وكالة القدس للأنباء – ميرنا الحسين
تشكل المراكز الثقافية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، جزءاً لا يتجزأ من هوية الشعب الفلسطيني وتاريخه الحضاري، حتى لو كانت قليلة إلا أنها تجمع بين الجمال، الحب، الفرح، والصمود في قالب واحد، لتعطي وجهاً آخر يخترق الصورة النمطية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، التي أنتجتها الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة، وجهاً يشبه روح الشباب الثائر والمتمرد، والمصر على رفع راية فلسطين، وتعزيز ثقافة الانتماء لدى أوساط واسعة من الفئات الشبابية الفلسطينية، لتبقى القضية حاضرة في العقل والقلب والوجدان.
وتنتشر هذه المراكز الثقافية في مختلف المخيمات الفلسطينية وتعمل على مواكبة الحركة الثقافية الفلسطينية، وتنظيمها وتنشيط فعالياتها على مدار السنة، وبخاصة في فصل الصيف.
ففي مخيم برج البراجنة، في ضاحية بيروت الجنوبية، ينشط "مركز النقب للأنشطة الثقافية" على مدار السنة، ويقدم برامج ونشاطات وفعاليات ترفع من وعي الجيل الصاعد بقضيته وتعزز تمسكه بأرضه، وبتحريرها من النهر الى البحر، وبحق عودة اللاجئين الى ديارهم وأملاكهم، بعزة وكرامة..
ولمعرفة المزيد عن واقع مركز النقب للأنشطة الثقافية، وبرامجه وأنشطته ودوره في مخيم برج البراجنة، تحدثت "وكالة القدس للأنباء" مع محمد أبوعلي وهو أحد المتطوعين العاملين في المركز، قال: "نهدف من خلال هذا المركز إلى إنشاء جيل واع، قادر على تحمل المسؤولية، يخدم مجتمعه، يدرك ما هي فلسطين كاملة 27.000 كلم2".
وأضاف: "نعمل على مبادىء عدة داخل المركز أبرزها الاستقلالية المادية، واستقلالية القرار، والعمل التطوعي، ومقاطعة البضائع التي تدعم "إسرائيل".
وفيما يخص اللجان الموجودة داخل المركز قال أبو علي: "لدينا عدة لجان، أبرزها اللجنة التربوية التي تختص بالبرنامج التربوي والتعليمي، لجنة الإعلام التي تتابع أمور "السوشال ميديا"، لجنة الأنشطة التي تهتم بالبرنامج الصيفي، بالاضافة إلى اللجنة الرياضية التي تتابع أمور الرياضة وكرة القدم، وطبعاً لدينا هيئة إدارية تتولى مهام إدارة المركز وتتحمل مسؤولية القرارات التي لا تستطيع اللجان البت فيها".
وتابع أبوعلي قائلا لـ"وكالة القدس للأنباء": "هناك عدة أنشطة نقوم بها خلال العام. ففي الشتاء وخلال المرحلة الدراسية نستقبل الطلاب من صف السادس حتى الحادي عشر، حيث يضم كل صف ما بين 8 إلى 15 طالبا، نتابع معهم الصعوبات التعليمية، كما لدينا متطوعين من الطلاب الجامعيين تعطي دروساً خصوصيةً في بعض المواد عند الحاجة، وهذا العمل يندرج تحت مسمى البرنامج التربوي التعليمي الذي نعتمده".
أما في فصل الصيف فقال أبو علي: " نقوم بتنفيذ نشاطات عدة مثل إعطاء الطلاب تاريخ وجغرافية فلسطين، تنفيذ أنشطة ورحلات خارجية بالاضافة إلى موضوع الرسم وهذا العام سنقوم بالتدريب على التطريز إن استطعنا تأمين مواد تدعم مشروعنا بتبرعات".
ولفت إلى أن المركز كان يقوم في "السابق بعرض أفلام وثائقية على الطلاب، ومناقشة كتب، ورسم جداريات، وإطلاق حملات عند الحاجة، كما كنا نشارك في حملات المخيم كحملة كورونا، وسنعاود العمل ان شاء الله على البرنامج الثقافي من خلال طلابنا في المرحلة الثانوية المقبلين على الجامعات".
وفيما يخص الصعوبات التي يواجهها المركز قال: "نواجه أزمة تمويل، فأنشطتنا اليوم تعتمد على التمويل أولاً وآخراً ولا نستطيع القيام بأنشطة ضخمة كبيرة بسبب إمكانياتنا، نبحث دائماً عن النشاط البسيط الذي لا يحتاج تكاليف باهظة، بسبب ارتكازنا الدائم على العمل التطوعي والتي يعد كفكرة ناجحة ولكن في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب نواجه صعوبة في إيجاد المتطوعين، فالمعلم اليوم صاحب الخبرة يبحث عن عمل يكسب منه مدخول جيد كي يستطيع العيش".
وختم أبوعلي بالتأكيد على أن "المركز مستقل مادياً وفكرياً، أنشىء بمجهود مجموعة من الشباب، لا نؤمن بعمل الجمعيات ولا بالتمويل المشروط، نستطيع نوعاً ما تأمين الدعم من خلال جمع التبرعات، أو تنظيم فعاليات، ونعمل مع متبرعين شهريين يهمهم نشر العمل التطوعي ولو بمقابل راتب بسيط او بدون مقابل، ولدينا موظفة واحدة تعمل من بداية الدوام حتى نهايته، بالإضافة إلى الأساتذة الذين يعملون ببدل مالي بسيط ومتطوعين يتلقون بدل نقل فقط".
خطوات ثابتة مكللة بالنجاح لفريق العمل التطوعي في مركز النقب، ليس هذا فحسب، فهم يطمحون لتقديم نشاطات وبرامج مختلفة كثيراً عن المتاح، وبروح جديدة، على أن يكون لها تأثير في المستقبل..
إن مركز النقب ليس الوحيد في المخيم الذي يعمل في المجال الثقافي، فمكتبة مخيم برج البراجنة أيضاً تنوعت كتبها ما بين الشعر والأدب، والمسرح، والدراما، والفن التشكيلي، والتراث الوطني الفلسطيني، وفتحت أبوابها للعديد من الطلبة والمهتمين بالمطالعة وبتحصيل المعرفة، وبخاصة في فصل الصيف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق