وكالة القدس للأنباء – ميرنا الحسين
بين رزم وأكوام الـخبيزة، والشومر، والزعتر، وغيرها من الحشائش، تستقبلك الحاجة أمّ علي بوجه بشوش، حفر عليه الزمن خطوطًا متقدّمة عن سنواتها الـ78 . وبين تحية تبادلها مع مشاة، واستفسار من زبونة، أو نصيحة عشبية تسديها لأحد السائلين، تعطي هذه المرأة مثالاً لقدرة الأمّ في التأقلم مع صعوبات الحياة.
قد يضلّ المارّ طريقه إلى حي العيساوي في مخيم برج البراجنة، لكن إن سأل عن الحاجة "أمّ علي"، فسيصل حتمًا، بعدما أصبحت بائعة الحشائش منذ عشرات السنين، معلمًا من معالم هذا الحي، وأمًّا للجميع.
الحاجة أم علي لم تكتف ببيع الحشائش فقط، لكونها بدأت مسيرتها من منزلها، كما قالت لوكالة القدس للأنباء، "بدأت العمل من منزلي منذ سنوات، أبيع الملوخيّة الجاهزة، وكذلك الزعتر (الصعتر) والفلفل الحار المطحون. وبحسب الطلب، أعدّ معجنات وورق عريش (ورق العنب) وحلويات مختلفة، بالإضافة إلى حفر الكوسا".
وأضافت في حديثها لوكالتنا: "رغم أني كبرت في السنّ، ولم أعد أقوى على العمل، لكنّني مضطرة على ذلك، فالوضع الاقتصادي صعب في المخيم، والمدخول لم يعد يكفيني، لذا فكرت أن اصنع المونة داخل منزلي وأبيعها.. ومع ارتفاع أسعار المونة توقفت عن صناعتها، وتوجهت نحو بيع الحشائش وانتقلت الى أطراف المخيم لبيعها".
وعن وضعها العائلي قالت الحاجة أم علي: "زوجي توفي منذ سنوات ولدي شابان بالكاد يستطيعان تأمين مصاريف عائلتَيهما، لذا رغبت في الاعتماد على نفسي وربي رزقني القوة والنعمة".
وبنبرة عالٍية تشرح الحاجة أم علي كيف توفق بين قطاف الحشائش وبيعها: "الطبيعة هي مكان وفير ولا يخذل، مهما ضاقت الظروف بنا، أداور أيام الأسبوع بين السوق والحقل. أنزل يوماً إلى السوق، في حين أمضي يوماً آخر في البرية لتأمين الحشائش".
طريقة التعامل مع الظروف البيئية هي التي تساعد على التأقلم مع البيئة المحيطة، وهذا ما عمدته الحاجة ام علي في التأقلم مع ظروف حياتها الصعبة فتمكنت من وضع نفسها بالمكان الآمن والبعيد عن تلك الظروف وإقناع ذاتها بقدرتها على تحدي العقبات ومواجهتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق