محمد دهشة - نداء الوطن
وسط المشهد الفلسطيني المعقّد والمتشابك، تزامناً مع تداعيات الازمة الاقتصادية والصحية، برز تطوران لافتان على الساحة الفلسطينية في لبنان، أولهما اطلاق بعض الفصائل الفلسطينية مبادرة لانهاء ذيول احداث برج الشمالي بين حركتي "فتح" وحماس"، بعدما أدّت الى القطيعة وتجميد أطر العمل المشترك، وثانيهما اطلاق وكالة "الاونروا" نداء خاصاً لدعم اللاجئين في لبنان الذين تزداد معاناتهم وحاجاتهم يومياً حتى باتوا يكافحون من اجل البقاء على قيد الحياة.
وأبلغت مصادر فلسطينية "نداء الوطن" ان المبادرة الحميدة تقودها 4 فصائل فلسطينية هي "حركة الجهاد الاسلامي" و"القيادة العامة" (تحالف القوى الفلسطينية) والجبهتان "الشعبية والديمقراطية" (فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) وتقوم على 3 عناوين رئيسية:
1ـ حماية المخيمات من خلال قطع الطريق على اي توتير أمني وسط خشية متزايدة من دخول طابور خامس او العدو الاسرائيلي وعملائه على خط صب الزيت على النار واشعال الفتنة بهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني واسقاط رمزية المخيمات كساحات نضال للدفاع عن حق العودة وتالياً فتح باب التهجير او فرض التوطين.
2ـ تطويق آثار احداث مخيم برج الشمالي وتداعياتها على مجمل الوضع الفلسطيني وضرورة البحث الجدي عن السبل الآيلة لتجاوزه وإنهاء آثاره السلبية، بما يحفظ أمن المخيمات واستقرارها ويضمن حقوق الشهداء والجرحى، وترك الامر الى القضاء اللبناني والاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية.
3ـ فتح الباب أمام "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، وتعتبر المرجعية السياسية والامنية للمخيمات، للقيام بدورها وفقا للوثيقة الموقعة من جميع أطرافها، في وقت أحوج ما يكون فيه الشعب الفلسطيني الى وحدة الموقف لمواجهة الضغوط جراء الأزمتين الطاحنتين: الاقتصادية وتراجع خدمات "الأونروا" وجائحة "كورونا".
واوضح ممثل "حركة الجهاد الاسلامي" احسان عطايا لـ"نداء الوطن" ان "المبادرة انطلقت بعدما لمسنا حرصاً من "فتح" و"حماس" وكل الفصائل الفلسطينية على ضرورة انهاء الازمة، ونضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية المخيمات وحفظ امنها واستقرارها، وسنصل ان شاء الله قريباً الى تفاهم يعيد وضع الامور في نصابها الطبيعي، خاصة اننا نعيش في ظروف صعبة ومعقّدة سياسية وأمنية، تستوجب التعالي عن الجراح وطي الخلافات والعمل صفاً واحداً في سبيل الدفاع عن قضيتنا وحق العودة".
ووفق المعلومات، فقد ترجمت المبادرة ميدانياً بلقاء عقد بين مسؤولي الفصائل الاربعة وهم: عطايا عن "الجهاد الاسلامي"، غازي دبور "ابو كفاح" عن "القيادة العامة"، علي فيصل عن "الديمقراطية" ومروان عبد العال عن "الشعبية"، مع أمين سرّ حركة "فتح" وفصائل المنظمة فتحي ابو العردات، على ان تستكمل اليوم بلقاء ثان مع ممثل "حماس" في لبنان احمد عبد الهادي وقيادة الحركة، وسط اتفاق على ضرورة مواصلة هذه الجهود وأهمية استمرارها وإنجاحها.
يذكر ان خلاف "فتح" و"حماس" وقع على خلفية حدثين في برج الشمالي: الاول اندلاع حريق وانفجار في مسجد قضى فيه حمزة شاهين (10 كانون الاول 2021)، والثاني اطلاق نار على موكب تشييعه (12 كانون الاول)، ما ادى الى سقوط 3 ضحايا واتهمت "حماس"، "الامن الوطني الفلسطيني" باطلاق النار والقتل المتعمّد، بينما نفى الاخير ذلك وابدى كل استعداد لتسليم اي متورط باطلاق النار.
نداء "الاونروا"
بينما التطور الثاني تمثّل بإطلاق "الأونروا" نداء خاصاً لدعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان واللاجئين الذين أتوا من سوريا إلى لبنان، المتضررين جراء الأزمات الاجتماعية والاقتصادية العميقة وأزمة جائحة كوفيد-19 والنداء هو جزء من الميزانية الإجمالية البالغة 1.6 مليار دولار أميركي للعام 2022 والتي تحتاجها الوكالة لتقديم خدماتها الحيوية بما في ذلك التعليم والصحة والمساعدات الغذائية.
وقال مدير شؤون "الأونروا" في لبنان كلاوديو كوردوني: "في حين أن الأزمة الحالية تؤثر على الجميع في لبنان، فإن معاناة لاجئي فلسطين أكبر بالنظر إلى وضعهم الصعب أصلاً في لبنان.. إنهم يكافحون من أجل البقاء، وقد ازدادت احتياجاتهم بشكل كبير مع وصول معدلات الفقر إلى 87% في أوساط لاجئي فلسطين من سوريا".
وحذرت نائبة المفوض العام لـ"الاونروا" ليني ستينسيث من نقص التمويل المزمن للوكالة الذي يؤثر على ميزانيتها الأساسية وميزانية الطوارئ. وناشدت المجتمع الدولي "المساعدة في الحفاظ على دور "الاونروا" الحيوي والذي لا بديل عنه في المنطقة وخاصة في لبنان".
وامل سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية اشرف دبور بالاستجابة إلى نداء "الأونروا"، فيما اعتبر رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني الدكتور باسل الحسن ان النداء "يأتي مكمّلا لرغبة الحكومة اللبنانية من اجل تجنب الوقوع في الاسوأ الذي سيطال مكتسبات العيش ومقاصد الحياة الرئيسية بالحق في التعلم والطبابة وكل الحقوق الاخرى التي نتعهد ان نبقى نناضل من اجلها ومن اجل إرساء قيمها ومفاهيمها في مجتمعاتنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق