عضو المجلس الثوري الحاج رفعت شناعة
ولد جمال أحمد المحيسن بتاريخ 1949/2/15 في مرتفعات جبال الخليل خلال مغادرة أهالي قرية
عراق المنشية إلى مدينة الخليل.
تنقَّل الدكتور جمال ما بين الخليل وبيت كاحل وبيت فجَّار، ومخيم
العروب، وعقبة جبر في أريحا، ثم انتقل في 1960 إلى عمَّان. حصل على شهادة
البكالوريوس والدبلوم العام في التربية من جامعة بيروت العربية في 1972، كما حصل
على دبلوم عالي في الدراسات الاسلامية من جامعة الفاتح في طرابلس العام 1978، وحصل
على الدكتوراه في الفلسفة وتخصص في التربية
المقارنة، ونال الشهادة من جامعة كارلوفا في براغ العام 1988.
الرئيس محمود عباس أصدر قراراً بمنحه درجة النجمة الكبرى من وسام
القدس في 1 شباط 2022 تقديراً لدوره الوطني، ومسيرته المشرِّفة وتثميناً لعطائه
وعمله القيادي ومجالات عمله النقابي،
وجهوده في الدفاع عن حقوق شعبه.
انتُخب عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين العام
1975، وفي العام 1983 أصبح عضواً في مكتب التعبئة والتنظيم في تونس. وأيضاً في
العام 1989 انتخب عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح في المؤتمر العام الخامس في
تونس، كما انتخب عضواً في لجنة تقصي الحقائق المالية في منظمة التحرير من العام
1995 حتى 2009 وعُيِّن وكيلاً لوزارة الشباب والرياضة العام 1994. ثم أصبح عضواً
في المحكمة الحركية منذ تأسيسها 2004 -2008.
عُين محافظاً لمحافظة نابلس في الضفة الغربية بدرجة وزير في تموز 2007
حتى العام 2009 ، وعندها تفرَّغ للعمل في اللجنة المركزية لحركة فتح مفوَّضاً
للأقاليم الخارجية.
انتخب عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح 2009 في المؤتمر العام
السادس في بيت لحم. كما أصبح عضواً في المجلس المركزي لمنظمة التحرير عن حركة فتح
العام 2009.
توفي بتاريخ 2022/2/7 عن عمرٍ ناهزَ 72 عاماً إثر إصابته بتليُّف
رئوي، ورغم العلاج بقي بحالة خطيرة حتى أُعلن عن وفاته.
· حاولتُ تلخيص سيرته الذاتية، ومراحل نشأته وتطوره
في حركة فتح حتى استشهاده ورحيله.
وفي هذه المقالة المهمة والخاصة في التوصيف والتي كشفت العوامل
الجوهرية، والذاتية في معالجته للقضايا كمسؤول في إطار حركة فتح القيادي، وتمسكه
بالثوابت الحركية، والمكاسب الفتحوية وليس المكاسب الخاصة.
ومن موقعِه المسؤول كعضو لجنة مركزية، وكمسؤول عن الأقاليم الخارجية
كافة في أرجاء العالم، فإنه كان في ممارسته فعَّالا، ومؤتمناً، وصاحب موقف لا يخضع
للمساومة مع أحد، ولا لأجل مكاسب شخصية.
الدكتور جمال المحيسن رحمه الله كان أنبل وأشرف، وأرقى من أن يساوم
على موقف مطروح، واشكالية معينة، فهو يحتكم دائماً للنظام الداخلي، لأن مفاهيم
النظام الداخلي التي إعتاد على ممارستها، واحتضانها، والمسؤول دون حرفها عن سياقها،
فهذا النظام هو من المقدسات لأنه كُتِب بدماء الشهداء القادة الذين صاغوه، ووضعوه
أمانة بين أيدي الأجيال التي واصلت مسيرة الكفاح المسلح، والجهاد من أجل تحرير
المقدسات.
لقد تعاملتُ كأمين سر إقليم مع القائد جمال
المحيسن عضو اللجنة المركزية، ومسؤول الأقاليم الخارجية بأمانة واعتزاز لأنه رحمه
الله كان كالأب لا يميِّز بين ابنائه، ولا يبحث عن مكاسب شخصية ومالية، وغالباً ما
كان يدفع من موازنته ليحل مشكلة لها علاقة بالاوضاع التنظيمية، وتنشيطها،
والتغلُّب على الانتكاسات المالية، والمصاريف الاجبارية، لأن المهم بالنسبة إليه
ليس جمع الأموال في جيبه، وانما أمواله دائماً في خدمة إطار الإقليم الذي يعاني من
العجز على طريق النهوض، ومن باب الوفاء لهذا القائد المميَّز عن غيره، والمحصَّن
في مسيرته فإنني وبكل فخر واعتزاز، ومن موقع الأمانة والافتخار أتحدث عن محطة
حركية تاريخية صلَّبت وضع حركة فتح في لبنان، وخاصة في بنية المخيمات، وحماية
أُطرها وقياداتها ونخصُّ بالذكر منطقة صيدا، وتحديداً مخيم عين الحلوة، القلب
النابض للمخيمات، وهو يشكل عاصمة الشتات، والشواهد كثيرة، ومتعددة.
ولأنني كنت أمين سر إقليم لبنان اعتبرتُ أنَّ واجبي هو رصدُ كافة الثغرات، والمعيقات، والتحديات
القائمة، والاصرار على معالجتها.
ولأنه في ذلك الوقت كان يتم اغتيال العديد من الضباط والكوادر
والعناصر الحركية خاصة في مخيم عين الحلوة، وكان القتلة يتحركون بسهولة، والجريمة تم إرتكابها علناً وليس سراً، وبإصرار على القتل
دون تردد، باعتبار أن دماء أبناء حركة فتح تحديداً رخيصة، وليس هناك من يتحمل
مسؤولية حماية الجسم الفتحاوي.
وآنذاك تم تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال، لكن توقفنا عند آخر جريمة
على الشارع الفوقاني تحت جبل الحليب والتي
نفذها إثنان على الأقل من أبناء المخيم، وعلنا، وليس سراً، كان القتلة يركبون
دراجة نارية، ثم استهدفوا ثلاثة شبان فلسطينيين من حركة فتح، أهمهم العميد طلال
الأردني وهو قائد كتيبة في حركة فتح، ومعه أبن شقيقته، وشاب آخر من مرافقيه في
الكتيبة، وتم قتل الثلاثة، وأَخْذُ سلاحهم من أيديهم بعد استشهادهم، ولم يستطع أحد
حمايتهم, مع أن هناك قواعد ومكاتب قريبة وليست بعيدة.
أنا كأمين سر إقليم دعوتُ أعضاء الإقليم كافة، وأيضاً أمين سر منطقة
صيدا، وعقدنا جلسة بالغة الأهمية في مخيم عين الحلوة، وتم الاستماع إلى كافة
التفاصيل من الجميع وبعد إنتهاء الحوار، أعددنا محضر جلسة تنظيمية يشتمل على كافة تفاصيل ما جرى في جريمة القتل،
وبدوري حملت محضر الجلسة واجتمعت مع القائد المرحوم جمال المحيسن وأوضحت له
التفاصيل، وكان مستاءً جداً، وتوافقنا على الرأي وضرورة تبليغ القيادة رسمياً
بمضمون الرسالة ( الوثيقة كانت موقعة مني
كأمين سر إقليم).
الفضل الأكبر بتطوير وتحصين وضع عين الحلوة كان للشهيد القائد جمال
المحيسن الذي أخذ المذكرة مني ووقَّعها، وعرضها كما هي على سيادة الرئيس أبو مازن،
وسيادة الرئيس قرأها كما هي وكانت (18 بنداً)، وكان غاضباً جداً، لأنه ليس لديه
علم بتفاصيل الجريمة التي حصلت في عين الحلوة، ودعا إلى اجتماع لجنة مركزية
لمناقشة مضمون الرسالة، ومعالجة الموقف، وفي الوقت ذاته دعا القائد العسكري المعني
بأمور التدريب الأخ نضال أبو دخان وهو من كبار مساعدي سيادة الرئيس، وإقامة
المعسكر الذي تمَّ بناؤه، كما تم التواصل
مع الدولة للحصول على الموافقة لتسهيل عملية التدريب، وتمَّ إحضار طاقم من
المدربين الفلسطينيين من الداخل، وضباط متخصصين بالجوانب الأمنية والإدارية.
وبذلك تخرجت طواقم مدرَّبة جيداً وذات اختصاص، وهي التي تحمَّلت مسؤولياتها
العسكرية بأمانة، وأنهت وجود الكثير من المجموعات والخلايا المسلحة، والتي مارست
ارتكاب الجرائم داخل مخيم عين الحلوة تحديداً، وباقي المخيمات.
وكان الأخ نضال أبو دخان هو المكلَّف مركزياً بتنفيذ تعليمات الرئيس
بما يخص الدورات العسكرية، والتنسيق مع الجانب اللبناني، وهذا ما ساعد على إعداد
وتكوين العديد من المجموعات المقاتلة، وطواقم من المدربين في مختلف المجالات، وهذا
ما أعطى دفعة في الجانب العسكري، وانطلاقة جديدة مميزة من مخيم عين الحلوة،
وبالتالي الجنوب، وطالت كافةَ المخيمات، وهذا يتم تسجيله تاريخياً ووطنياً
وسياسياً لسيادة الرئيس أبو مازن الحريص على كرامة شعبه، وعلى أمن مخيماته،
واستمرار كفاحه الوطني، والدفاع عن نفسه وكرامته.
والفضل ثانياً كان للشهيد القائد عضو اللجنة المركزية جمال المحيسن
رحمه الله واسكنه الفسيحَ من جناته، وأصبح في جنان الخلد مع الانبياء والشهداء،
والصالحين.
وأسمحُ لنفسي وهو قائدي أن أرسل له بعض الكلمات والعبارات من أعماق
قلبي، ومن تلافيف دماغي، ومن شحنات عاطفتي، وهذا أقلُّ الواجب نحوه ونحو أسرته
الكريمة:
أنا أشكره واتمنى له الخلود في جنان النعيم وأقول لمن يريد أن يسمع:
لولاك شخصياً يا شهيدنا الخالد ولولا وفاءك
النادر، ولولا إخلاصك للأمانة التي حملتها في مسيرتك الحركية منذ إلتزامك بحركة
فتح وحتى استشهادك، لما استطعنا أن نُعدَّ قواتنا، وندربهم، وننطلق بهم نحو
المواجهة الحقيقية والصمود على أرض المخيم، واعادة هيبة حركة فتح بعد الانتكاسة
التي دمرت الجانب المعنوي والداخلي.
ولولا رجولتك وصلابتك وثبات عقيدتك لما دخْلتَ في موضوع الحسم
الحسَّاس الذي اتخذهُ سيادة الرئيس أبو مازن، ووقَّع الرسالةَ التي حملْتَها رغم
أن هذا الأمر كان مزعجاً للكثيرين، لكنك كنتَ
خيرَ من حمل الأمانة، وأدى الرسالة، وفكَّر بشعبه وليس بنفسه، أنت النموذج
الراسخ في أذهاننا، و أنتَ الذي تعيش في قلوبنا عبر مسيرة شعبك، الذي يكبر بك
ويعتز بأمثالك. ونعاهدك أن نبقى دائماً على الوعد والعهد، وأن لا نركع إلَّا لله،
وأن تبقى فلسطينُ همَّنا الاكبر، وأن تكون حركة فتح التي جذَّرْتَها في عقولنا هي
البوصلة نحو النصر والتحرير.
وانها لثورة حتى النصر.
إعلام حركة فتح الساحة اللبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق