وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي
بعدما انقطعت جميع السبل في وجه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قررت بعض العائلات خوض مغامرات عدة، بحثاً عن حياة أفضل، دون معرفة ماذا سيكون مصيرهم، لأن هدفهم الأساسي هو الخلاص، ما اضطر بعضهم إلى بيع منازلهم وكل ما يملكون من أجل تأمين تكاليف هجرتهم، البعض منهم وصل إلى شاطئ الأمان، كما يعتقدون، والبعض الآخر اضطر إلى الرجوع والعودة من الصفر، ناهيك عن الأفراد الذين ما زالوا حتى اللحظة في عداد المفقودين.
وفي هذا السياق، روت الحاجة أم عمر، وهي فلسطينية لاجئة في لبنان، وتقطن في إحدى مخيمات الجنوب، ل"وكالة القدس للأنباء" عن تجربتها، قائلة: "هاجر ابني إلى ألمانيا منذ ٥ سنوات، بعدما ضاقت به الحياة ٩ في لبنان، ولم يعد يستطيع التحمل أكثر بعدما درس ٤ سنوات في الجامعة، وتخرج ولم يجد عملاً، واستمر بحثه ٣ سنوات، وأصابه اكتئاب حاد بسبب هذا الأمر"، مبينة أنه "ومع موجة الهجرة التي كثرت في ذلك الحين، قررنا ارساله إلى الخارج، تواصلنا مع سمسار، وأمّنا له المبلغ المطلوب، وبعد رحلة عذاب طويلة، كاد يفقد حياته أكثر من مرة، وصل إلى شاطئ الأمان، وبدأ حياته في الاغتراب".
وأضافت: "منذ ٣ أشهر قررت أنا وزوجي وبناتي اللحاق به، وكانت الخطة أن نذهب إلى بلاروسيا عن طريق دبي، وبعدها إلى بولندا كي نصل إلى ألمانيا"، موضحة أنها "في البداية بعنا منزلنا، واستأجرنا منزلاً إلى حين تأمين كامل المبلغ، وتدينا مبلغاً من المال، وبعدها حانت اللحظة، ذهبنا إلى دبي ووصلنا إلى بلاروسيا، وهناك تركنا السمسار وقال لنا "دبروا حالكو"، لم تكن هكذا الخطة، مشينا في الغابات لمدة ٥ أيام دون أن نعرف إلى أين ذاهبين، بقينا في مستنقع المياه القذرة لمدة ٣ أيام، دون طعام ولا شراب، أجسامنا تجعدت من المياه، وزوجي تعب كثيراً".
وأشارت إلى أنه "من المعروف أن المنطقة التي تركنا فيها، خطرة جداً وفيها سماسرة وتجار بشر، التقينا بأحد الشبان، كان قادماً من بلد آخر، وأخبرنا أننا إذا أكملنا طريقنا يوجد خطورة كبيرة، فهناك "عصابة" تجار بشر، وقتلوا إمرأة، شعرت بخوف شديد على بناتي، فابنتي سارة تبلغ ٢١ عاماً، ولانا ٢٧ عاماً، وما كان بنا إلا أن نتخذ القرار المناسب بالعودة، لكن إلى أين نعود لم يتبق لنا شيء، نعود من أجله!".
وبينت أن "زوجي لم يعد باستطاعته المشي، وأنا فقدت حذائي وتمزقت ثيابي، وكذلك بناتي، عدنا إلى دبي انتظرنا مدة ٤ ساعات في المطار منهكين، ووصلنا إلى لبنان، وانتظرنا أيضاً ١٢ ساعة حتى استطعنا الدخول إلى سوريا، ونحن الآن في منزل ابنتي المتزوجة هناك، وحتى اللحظة مصدومة مما حصل، وغير مصدقة أننا عدنا وما زلنا على قيد الحياة، كدت أن أفقد زوجي عدة مرات في الطريق".
وفي نهاية حديثها، قالت أم عمر "بعد تجربتي هذه، لا أنصح بالهجرة غير الشرعية أبداً، نحن شعب كتب عليه أن يعيش مظلوماً، لكن في النهاية لا بد أن هناك عدالة إلهية"، مبينة أن "هناك الكثير من السماسرة الذين يستغلون أوضاع الناس، من أجل مصالحهم، يكذبون ولا يوفون بكلامهم، وهناك الكثير من أمثالنا الذين خاضوا هذه التجربة، اختاروا أن يخاطروا بحياتهم وحياة أولادهم، وباعوا كل ما يمكلون في النهاية رجعوا إلى ما تحت الصفر، وبعضهم ما زالوا مفقودين حتى اليوم، ولا يعرف مصيرهم أموات هم أم أحياء".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق