وصّف المطران جورج خضر، إسرائيل مرّةً بالقول: "حُبل بها بالإثم وولدت بالخطيئة". وقال أيضًا في السياق ذاته: "القدس محرّم علينا الذهاب اليها عربيًا، على المستوى الشخصي، لا أريد الذهاب الى القدس قبل أن أموت، حتى لو أتيح لي ذلك، لأنّ أعصابي لا تتحمّل ان أسلّم "جواز السفر" الى عسكري "اسرائيلي".
هذا كلام يستطيع أن يتبنّاه كلّ شخص يعرف تاريخ هذه الدولة الغاصبة، هذه الدولة التي لا تعيش إلا على دم الأبرياء، وتبرّر دائمًا جرائمها، "وتتعلل بعلل الخطايا".
إسرائيل التي لا ترحم، قتلت ابنة بيت لحم. قتلت ابنة فلسطين، كما قتلت قبلها كثيرين، هكذا قتلت شيرين أبو عاقلة. قتلتها لأنّها صوت الحقّ والحقيقة. قتلت هذه الإعلامية النشيطة أمام أعين الدول العظمى. إسرائيل التي لا تعرف العدل والعدالة، تقوم بسياسة ممنهجة في زيادة جرائمها، داخل فلسطين المحتلّة وخارجها، وتسخّر أشخاصًا وشعوبًا في خدمة مصالحها، هنا وثمّة، لكي تبقى مسيطرة على العالم أجمع.
الفكر الاسرائيلي قائم على قتل كلّ صوت يعلو في الحق. والخطورة في تعامل الإعلام العربي، بالإجمال، مع حدث مقتل شيرين كحادث سير، والغرب علّق على مقتلها، فقط للحفاظ على ماء الوجه. قصّة شيرين يجب أن تهزّ ضمائر العالم، فشيرين تختصر باستشهادها، كافة الشهداء الذين يغتالهم هذا الوحش الاسرائيلي، الذي لا يشبع من قتل الناس، ليرتوي من دمائهم الطاهرة.
إسرائيل التي نعاني من بطشها وجبروتها، تغتالنا كلّ يوم، وتغتال ضمائر كثرٍ في العالم، لكي يبقى كيانها مسيطرًا على العالم ومسيّرًا له. مقتل شيرين لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، فمن المفترض أن يكون للدول، التي تدّعي الديمقراطية في العالم، أن تتحرر ولو لمرّة واحدة من بطش اللوبي الإسرائيلي، وتطالب بالعدالة لدم شيرين، ومن خلالها المطالبة بالعدالة لكلّ الشهداء الذين سقطوا ويسقطون يوميًّا على يد الجيش الاسرائيلي المفترس. هذا الجيش مع الشرطة الإسرائيلية، الذين حرموا المسيحيين، بالأمس القريب، من الإحتفال بفصحهم في كنيسة القيامة كما يجب، وهم يمنعون، بشكل تعسّفي، ويقيّدون أيضًا المسلمين التائقين لصلاة الجمعة في المسجد الأقصى.
لماذا لا تشكّل الأمم المتحدة لجنة تحقيق دولّية، أو الذهاب للجنة الجرائم الدوليّة، للحصول على عدالة شيرين وعدالة محمد الدرّة وغيرهما، أم هذا حكرٌ على الدول الشبيهة بلبنان، الدول المستضعفة التي تريد الدول العظمى، خدمة هذا الكيان الغاصب، والدفاع عنه في كل المحافل.
أستغرب كيف لدول أن تدعونا، لنمارس الديمقراطيّة الإنتخابيّة هذا الأحد، وسفراءهم يحرّضوننا على بعضنا البعض، وبعضهم الآخر يستغلّون الشعب ويشترون الضمائر، ويسخّرون الإعلام، ويدعمون فئة للإنقلاب على شركائهم في الوطن، بدلًا من دعم الدولة لإيجاد حلول للكهرباء والأزمات الإقتصاديّة والمعيشيّة، وأكبر مثل ما شهدناه من غابات إعلاميّة واعلانيّة، مع شعارات طنّانة ورنّانة، والهدف واحد، ضرب الشعب اللبناني وخلق الفتنة الداخليّة، والمستفيد الأول إسرائيل، ودول عظمى واقليميّة، ليبقى هذا البلد مسرحًا وملعبًا يتبارون عليه.
في المقابل تحاول هذه الدول، وبشكل دائم، وضع أقنعة على سياسة الإسرائيليين، ويتغاضون عن جرائمها الموصوفة، والناتجة عن سابق تصوّر وتصميم. للأسف لا يقدرون إلا على شعوبنا المغبونة، كأنّنا لقمة سائغة. وقمّة الوقاحة عندهم بإرسال مندوبين إلى الدول العربيّة للبحث والتنسيق بأهميّة تحقيق وتقدم ملموس ومستدام لحماية حقوق الإنسان، وهم يدعمون إسرائيل للتنكيل بهذه الشعوب، من فلسطين إلى لبنان.
ألم تأتِ الساعة لكي تنعم هذه المنطقة باستقرار فعلي؟ تعبنا حروبًا وقتلًا ودمارًا! شبعنا دمًا وشهداءَ وأضاحي بشرية!.
أرجوك يارب أنقذنا من هذا الوجع والألم والحزن، وخلّص هذا الشرق الذي ولد فيه يسوع، واختاره لنشر بشارة المحبة والسلام في العالم.
نسألك يا الله الرحمة لشيرين، عروسة الإعلام وشهيدة الحقيقة، أن تنيّح نفسها، وتلهم أهلها وشعبها وزملاءها، التعزية والصبر والسلوان، وأن تكون دماؤها الزكيّة قربانًا على مذبح هذا الشرق المعذّب، وصحوة ضمير لطغاة هذا العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق