اعتصم حشد من أهالي مخيم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان، صباح أمس الاثنين 23 أيّار/ مايو، أمام عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" للمطالبة بإنقاذ حياة الطفلة الفلسطينية بتول جهاد زيداني، التي تعاني من مرض جيني مزمن، يتطلّب علاجاً دائماً ومكلفاً، ووضع وكالة "أونروا" أمام مسؤولياتها في توفير العلاج للطفلة.
يأتي الاعتصام، في وقت ينفّذ فيه والد بتول، جهاد زيداني إضراباً عن الطعام منذ 19 من أيّار/ مايو الجاري، وذلك بعد 4 سنوات من السعي من أجل تأمين دعم وتغطية لعلاج ابنته، في ظل ما يصفه "استهتاراً" من قبل وكالة "أونروا" ممثلة بمدير قسم الصحّة لديها في منطقة صور حمد حيدر، وفق ما قال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
ويشرح والد الطفلة: "ابنتي تعاني من 3 أمراض ناتجة عن مرض واحد بالجينات، وهذا يسبب عمى بالعيون ومضاعفات تؤدي الى فقدان الحياة"، مضيفاً أن آخر مرة ذهب الى العيادة، كانت ابنته تعاني من عينيها بسبب تأخر العلاج، فيما لم تقدم الوكالة العلاج اللازم ولم تهتم بأوراقها، ولم يحولها مدير قسم الصحة إلى الجمعيات المعنية بالمرضى المحتاجين، ولم يوصل ملفها لإدارة الوكالة العليا، حسب قوله.
وتحتاج الطفلة بتول لإبرة علاج أسبوعياً، تبلغ قيمة الواحدة منها 1260 دولاراً أمريكياً، وبدأت رحلة علاجها بها منذ 4 سنوات، فيما لا تقوى العائلة على تأمين ثمنها، وتعتمد على التبرعات وما تحصله من هنا وهناك، حسبما أشار والد الطفلة لموقعنا.
إشكال مع مدير قسم الصحة أدانته "أونروا"
وتفاعلت قضيّة الطفلة بتول، بالتوازي مع حادثة مرتبطة، أثارت حفيظة الفصائل الفلسطينية ووكالة "أونروا" وإداناتهم.
وقالت "أونروا" في بيان لها: إنّ مدير قطاع الصحّة لديها في منطقة صور، قد تعرّض لاعتداء خلال زيارته عيادة الوكالة في مخيّم البصّ، حيث "دخل شخص العيادة واعتدى على مسؤول الصحة لفظياً وجسدياً مستخدماً كرسياً ما تسبب في إصابة المسؤول برضوض متعددة في جسمه بما فيها إصابة في الرقبة واليد." في إشارة إلى والد الطفلة بتول.
وأضافت: "كان هذا الشخص يطالب بسداد مبلغ مالي دفعه لقاء أدوية لابنته من خارج الإجراءات المعتمدة من قبل الأونروا، والتي يعرفها هذا الشخص وكان يستخدمها في السابق، إن سياسة الأونروا تسمح بتغطية 30٪ لمثل هذه الأدوية والوكالة مستعدة لمواصلة هذا الدعم." حسبما أوردت الوكالة في بيانها الذ أدانت فيه "الاعتداء".
والد الطفلة يسرد روايته لما حدث
والد بتول، جهاد زيداني، أوضح لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" حيثيّات الحادث، وعبّر عن تحمله مسؤولية الفعل الذي مارسه تجاه الدكتور حمد حيدر، ووصفه بـ "رد الفعل والخطأ" مردّه الشعور بالظلم، وتلقيه إساءة مباشرة من الدكتور حمد، عدا عن مسيرة طويلة من "الاستهتار" بحياة ابنته وفي وإهمال ملفها من قبل الدكتور، وهي تعاني مرضاً نادراً ومزمناً وخطيراً، وعلاجه مكلف بشكل كبير، وقد يؤدي إهماله في فقدان حياتها، حسب قوله.
وأشار زيداني، إلى أنّ الحادث اقتصر على ملاسنة، ومن ثمّ احتكاك جسدي طفيف "مسك من الملابس"، ولم يتوجه للدكتور حمد بالشتيمة والإهانة، إنما طالبه بتحمّل مسؤولياته، ووجه له كلمات تتعلق بنقد عمله بالوكالة "وسلوكه واستهتاره"، ليقوم الدكتور بطرده من العيادة ووصفه بـ"عديم التربية" وهو ما أثار غضب زيداني الذي تصرّف "برد فعل" حسب قوله.
ونفى زيداني، أن يكون تصرّفه تجاه الدكتور حمد، نابعاً عن نيّة مبيّته، وأوضح في سرده لتفاصيل ما جرى، أنّه التقى بالدكتور حمد صدفةً في العيادة بمخيم البص يوم الخميس 19 أيار/ مايو الجاري، وسأله عن فواتير عالقة منذ أشهر طويلة تتعلّق بتغطية الإبر الخاصّة بعلاج ابنته، كان الدكتور حمد قد وعده بمتابعة أمرها مع المدير العام لوكالة "أونروا" في بيروت كلاوديو كوردوني.
وتابع زيداني، أنّ الدكتور حمد أجابه بأنّ الفواتير قد رُفضت، فطلب منه أن يوضّح سبب الرفض، وأشار الدكتور له بأنّ تحويل الفواتير جاء بقرار من مدير قسم الصحّة في حينها عبد الحكيم شناعة، ومدير عام الوكالة على علم بها، وتساءل " هل يعقل أنّ كلا المسؤولين لا يعلمان أنّ الوكالة بأزمة مالية وليس عندها أموال في خزينتها؟"
وأضاف والد الطفلة، أن "الدكتور حمد حيدر حين تلقى كلامي، تغيرت ملامح وجهه، وصار يعاملني بلؤم وأشار لي بأن الوكالة توفر تغطية 30 بالمئة من خلال شراء الأدوية من صيدلية حيرام في صور" ما يعني أنّ الوكالة ستدفع هذه النسبة فقط وستتكبد العائلة تكلفة 70%، من سعر الإبر، التي تبلغ قيمة الإبرة الواحدة منها 1260 دولاراً أمريكياً، حسبما أشار.
واستغرب والد الطفلة، ما اعتبره محاولة من قبل الدكتور حمد إزاحة المسؤولية عن الوكالة، ورميها على منظمة التحرير، وأوضح، أنّه سأل الدكتور حمد "من أين سأوفر قيمة 70% من سعر الابرة"؟ فأجابه من منظمة التحرير، معتبراً أن ذلك الجواب غير مقبول من مسؤول بالوكالة، "في وقت لن تدفع المنظمة"
وتابع ، بأنّ النقاش تطوّر مع مدير الصحّة حمد حيدر، ووجه له عدّة كلمات، من قبيل "أنت لا تعرف شيء في الوكالة وكيف تسير أمور التحويلات والمحسوبيات وسواها" ليجيبه الدكتور: " أنت لا تعرف" ليقول له والد الطفلة:" أنت إذا أردت فعل شيء بإمكانك حل الأمور بسهولة" وهو يخرج من باب العيادة، معتبراً أنّ الدكتور أهمل متابعة الملف ولم يهتم به لأسباب تتعلّق بالمحسوبيات، حسبما أشار في حديثه لموقعنا.
وأردف زيداني، بأنّ كلامه أثار غصب الدكتور، وسمعه يقول له: " اخرج من العيادة انت عديم التربية" وهو ما اعتبره والد الطفلة إهانة لكرامته غير مقبولة من دكتور محترم ومسؤول عن كرامات الناس، فعاد إليه وقال له " انت من يجب أن يكون خارج هذه العيادة منذ 4 سنوات" وحصلت مشادة ومسك وتدافع بحضور أحد أطباء العيادة. حسبما سرد والد الطفلة حول تفاصيل الحادثة وفق روايته لموقعنا.
معاناة 4 سنوات
واعتبر والد الطفلة، أنّ تصرّفه مع الدكتور حمد، وإعلانه الاضراب عن الطعام وتنفيذ اعتصامات وإغلاق عيادة الوكالة، جاء بعد معاناة عمرها 4 سنوات مع الطبيب ذاته، منذ اكتشاف مرض ابنته النادر والمكلف، والذي يهدد حياتها.
وقال زيداني: إنّ "وكالة الاونروا هي المسؤول الأوّل عن صحّة اللاجئين الفلسطينيين، وهذه المسؤولية دفعتني للذهاب إلى الدكتور حمد إلى العيادة قبل أن يصبح مديراً لقسم الصحّة، لإخباره عن المرض وقدمت له التقارير الطبيّة، وشرحت له حاجة الطفلة لإبرة كل أسبوع، وطلبت منه إيصال الملف إلى مدير عام الوكالة في لبنان "كلاوديو كوردوني"، ومسؤول برنامج الشؤون." على أمل أن يحصل على تغطية، وأن تنضم أطراف أخرى كسفارة السلطة الفلسطينيية في بيروت بالمساهمة.
الّا أنّ الدكتور حمد أجابه، بأنّ "الوكالة لديها عجز مالي، ولا تستطيع علاج الطفلة، وبأنه سيوصل الملف والتقارير إلى مدير عام الوكالة في بيروت، إضافة إلى تحويل جلبته زوجتي من قبل الطبيب محمود رحمة موجّه لإحدى الجمعيات التي تساعد في هكذا حالات"، بحسب زيداني.
وتابع والد الطفلة، بأنّه راجع الدكتور حمد بعد أسبوعين، وسأله عمّا إذا كان قد أوصل الملفات إلى المدير العام كلاودو كوردوني، فكان جوابه بلا، دون تقديم إيضاحات عن السبب.
ودفع ذلك زيداني للاتصال بالدكتور في قطاع الصحّة فوزي كسّاب وشرح له الموقف، وقال: له إنّه يطلب حقّاً ولا يستجدي حسنة من أحد، إلّا أنّ الأخير قد قال له: " روحوا اعملوا الي بدكم اياه وسكروا العيادات" في كلام اعتبره والد الطفلة بانه استفزاز لهم لدفعهم على هذا الفعل.
وشدد والد الطفلة، على أنّ ما تلقاه من الدكتور حمد، إهمال واضح لحالة الطفلة، واستهتار بها، وعدم تقديم ملفها للمدير العام للوكالة.
ودلل زيداني على ذلك، باستجابة مدير العام الوكالة لطلبه، حين عرض عليه الأمر بعد أن التقاه صدفة في عيادة "أونروا" بالمخيّم، بحضور الدكتور فوزي كساب والدكتور حمد، ومدير مخيم البص حاليا رائد الأحمد، واشتكى ما حدث معه للمدير "كلاوديو كوردوني"، مضيفاً أنّ المدير العام حين عرف بقصة بتول، قرر صرف تغطية نصف قيمة الأبر.
وأشار زيداني، إلى أنّ تغطية الوكالة بنسبة 50% لم تستمر طويلاً وجرى قضمها بالتقليصات والعجز المالي، وكان طوال الفترة يتم توفير العلاج عبر تبرعات وجمعيات، كانت تقدم ما تيسّر من دعم. إضافة إلى تغطية قدمتها سفارة السلطة الفلسطينية في بيروت واستمر على ذلك لمدّة عامين.
الّا أّنّ حاجته المستجدة للدعم وتغطية التكاليف، دفعته للتوجه إلى الوكالة مجدداً، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالمخيمات جراء الأزمة اللبنانية، وارتفاع أسعار الدواء، وشّح الدعم، ليتعرض لمسيرة جديدة من "الإهمال والاستهتار" وفق قوله.
وقال زيداني، إنّه طلب من صهره التوجه للدكتور حمد حيدر والدكتور عبد الحكيم شناعة مسؤول قسم الصحة السابق، وسؤالهما ما إذا الوكالة تغطي فواتير علاج ابنته، خلال لقائمها صدفة العام 2021، بالقرب من المستشفى الحكومي في مخيم البص، وأجابه الدكتور شناعة بأنّه يستطيع تقديم الفواتير.
وأضاف، بالفعل قمت بجلب فاتورة وتقديمها للعيادة، وانتظرت أكثر من 10 أشهر، في كل شهر اسأل الموظفة عن جواب حولها، وتجيبني بالنفي، حتّى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث جرى تعيين مدير جديد لمنطقة صور وهو محمد أبو عطية.
وأشار زيداني، إلى أنّه التقى مجدداً بمدير عام "أونروا" في لبنان، كلاوديو كوردوني، في مستشفى سعد الله التابع للمنظمة في صور، وطرح عليه الأمر، فقال له تابع الموضوع مع مدير المنطقة في الجديد في صور محمد أبو عطية.
وتابع:" ذهبت إلى الأستاذ محمد أبو عطية، وسألني ما المطلوب، فعرفته عن نفسي، وبأنّي والد الطفلة بتول الذي قال لك المدير العام تابع موضوعي، وقال لي أنّ الأمر قد تم." وأضاف أنّه بعد مدّة أبلغه مدير المخيّم رائد الأحمد عبر اتصال هاتفي، بأنّ يذهب إلى العيادة ويقدّم فاتورة.
وهو ما حصل بالفعل، وتقدّم والد بتول بفاتورة عن شهري 11 و12 من العام 2021، الّا أنّ الأشهر مضت، إلى شهر نيسان/ أبريل 2022، ولم يتلّقّى والد الطفلة ايّة إجابة، علماً أنّه خلال هذه الفترة كان يتابع شهرياً مع الدكتور حمد حيدر، من أجل مراجعة الإدارة في بيروت. حسبما قال في حديثه.
وأضاف، أنّه بشهر نيسان/ أبريل الفائت، ذهب إلى مدير منطقة صور محمد أبو عطية، وسأله عن أوراق ابنته بتول، وماذا حلّ بمصيرها، وما إذا كان هناك جواب حولها من بيروت أم لا، وقال له بأنّ لا أحد يجيبه حول مصير الفواتير، فأجابه الأخير بأنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع، وقام باستدعاء الدكتور حمد حيدر لكونه مطل على الملف.
وتابع :" جلسنا مع بعض أنا والدكتور حمد والدكتور أبو عطية لمدّة 3 دقائق، وكلفّه بمتابعة الأمر مع الإدارة العامّة للوكالة في بيروت." حتّى تاريخ 19 أيّار/ مايو الجاري، "حين أبلغني الدكتور حمد بالرفض، وحدث ما حدث."
من جهتها، ضمّنت وكالة " أونروا" في بيان ادانتها للاعتداء على موظفيها، ومن ضمنها حادثة والد الطفلة بتول جهاد زيداني مع مدير قسم الصحّة في صور الدكتور حمد حيدر، أنها تقوم بتغطية 30% من قيمة الدواء للطفلة، وستستمر بتقديمها، وهو ما نفاه والد الطفلة الذي أكّد أنّه لم يتبلغ بالقرار سوى في شهر نيسان/ الفائت، ولم يستفد منه بشيء لعدم اخباره بآلية تنفيذه، فيما الفواتير لم يجر البت بها.
وختم زيداني حديثه لموقعنا، بقوله " أنا انظلمت والظلم صعب، ولا أريد سوى الحقيقة، ولماذا استهترت الوكالة والدكتور حمد بملف ابنتي" مضيفاً:" في ناس بتفوت مستشفيات بسهولة وبيوم واحد، وناس بدها 3 أيام لتدخل، والتحويلات كلها بيد مدير قسم الصحّة وبناء على محسوبيات، عدا عن التعامل الفوقي" وفق قوله، ودعا الرأي العام والصحافة للتوجه إلى المخيمات في صور وإجراء استفتاء حول أداء قسم الصحّة وتعامله مع الناس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق