محمد السعيد/ لاجئ نت
مخيم برج الشمالي الواقع شرق مدينة صور عرفه الناس بمخيم الشهداء، لما قدمه من تضحيات في سبيل الدفاع عن فلسطين ومن اجل حق العودة. فقدم اول شهيد للثورة الفلسطينية في مخيمات منطقة صور عام 1968 هو الشهيد مرعي. وسجل المخيم بطولات في التصدي للاجتياح الاسرائيلي عام 1982 حيث واجه جنود الاحتلال بقوة وبسالة عالية وتحدى أعتى قوة عسكرية وانتصر عليها ببضعة مقاتلين بقيادة بلال الأوسط ليواجه مع بضعة مقاتلين من ابناء المخيم بقوة وببسالة عالية الاحتلال الاسرائيلي فقتلوا العديد من جنوده ودمروا أكثر من 16 دبابة وآلية عسكرية واسروا 4 جنود بينهم ضابط اثناء التصدي للاجتياح الاسرائيلي عام 1982 بحسب الروايات من احد المقاتلين.
معركة المخيم
قبل 40 عاماً وعلى مدرار يومين في الرابع والخامس من شهر حزيران عام 1982، يروي أحد المشاركين في المعركة أبو جهاد نصار لشبكة "لاجئ نت"، تعرضت مناطق الجنوب وخاصة مناطق صور ومخيماتها لغارات الطيران الحربي الإسرائيلي وللقصف المدفعي. كما قامت سفن سلاح البحر الإسرائيلي بقصف مناطق عدة في محاذاة الساحل اللبناني.
وقبل يوم المجزرة وصلت الدبابات والآليات الإسرائيلية إلى مشارف المخيم وهي ترفع الأعلام اللبنانية، ظننا بالبداية انها قوات تابعة للجيش اللبناني العربي بقيادة أحمد الخطيب، إلا أن احد المقاتلين كان يعمل في الاستطلاع سرعان ما تأكد من هويتها وبدأنا بالتصدي لها.
حاولت الدبابات التقدم من المدخل الرئيسي جنوبي المخيم والشمالي الشرقي للمخيم منطقة الرمالة، وتمكنا بالأسلحة الخفيفة وقذائف الـRPJ من تدمير عدة جرافات وآليات ما أجبر القوة الصهيونية على الانكفاء ، وتمكن المقاتلون في ذلك اليوم من اسر 4 أفراد من الجيش الاسرائيلي اثنـان مـنهم كانـا أصـيبا بجـروح .
تابع أبو جهاد حديثه، حاولت القوات الإسرائيلية، نحو الثالثة عصراً، التقدم إلى المدخل الشرقي للمخيم في اتجاه مدرسة فلسطين. وكان بين الدبابات جرافة. تم تدمير الجرافة ودبابة واحدة، الأمر الذي أجبر القوة المتقدمة على الانكفاء.
عُقد اجتماع نحو السادسة مساءً لقادة المجموعات المقاتلة بقيادة بلال الأوسط بهدف إعادة توزيع المجموعات على محاور القتال، بعد أن تركز ثقل القوات الإسرائيلية عند المدخل الشرقي للمخيم، وعند مدخله الرئيسي من جهة الجنوب.
سمعنا نحو الثامنة ليلاً أصوات انفجارات وإطلاق نار داخل المخيم باتجاه مدرسة الصرفند. تحركت بعض المجموعات في هذا الاتجاه لتجد الدبابات الإسرائيلية داخل المدرسة على سطح الملجأ الذي يؤوي عدداً من الأهالي لتأخذهم دروع بشرية، كان في محيط المدرسة مجموعة مقاتلة قررت عدم التصدي للدبابات خوفاً على الأهالي داخل الملجأ.
بعدها بدأت احد المجموعات بمهاجمة الدبابات المتقدمة وتم التصدي لها وتدمير نحو 3 دبابات وشاهدنا بعض الجنود يفرون من دباباتهم باتجاه المؤسسة وقمنا بتفكيك الاسلحة الرشاشة الموجودة على الدبابات المدمرة والتي خلفها وراءهم جنود الاحتلال.
عند الساعة الثالثة فجراً شنت القوات الاسرائيلية هجوماً من ناحية بستان أبو خليل من ناحية الجنوب وتصدت لها المجموعات ودمرت دبابة واحدة على الاقل ومنعت الهجوم.
وفي منطقة الرمالة من منطقة الشمال الشرقي للمخيم تحركت الدبابات عند الساعة الرابعة من فجر اليوم ذاته في محاولة منها للتقدم وشن هجوم اخر الا ان المجموعات المقاتلة اوقفتها ودمرت الدبابات هناك.
وفي اليوم السابع من حزيران أي يوم المجزرة ، كررت القوات الاسرائيلية نداءاتها بالاستسلام وبخروج المقاتلين من المخيم وقامت بقصف جوي مدفعي تدميري لمداخل المخيم كافة استمر لخمس ساعات وبدأ القصف، إلا ان القصف تركز من الناحية الشرقية للمخيم أي منطقة ملجأ الحولة وحوش أبو خنجر والملاجئ الاخرى لعلمهم بوجود الاسرى الصهاينة في القطاع الغربي من المخيم، وفوجئنا بالدبابات الإسرائيلية تتقدم في اتجاه المداخل كافة.
تصدى المقاتلون للدبابات ببسالة ومنعت تقدمها، وتوجه البعض الآخر لتفقد الملاجئ بعد القصف المكثف، ولتأمين حاجات الأهالي من المواد التموينية.
نفذ الطيران الإسرائيلي ما بين الخامسة عصراً والثامنة مساءً المجزرة وشن غارات وحشية في عمق المخيم وفي محيطه طالت الملاجئ والمغاور التي لجأ إليها المدنيون استخدمت فيها القنابل الفوسفورية الحارقة في ضرب الملاجئ والمغاور وكانت الحصيلة النهائية لهذا القصف أكثر من 120 ضحية.
وفي اليوم نفسه عقد اجتماعاً عند الساعة العاشرة مساءاً بقيادة بلال الأوسط قائد القطاع الاوسط من أجل إيقاف القتال حفاظاً على أرواح من بقي حياً منهم ، واتخذ قرار الانسحاب من المخيم في تشكيلات قتالية وتجمع نحو 80 مقاتلا في حي صفورية وانسحبنا في البساتين المجاورة للمخيم وانقسمنا إلى مجموعات قتالية اصطحبت معها الأسرى الإسرائيليين.
ربما يظن البعض ان المخيم قد سقط وان الاحتلال نجح في اجتياح المخيم بفعل مجزرته البشعة التي ذهب ضحيتها اكثر من 120 شهيداً وتحويله إلى قبر جماعي حتى لا يكون هناك انتصار للمخيم، ولكن الحقيقة هي أن المخيم ارتقي إلى قمة المجد ونقش حروف اسمه من نور ليبقي رمزا لصمود وبطولة شعب ويبقي شاهداً على عصابات إرهابية اغتصبت أرضا لتقيم عليها مذبحا لقتل وإبادة شعوب هم أصحاب الأرض الحقيقيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق