وكالة القدس للأنباء - مصطفى علي
على الرغم من الظروف الاقتصادية والضائقة المالية، إلا أنه يبقى الهدف الأول والأسمى لدى معظم االشباب الفلسطيني في مخيمات اللجوء، هو العلم ونيل الشهادة الجامعية أو المهنية لتصبح السلاح الوحيد والأمضى الذي يجابه فيه ما يخفيه المستقبل.
شباب وشابات كثر إضطرتهم الحاجة المادية إلى العمل في مهن وأشغال بعيدة عن إختصاصاتهم العلمية. بعزيمة وإصرار وضعوا نصب أعينهم هدف التعلم رغم تلك الضغوطات الحياتية الصعبة التي تحيط بهم، من أجل تحقيق ما يصبون إليه.
ولأن هناك إجحاف لقوانين العمل اللبنانية بحق العامل الفلسطيني من جهة، ولأن هناك فساد ومحسوبيات تشوب دائرة "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا" من جهة أخرى، دائمًا الرياح لا تأتي في صالح الفلسطيني لجهة تأمين فرص عمل تساعده في مواجهة الصعوبات المعيشية.
في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت، نجد النسبة عالية في صفوف الشباب الجامعي والخريجين، الذين دفعتهم الضائقة المالية وقلَة فرص العمل ضمن مشاريع محدودة الأجر والأجل لتحصيل مصروفهم اليومي ودفع أقساطهم الجامعية.
في هذا السياق، يؤكد الشاب الفلسطيني محمد منصور ( 20 عامًا)، والذي يدرس إختصاص هندسة ميكانيك في سنته الجامعية الثانية، لـ "وكالة القدس للأنباء"، أنه أراد أن يخفف العبء المالي عن كاهل والده العاطل عن العمل، من خلال عمله في محل بيع قهوة "الإكسبرس"، والعمل أيضًا لفترة ثمانية أيام في مشروع تكنيس شوارع وأزقة المخيم الذي تقيمه "مؤسسة جفرا الخدماتية، لقاء أجرة 80 دولارًا شهريًا".
ويضيف: "أعمل جاهدًا بأن أوفَق بين عملي ودراستي الجامعية، ولا عيب في العمل طالما العمل شريف".
ويشير منصور إلى أن "العمل في المهن الحرة والشاقة مهم جدًا للطالب الجامعي ، لأنه يصقل شخصيته ويكسبها خبرة في التعامل مع الناس، بالإضافة إلى الشهادة العلمية التي سيحصلها عليها في نهاية الأمر".
دعاء الصالح، (20 عامًا) شابة فلسطينية لاجئة في مخيم شاتيلا، أجبرتها صعوبات الحياة وظروفها الاقتصادية والاجتماعية على ترك مقعد دراستها في مرحلة الثانوية (البكلوريا أولى)، ولكنها أرادت أن تتحدى كل الظروف، فالتحقت في دورة إسعافات أولية ضمن المخيم، وهي تمارس عملها في تقديم الإسعافات الأولية للمرضى من وقت لآخر، على حد قولها لوكالتنا.
أما الشاب إسماعيل مطر، (23 عامًا) وهو إبن مخيم شاتيلا، حائز على إجازة جامعية في المحاسبة وإدارة الأعمال، قد إضطر إلى ترك مكان عمله في إحدى شركات العاصمة بيروت، بسبب عدم زيادة مدير العمل لراتبه الشهري على الرغم أنه كان له مساهمات عدة في تحقيق الأرباح المالية للشركة، حسب ما أوضحه في حديثه لـ"وكالة القدس للأنباء".
ويضيف: "عندما وجدت أن راتبي الشهري لا يكفي أجرة مواصلات لمكان العمل، قررت ترك العمل، وها أنا أعمل في مشروع مؤسسة جفرا في تكنيس شوارع المخيم".
الشاب عبد الجليل دهشة، (20 عامًا) يدرس إختصاص تمريض في سنته الجامعية الثانية، إضطر بدوره أيضًا للعمل في مشروع رفع القمامة التي تنفذه الأونروا في المخيم لمدة شهرين فقط".
ويؤكد دهشة لـ"وكالة القدس للأنباء"، بأنه عمل في مشروع محدود الأجل لمدة 40 يومًا في التنظيفات لكي يحصل على قسط الجامعة. ويقول: "هذا ليس واقعياخ فقط إنما واقع معظم الشباب الفلسطيني في المخيم. ويبقى الأمل لدينا موجود والفرج قريب في العودة إلى فلسطين".
جيهان علي لاجئة فلسطينية في مخيم شاتيلا، وهي خريجة هندسة ديكور من الجامعة اللبنانية، تقول لـ"وكالة القدس للأنباء": "منذ تخرجي وأنا أعاني في الحصول على وظيفة ثابتة بالرغم من حصولي على تقدير درجة عالية في اختصاصي".
وتوضح: "المشكلة هي في قانون العمل اللبناني الذي لا يجيز للفلسطيني الدخول في نقابة المهندسين، ولا حتى يجيز له لمعظم الاختصاصات التابعة للنقابات، وهذا ظلم وإجحاف بحق الفلسطيني لأن العلم ليس محصورا بفئة معينة من الناس".
وتضييف: "هذا الواقع السيء دفعني للعمل في مجال آخر بعيد كليًا عن إختصاصي الجامعي، يمكن أن يؤمن ولو بالقليل مصروفي اليومي".
وتختم: " ما يعزيني في هذه الحالة الاقتصادية المزرية، أنه ليس واقعيا ، إنما هذا حال كافة الفئات الشبابية في المخيمات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق