استضاف مكتب "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في مخيّم مارالياس للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت اليوم الأربعاء 23 حزيران/ يونيو، جلسة توعوية، حول موضوعة الاستغلال الجنسي مقابل الخدمات الإغاثيّة، وواجبات العامل في مجال الإغاثة إزاء حالات التحرّش أو الاستغلال الجنسي التي يشهدها أو يُبلّغ بها سواء في المنظّمة التي يعمل بها أو في منظمة أخرى.
الجلسة التي نظّمت بمبادرة من قبل الناشطة الاجتماعية في "شبكة حماية الطفل" في المخيّم غادة ضاهر، وحاضر فيها كلّ من الناشط محمد غبريس والناشطة لارا حبيب من منظمة "أبعاد" حضرها مجموعة من الناشطات والنشطاء العاملين في مجال الخدمات الإغاثية والاجتماعية في مخيّم مارالياس ومخيمات أخرى.
وتأتي هذه الجلسة، في إطار نشاط توعوي من المقرر أن يتواصل في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ويمتد ليشمل أكثر من صعيد حول موضوعة التحرش والاستغلال الجنسي، نظراً لتكاثر عمل المنظمات الإغاثية والاجتماعية، وبالتالي ازدياد مخاطر التحرش والابتزاز الجنسي مقابل الخدمات، إلى جانب مخاطر ظاهرة التحرّش بالأطفال وواجبات المؤسسات والأهل لنشر الوعي حول مخاطر هذه الظاهرة والحد منها، حسبما أفادت الناشطة غادة ضاهر لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين."
وقالت ضاهر، إنّ المخيمات بحاجة كبيرة لجلسات توعية ودعم حول التحرش والاستغلال الجنسي، نظراً لتكاثر الحالات، وضرورة توعية الأهل بالدرجة الأولى، حول كيفية تصرفهم وتحملهم مسؤولياتهم كذلك بما يخص مراقبة أطفالهم والاهتمام بيومياتهم، من ناحية من يصادقون أو ماذا يفعلون خارج منازلهم، وهذا كلّه يجب أو يواجه بالتوعية الواسعة. حسبما أضافت.
زيادة هشاشة المجتمع تُعرَض المستفيدين لأشكال استغلال متعددة
وحول أهمية الجلسة والأنشطة المماثلة، اعتبر الناشط وأحد المسؤولين عن تعميم الحماية من الإساءة الجنسية والمساءلة في منظمة "أبعاد" محمد غبريس، أنّ هذه الأمور تزداد أهميّة في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى، نظراً لزيادة حاجة الناس للخدمات الإغاثية المتنوعة، وازدياد هشاشة المجتمع، وبالتالي ازدياد الأشخاص المتضررين والمتأثرين، من تجاوزات تتعلق بالإساءة الجنسية والابتزاز وماشابه.
ولفت غبريس، إلى أنّ الأشخاص العاملين في المنظمات الإنسانية، لديهم سلطة وفوقية على الأشخاص المستفيدين من الخدمات، بالتالي أولئك المستفيدون معرضون للإساءة والاستغلال الجنسي الذي يأخذ أشكالاً متعددة، كأن يطلب أحد المسؤولين عن توزيع المساعدات مقابل جنسي من إحدى المستفيدات، كأن يطلب رقم هاتفها مقابل سلّة غذائيّة، أو يساومها على تقديم خدمات إغاثية لها ولعائلتها مقابل علاقة جنسية، أو يطلب صورة خاصة منها، مقابل وعد بأن يضع اسمها ضمن منحة سفر... الخ.
خوف الضحيّة من التبليغ
وأشار غبريس، إلى أن نسب التبليغ عن حالات التحرش والاستغلال الجنسي مقابل الخدمات، ضئيلة جدّاً، وذلك بسبب خوف الضحيّة من قطع الخدمات، وحرمانه من خدمات المنظمات الأخرى، والنظرة التي تأسره حول مخاطر التبليغ وحساسياته.
ولفت الناشط في "أبعاد" إلى أنّ الإحصاءات على المستوى العالمي حول نسب التبليغ، ضئيلة جداً ولا تعكس حقيقة الحال. حيث أظهرت إحصائية للعام 2022، 80 حالة تبليغ فقط، وهو رقم ضئيل وغير معقول، فيما تقدّر الحالات بشكل افتراضي في لبنان من 200 إلى 300 حالة استغلال جنسي مقابل الخدمات. وبالتالي يحتّم ذلك تكثيف نشر التوعية لحماية المستفيدين من الخدمات والمساعدات.
ضرورة تعميم مبادئ الحماية
ومن الأمور الغائبة عن وعي الناس، وخصوصاً في المجتمعات المهمشّة والأكثر هشاشة وحاجة، مسألة حقوق المستفيد وواجبات الموظّف، إزاء حالات التحرش والاستغلال، ومبادئ الحماية المعمول بها، والواجب تكثيف توعية الموظفين بها، وتطبيقها.
وحول هذه المسألة، أوضحت الناشطة لارا حبيب، إنّ من واجب الوحدة التي تعمل بها في منظمتها على سبيل المثال، تعميم المبادئ الرامية الى الحماية من الاستغلال الجنسي، والتي تمنع في مقدمتها الموظف من تبادل أي خدمة للمستفيد مقابل الجنس او أي سلوك جنسي، تحت طائلة الفصل.
ومن تلك المبادئ، المعني الموظف بمعرفتها وكذلك المستفيد، تلك التي تفرض على الموظف التعامل باحترام مع المستفيد، وكذلك التبليغ عن أي إساءة او سلوك تحرشي يشهده من زميل آخر.
وأكدت حبيب، أنّ الموظفين مجبورون بتطبيق المبادئ المنصوص عليها في مسودة السلوك في المؤسسة، وتوعية العاملين والمستفيدين بها. فالكثير من المستفيدين يرون أنّه طالما هم محتاجون للمساعدة، فعليهم القبول بأي شيء مقابل أخذ المساعدة، في وقت يجب ان تكون المساعدة دون أي استغلال او السماح به. حسبما أضافت.
وأشارت حبيب، إلى أهميّة جلسات التوعية، لإيصال رسائل الحماية من الاستغلال وتعريف المستفيدين من المساعدات بحقوقهم، وضرورة عدم توقف العمل في هذا المضمار عند هذا الجانب فقط.
وأضافت، أنّ العمل يجب ان يتواصل ليشمل آليات التبليغ عن الاستغلال والإساءة، وتعريف المستفيدين بتلك الاليات، سواء كانت عبر تقديم الشكاوى بشكل مباشر أو عبر صندوق شكاوى، أو ابلاغ المنظمات المعنية بالحالة التي تعرضوا لها.
ولفتت حبيب، إلى أنّ واحدة من آليات التبليغ، هي تبليغ الشرطة، ولكن هذا الشيء يصطدم باعتبارات وحساسيات اجتماعية لدى الأشخاص، ويعززها غياب قوانين واضحة تجرّم التحرش.
وتابعت: أنّه رغم وجود قانون في لبنان أقر عام 2019 يحمل رقم 205، الّا أنّ يتضمن نواقص، بأنّه لا يعرف التحرّش الجنسي بشكل واضع، فضلاً عن كونه قابل للتفسير، ومعرّض للتأويل لدرجة انه يمكن ان يحمّل الضحيّة المسؤولية.
واعتبرت حبيب، انّه من واجب الجمعيات والمؤسسات والنشطاء وكل معني في هذه القضيّة الهامّة والخطيرة، العمل على سد النواقص عبر التوعية الاجتماعية، بقدر المستطاع، وتشجيع الضحايا على التبليغ، وتأمين لهم أكبر قدر من الحماية الاجتماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق