بقلم د. وسيم وني / مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان
إن من حق أي إنسان في كل مكانٍ ، وفي أي زمانٍ، وأياً كانت جنسيته وجنسه، ومذهبه وعرقه ودينه ، ولغته ولونه، أن يتمتع بالحرية الكاملة ، وهذا الحق يولد معه، ويرافقه طوال حياته حتى وفاته، وحين يحاول كيان الاحتلال انتزاع حقه الطبيعي هذا منه بالقوة، يمنحه القانون الدولي -كما تمنحه الطبيعة الإنسانية والشرائع السماوية - الحق في الدفاع عن أرضه وحريته وأرضه ومقدساته وبذل روحه فداء لها .
ويمعن كيان الاحتلال باتباع سياسة "الإهمال الطبي" المتعمّدة بحق أسرانا البواسل وسط أبشع الجرائم والتنكيلات وأساليب التعذيب الجسدي والنفسي وانتهاك لكافة حقوقهم ولأدنى ظروف الحياة الإنسانية في الاعتقال، مما يؤدي أيضاً الى تفاقم حالاتهم المرضية وتدهور صحتهم أكثر، كما ويعاني الأسرى من الإصابات التي تعرضوا لها أثناء لحظات الاعتقال أو خلال التحقيق أو نتيجة لتعرضهم لقمع الوحدات الخاصة لمصلحة السجون ، ففي حقيقة الأمر، تدور الآن معركة شرسة بعيدة عن أعين العالم ووسائل الإعلام بين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وبين كيان الاحتلال الفاشي ، بكل ما يحمله منظوماته الأمنية من حقد وثأر نابعَين من أبعاد سياسية وأمنية، وحتى دينية توراتية، على الأسرى الفلسطينيين وعلى شعبنا الفلسطيني برمته .
مادتي اليوم تتناول قضية الأسير ناصر أبو حميد الذي يرزح تحت وطأة سّجان لا يرحم ومرض السرطان الذي يفتك بجسده مهدداَ حياته كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم ، وخاصة بعد إصدار مستشفى «اصاف هروفيه» الاسرائيلي يوم الخميس الماضي، تقريراً يؤكد فيه أن وضعه الصحي خطير وقد أوصى التقرير بالإفراج عن ناصر فوراً وهو يمضي أيامه الاخيرة، الا أن قادة الاحتلال لم يبدو أي اهتمام تجاه هذا التقرير مجسدين بحقدهم وإجرامهم سياسية الإهمال الطبي المتعمد الذي تنتهجه حكومتهم تجاه أسرى أنهك جسدهم ظلم السجان والمرض ، والأسير ناصر أبو حميد واحد من أولئك الذين يجمعون ما بين ألم السجن والسجّان والمرض، فيزداد الوجع وتتفاقم المعاناة ويتسع الألم، ألم الأسير وأسرته و نحن نُدرك أن الأسرى ليسوا وحدهم ضحايا الاعتقال، وإنما أفراد عائلاتهم، هم ضحايا مثلهم ضحايا لإجرام كيان الاحتلال وزمرته الفاشية .
ويُمعن كيان الاحتلال بانتهاك حقوق الأسرى المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية فيما يتعلق بحق المعتقلين بتلقي العلاج اللازم والرعاية الطبية، حيث كفلت اتفاقية جنيف الرابعة في المواد (76) و(85) و(91) و(92) حق الأسرى بتلقي الرعاية الطبية الدورية، وتقديم العلاج اللازم لهم من الأمراض التي يعانون منها، وتنص على وجوب توفير عيادات صحية وأطباء متخصصون لمعاينة الأسرى، حيث يتنصل كيان الاحتلال من التزاماته بموجب المواثيق الدولية مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للأسيرات والأسرى وبشكل خاص ما يحصل الآن مع الأسير ناصر أبو حميد.
والأسير ناصر أبو حميد مصاب بسرطان الرئة منذ قرابة عام، وبسبب المماطلة في إجراء الفحوص الطبية له وتقديم العلاج تدهورت حالته بشكل كبير ودخل في غيبوبة لأيام طويلة قبل أن يبدأ العلاج الكيميائي، ولكن قبل شهرين توقف تقديم العلاج له بعد عدم تقبل جسده، وبعد مماطلة أجرى الاحتلال فحوصا شاملة له تبين أنه وصل لمرحلة "ميؤوس منها"، وأنه في أيامه الأخيرة
كما أن جزءًا ممن استشهدوا وكانوا مصابين بالسرطان عانوا من تفاقم في أوضاعهم الصحية على مدار سنوات، دون معرفتهم بإصابتهم، وتتعمد إدارة السجون إعلام الأسير بالمرض في مرحلة متقدمة كما جرى مع الشهيد حسين مسالمة وغيره من الأسرى الذين اُستشهدوا في سجون الاحتلال أو بعد تحررهم بفترات وجيزة .
واختتم مادتي برفع الصوت عالياَ إلى كافة المؤسسات، الحقوقية والإنسانية، بضرورة التحرك الفوري والضغط الفاعل والمؤثر من أجل ضمان الإفراج عن الأسير ناصر أبو حميد، وتقديم العلاج اللازم له لإنقاذ حياته قبل فوات الأوان ونحمّل كيان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته وحياة كافة الأسرى المرضى الذين يعانون أمراضاً خطيرة ويواجهون أوضاعاً صحية مقلقة وأُخرى مشابهة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق