عبد معروف
أمام تصاعد العدوان الاسرائيلي في الأراضي المحتلة، والوضع المأساوي الذي يتعرض له الفلسطينيون في التشات، وخاصة في لبنان، تقف المرجعيات الفلسطينية عاجزة عن وضع حد لحالة الانهيار والتردي التي تمر بها القضية الوطنية، والمعيشية للشعب الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات، ما يجعل من بروز ظاهرة البطولات الفردية ومبادرات منظمات المجتمع المدني، أمرا واضحا على حساب المؤسسات الوطنية وتحاول المرجعيات الفلسطينية الهروب من الواقع الى الامام وتلوين الحالة الماساوية بالخطابات والتكريمات والاحتفالات والنجاحات الزائفة الا ان كل ذلك لم يعالج ازمة ولم يردع عدوان ولم يضع حدا لماساة الحياة الفلسطينية في لبنان .
فالوضع الفلسطيني المأساوي في لبنان، يبرز واضحا في ميادين الفقر والعوز والتسول المبطن، وانتشار المخدرات، وتعميم حالة الاحباط واليأس والفوضى والسلاح المتفلت، والتفككك الاجتماعي وتراجع المستوى التربوي وسوء الأوضاع الصحية.
وتوصيف الحالة الفلسطينية لا يعني أبدا دعوة إلى الاستسلام بل هي دعوة للنهضة وشد الهمم، والعمل الجاد لتغيير واقع الحال المأزوم.
فالمرجعيات أثبتت فشلها ولم يعد بمقدورها حماية المخيمات من تجار المخدرات وسماسرة الهجرة غير الشرعية .
هذا هو واقع الشعب الفلسطيني في لبنان، وهذه هي المرارة وهذه هي المأساة التي قدم الشعب من أجلها التضحيات الجسام، من أجل تجاوزها والتخلص منها. ففي زمن الحروب والاجتياحات لم يتعرض الشعب الفلسطيني في لبنان لواقع مأساوي كالذي يعيشه اليوم، رغم الفقر والتضحيات إلا أن الشعب لم يتعرض لليأس والاحباط والظواهر السلبية كما يتعرض اليوم.
ما العمل؟
لقد وصلت الأوضاع داخل المخيمات إلى حد لم يعد يطاق، وبالتالي هناك ضرورة لإسراع الجهات المعنية للتحرك من أجل إيجاد حلول سريعة تقوم على تأمين الاحتياجات المعيشية، وتأمين حياة آمنة وكريمة، داخل المخيمات بعيدا عن الفقر و المخدرات والسلاح المتفلت والعمل الجاد لرفع حالة اليأس والاحباط والقلق التي تسود أوساط الفلسطينيين في لبنان.
وهذا عمل جاد وشاق، وهو مسؤولية المخلصين، والصادقين المدافعين عن حقوق الشعب، الذين لا يساومون ولا يتاجرون ولا يتقنون "فن الخطابة والفرار".
الشعب الفلسطيني في لبنان يمر بأسوء أوضاعه منذ نكبته في أيار 1948، وقد أقفلت أمام هذا الشعب العظيم كل الأبواب، وهذا ما يجعل الانفجار الشعبي أمر حتمي ليس بدافع التحريض، بل بدافع طبيعة الحرمان والقهر والفقر الذي يتعرض له، وهذا يحمل المرجعيات والجهات المعنية، مسؤولية الاسراع لإيجاد الحلول، ليس بالخطابات والشعارات الرنانة والوعود الوهمية واحتفالات التكريم وتقديم التهاني والتعازي، بل بتغيير حقيقي يرفع الظلم ويضع حدا لحالة الانهيار.
حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي مسؤولية الجهات المعنية المحددة في إطار القوانين والأعراف المحلية والدولية، وهي(الفصائل الفلسطينية، والأونروا والدولة اللبنانية)، وهذه الجهات التي تمتلك الإمكانيات والقدرات وتستطيع إصدار القرارات والتوجيهات عليها اليوم أن توظف كل ذلك خدمة للشعب والقضية، وأن تجد الحلول والمعالجات قبل فوات الأوان.
الحلول والمعالجات التي تبدأ أولا برفع مستوى الوعي الشعبي، وحشد الهمم والارادات، ورفضا لليأس والاحباط .
وثانيا، النضال الجدي من أجل تأمين المساعدات والاحتياجات الدولية والعربية، من أجل حياة كريمة.
ثالثا، تنظيم ورش العمل وبرامج التأهيل والتمكين لقطاعات الشعب المختلفة .
لا شك أن الوضع صعب ويتطلب الجهود، لكنه ليس صعب على الصادقين، والشعب الذي قدم التضحيات يستحق الرعاية والاهتمام ويستحق أن نبذل من أجله الجهود لرفع الظلم والقهر الذي يتعرض له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق