وفاء بهاني
تعود أصول وجذور اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلى عام 1948م عندما احتل الكيان اليهودي الغاصب أرض فلسطين، بعد أن سُلِّمت إليهم على طبق من ذهب من قِبَل المحتل البريطاني آنذاك، إذ بعد سقوط مدينة حيفا بيد العصابات الصهيونية في نيسان 1948م اشتد قصف القرى التابعة لقضاء حيفا، التي صمدت بدورها صموداً أسطورياً، ومع استمرار القصف البري والبحري والجوي اضطر أهالي قريتَي جبع وعين غزال تحت هذا الدمار والخراب إلى مغادرتها إلى قرية إجزم.
وصل اللاجئون الفلسطينيون إلى العراق عام 1948، عبر حافلات الجيش العراقي الذي قاتل في حرب فلسطين بعام النكبة، وانسحب بعد هزيمة الجيوش العربيّة، مصطحباً معه أعداداً من الفلسطينيين الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية من قرى حيفا، ووصل بهم الى محافظة البصرة جنوبي العراق، وتحديداً في منطقة الشعيبة وذلك لكونها كانت مقراً للجيش العراقي، وقد تم إبلاغهم من قبل الضباط العراقيين بأنّ مجيئهم إلى العراق ليس دائماً كما يروي من عايشوا تلك الفترة.
تولت آنذاك وزارة الدفاع العراقية هذه المهمة. وعليه تم تأسيس مديرية شؤون اللاجئيين الفلسطينيين في العراق، وتشرف هذه المديرية على شؤونهم، وليس لها علاقة بباقي الفلسطينيين الذين وفدوا إلى العراق للإقامة فيه، و قد حددت المديرية تعريف اللاجئ الفلسطيني إلى العراق، بأنه “الإنسان الفلسطيني الذي تهجر من بلده المحتل عام 1948 ودخل إلى العراق وأقام فيه قبل تاريخ 1958 “.
أصبح وضع الفلسطيني مرتبط بسياسة الحكومة العراقية التي تحكم البلاد، وهو ما جعل وضعه القانوني والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي وغيرها مضطرباً وغير مستقر، نتيجة تغيُّر وتقلُّب القوانين والأحوال المتعلقة بهم.
بعد عام ٢٠٠٣ بعد الاحتلال الامريكي للعراق تغيرت الظروف بحق اللاجئيين الفلسطينيين في العراق، وتأزم وضعهم؛ حيث بدأت هناك هجمات منظمة بحق اللاجئين الفلسطينيين بعد تعبئة الناس ضد الوجود الفلسطيني باعتبار انهم من مخلفات عهد الرئيس صدام حسين ووصفوهم بالأجانب ورعايا دولة اخرى لاغين جميع قرارات الدولة العراقية السابقة .
وبعد سلسلة من الهجمات المبرمجة من قبل القوات الاميركية وحملات قتل منظم وطرد وتهجير الآلاف من الفلسطينيين دفعوا ثمنا آخر غير الثمن الذي دفعوه حين النكبة الكبرى، وتهجيرهم من أرضهم، وهو الرحيل، والهروب من أرض العراق للبحث عن الأمان والاستقرار .
وقصدوا سوريا والأردن حيث رفضت الدولتان استقبالهم أيضاً. واضطر هؤلاء إلى نصب الخيام والمكوث فيها لمدة ثلاث سنوات إلى أن تم فتح باب اللجوء لهم في عدة دول مثل البرازيل، والتشيك، وكندا، وبريطانيا، والنروج، بينما هرب المئات منهم عبر البحر نحو أوروبا.
وعلى هذا النحو، يمكن القول إن فلسطينيي العراق يعانون من أشد أنواع الشتات قسوة، بسبب الأحزاب السياسة والمصالح والارتباطات الأيديولوجيّة، والتي كانت تستخدمهم كبطاقة رابحة في ألعابها السياسية ومصالحها، منذ العهود القديمة وحتى وقتنا الحاضر، دون أدنى حضور للمنظمّات الدوليّة المعنية بشؤونهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق