهم، بحسب ما يقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
أسعار القرطاسية ازدادت أضعافاً عن العام الماضي
يضيف عايشة: إن معظم أهالي الطلاب فعلياً لم يعد باستطاعتهم تامين القرطاسية كاملة لأبنائهم، نتيجة الغلاء الكبير الذي ازداد أضعافاً هذا العام الدراسي عن سابقه فالدفتر الذي كان ثمنه 500 ليرة لبنانية أصبح 5000 ليرة، وهكذا بالنسبة لباقي الاحتياجات المدرسية، مشيراً إلى أنه من خلال مشاهداته ومتابعته لأمور الناس كونه يملك متجراً لبيع الأدوات المنزلية ولوازم المدرسة في موسمها، لاحظ أنّ الكثير من العائلات تعجز عن شراء القرطاسية، وقد مرّ أكثر من أسبوعين على بدء العام الدراسي، وعملية البيع ضعيفة جدًا، من هنا انطلق بفكرته.
الحصّة المدرسيّة هذه هي بالتأكيد لا تغطي احتياجات الطالب طوال العام الدراسي، بل أتت لتسدّ بعض الحاجات، وتساهم ولو بشكل ٍبسيطٍ من رفع جزء من العبء عن كاهل الأهالي، وأكّد عائشة أنّه مستعدٌ لاستقبال أيّ مساعدة ماليّة من أيّ جهة فرديّة، لتغطية كامل احتياجات الطلاب، متمنيًّا على أصحاب الأيادي البيضاء مواصلة الدعم لتوزيع القرطاسية على كل مدارس برج البراجنة بدون استثناء، مشيرًا إلى أنّ مدرسة البيرة الابتدائية وفيها 340 طالبًا لم يستلم أيّ منهم حصص قرطاسية.
متبرعون مغتربون مرتبطون بالمخيم
هذا الجهد الذي يبذله عائشة، خلفه متبرّعون يسعون بشتّى السبل إلى تأمين الحد الأدنى من احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم برج البراجنة، منهم نادر أبو السعيد المقيم في كندا لكنّ قلبه ما زال معلّقًا بمخيّم برج البراجنة، بحسب ما قال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
فبين أزقته ترعرع وكبر، ومحبّته لأهله يحاول أن يترجمها من خلال حملات يقوم بها منذ عامين لمساعدة الناس مع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان.
يضيف أبو السعيد: إنّه بدأ بحملة القرطاسية هذا العام في مدرسة اليرموك لما لها من رمزية تتعلق بطفولته، فهي مدرسته الأولى التي تخرّج منها في المرحلة الابتدائية.
أمّا عن طريقة تبرّعه يشير السعيد الى أنه يقدّم كلّ ما يستطيع من ماله الخاص، كما يقوم بحملات على الفيسبوك لجمع التبرعات، وبالفعل لقيت حملته تجاوبًا كبيرًا من الجاليات العربية المنتشرة في كندا وأمريكا وأوروبا والدول الاسكندنافية وحتى أتت بعض التبرعات من الفلسطينيين المغتربين في الدول العربية، كذلك كان لأنصار القضية الفلسطينية من جنسيات وثقافات وديانات مختلفة مساهمة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم برج البراجنة.
المال الذي جمعه أfو السعيد لمدرسة اليرموك كان أكبر من الحاجة، لذا استخدم المبلغ المتبّقي للدروس الخصوصية الداعمة والتي تحتاج الى مال ومكلفة، مشيراً إلى أنه أن لكلّ حملة هدفاً وتنشأ حسب الحاجة والزمن والاولويات.
وفي كل الأحوال، فإن مبادرةٌ بسيطةٌ قد يكون لها أثر كبير في نفوس الطلاب الفلسطينيين اللاجئين في لبنان.
تقول الأم فاتنة عرابي: إن بناتها وهنّ في مدرسة جالود أخبرنها أنّهن فرحن كثيرًا بحصّة القرطاسية.
تقدر عرابي هذه المبادرة التي أتت لتسند أطفال شعبنا، وتشعرهم بأنّ هناك من يقف إلى جانبهم ويسعى لسعادتهم ولو بالقليل، بحسب ما قالت، مشيرةً إلى أنّ الظروف الماديّة عند شريحة كبيرة من العائلات الفلسطينية صعبة للغاية، فالأب الذي بالكاد يستطيع تأمين قوت عائلته اليومي سيفضّل شراء الطعام على شراء القرطاسية.
مبادرات فردية تسلط الضوء على تقصير المعنيين
يتقاطع رأي نسرين الدربي وهي عضو في لجنة أهالي مدرسة الجالود مع رأيّ عرّابي، فتشير الدربي لموقعنا إلى أنّ هذه المبادرة خففت جدًامن أعباء الاهل لكنها غير كافية.
وأوضحت الدربي أنّ أونروا توزّع القرطاسية بعد أكثر من شهر على بدء العام الدراسي، وهذا التأخّر يدفع نتيجته الأهالي الذين يضطرون الى إرهاق أنفسهم وتحمّلهم أعباء حياتية إضافية، كي لا يدخل ابنهم إلى الصف دون دفتر أو قلم
تقول الدربي: أعرف أمًّا طلبت من ابنها كتابة المواد كافة على دفتر واحد لانها لا تملك المال الكافي
لذلك تطالب وكالة "اونروا بالوقوف عند واجباتها وتحمّل مسؤولياتها تجاه اللاجئين، وأن تحترم حقوق الطفل الفلسطيني وتلبّي احتياجاته التي أقلّها حقّه في التعلّم بطريقة سليمةٍ آمنة.
بدورها، قالت عضو المجتمع المحلي في مخيم برج البراجنة فادية خربيتي: إنّ العام الدراسي بدأ بأصعب الظروف الاقتصادية التي تعم على كل الناس، لذا ظهرت مبادرات فردية جميلة، سدّت جزءًا من الاحتياجات، و سلطت الضوء على تقصير الجهات الرسمية وعلى رأسها "أونروا"، التي لاحظوا أنّ بعد مرور أكثر من شهر على العام الدراسي، لا تزال تتخبط، وكلّ هذا نتيجته عدم التخطيط المسبق للعام الدراسي.
تضيف: أن أوضاع الناس على شفا هاوية وهذا العام لا يحتمل هكذا تصرف من قبل الوكالة، حيث إن الجميع بدون استثناء بحاجةٍ لكلّ شيء، لذا كان يجب على "اونروا" وضع خطة منذ بداية العام الدراسي وأن تكون القرطاسية جاهزة ليتسلّمها الطلاب مباشرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق