المركز الفلسطيني للإعلام
هربًا من بؤس الحياة في مخيمات يكتسيها الفقر المدقع والبطالة الشديدة، تتزايد حالات هجرة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتتحول من حالات فردية إلى جماعية؛ لتثير الهواجس المقلقة عن تداعيات هذه الحالة.
وعبر قوارب بحرية يركب اللاجئون إلى تركيا محطةً أولى، ومنها إلى اليونان بطريقة غير شرعية، ومنها إلى دول أوروبية مختلفة، فضلا عن رحلات جوية بالطائرات تكلف آلاف الدولارات.
مصادر متطابقة من قوى ولجان مختصة في اللاجئين أكدت لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أن الهجرة باتت لا تقتصر على فئة الشباب أو الحالات الفردية، بل دخلت عائلات كاملة في موجة الهجرة من مخيمات اللاجئين في لبنان، بفعل الأوضاع المعيشية القاهرة الناجمة عن الأزمات المتتالية.
العوائل الفلسطينية تدفع كل ما لديها في رحلات محفوفة بالخطر، فحوادث الغرق متكررة في عرض البحر، وبعضهم يقع ضحية لـ"تجار البشر" من المهربين، ومنهم من يعود إلى لبنان بعد فشل الهجرة بخفي حنين.
ويقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بحوالي 463,664 نسمة، وفق إحصاءات أونروا للعام 2017، والعدد الأكبر منهم يعيش داخل المخيمات والتجمعات من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال في لبنان.
ويُشكّل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عُشر سكان لبنان الذي يتراوح تعداده حول 4,7 مليون نسمة، ويعيشون حياة صعبة للغاية بنسب بطالة وفقر شديدة.
ويمنع القانون اللبناني الفلسطينيين من العمل في العديد من المهن المختلفة، في حين أن معظم فلسطينيي لبنان يعملون في مهن المياومة بأجور زهيدة زادها بؤسًا تآكل العملة المحلية وانهيارها.
حق العودة غير مرتبط بمكان
المنظمات الحقوقية الفلسطينية طالما أكدت أن حق عودة اللاجئين غير مرتبط بالمكان الذي يوجد فيه اللاجئ أو حتى القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وبالتالي لا خوف على حق العودة من أي عملية هجرة سواء كانت شرعية أو غير شرعية.
وتتابع المنظمات: حق العودة من المبادئ التي لا تحتاج في الأساس، إلى تكريسها في نصوص قانونية، واستناداً إلى هذه المعايير، فإن حق العودة هو حق من حقوق الإنسان، وهو حق غير قابل للتصرف، ولا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن، وهو حق شخصي لا يجوز التنازل عنه لأي سبب في أي اتفاق أو معاهدة، وهو حق جماعي لا تجوز فيه النيابة تحت أي شكل من الأشكال.
أبرز الأسباب
الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، قالت في تقرير لها حول الهجرة غير الشرعية: إن أبرز أسبابها الفقر المدقع الذي يعيشه معظم فلسطينيي لبنان.
إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قالت في آخر تقاريرها: إن 86% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتوا تحت خط الفقر المدقع، وإن أكثر من 80% منهم في بطالة.
كما تظهر إحصائيات حصل عليها "المركز الفلسطيني للإعلام" أن نسب الفقر في صفوف فلسطينيي سوريا إلى لبنان بلغت 86%.
مدير "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" علي هويدي يقول: إننا أمام أمام فرصتين لإنقاذ من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين والحفاظ عليهم وحمايتهم وتثبيتهم في مخيماتهم وتجمعاتهم وتوفير العيش الكريم لهم إلى حين العودة.
يقول في تصريحات لمراسلنا: إن الفرصة الأولى هي مع تشكيل الحكومة اللبنانية، وإيلاء الشأن الفلسطيني اهتماما كبيرا؛ عبر إدراج بند خاص يتعلق بتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في البيان الوزاري القادم.
يكمل: "لا سيما حقّا العمل والتملك، وضرورة تحويل تلك الحقوق إلى مراسيم معتمدة في المجلس النيابي، والشروع الفوري في تنفيذها، والتعالي عن الحسابات الداخلية اللبنانية على قاعدة أن إعطاء تلك الحقوق يوفر العيش الكريم للاجئين، ويعزز العلاقات الأخوية بين الشعبين الفلسطيني واللبناني، ويتوافق مع ما جاء في مقدمة الدستور اللبناني برفض التوطين، ويمكّن اللاجئ من التمسك بحق العودة".
وأشار إلى أن الفرصة الثانية هي انطلاق جلسات الدورة الـ77، وهي بمنزلة فرصة لتسليط الضوء على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين عموماً وفي لبنان خاصة نتيجة ما يتعرض له من عملية تفريغ ديموغرافي.
ودعا هويدي إلى رفع مستوى المسؤولية الوطنية الفلسطينية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين عموماً وقضية اللاجئين في لبنان خصوصاً، والتي تقتضي تحركاً سياسياً نشطاً من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، يسانِده الفعل الشعبي المنظم والمتصاعد والمستمر في مختلف أماكن وجود الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، مدعوما بحملة مناصرة عالمية تكشف الغايات السياسية وراء استهداف وكالة "أونروا" وتأثير بعثرة وتفريغ المخيمات الفلسطينية في لبنان.
مخطط دولي
ياسر علي، عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، يقول: إن الهجرة لا تلغي حق العودة، ولكنها تلغي حياة الذل والفقر المدقع التي يعانيها معظم اللاجئين في لبنان.
ويقول لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "الخطير في الأمر، هو حملات الهجرة الجماعية المنظمة التي تهدف لإنهاء الوجود الفلسطيني في لبنان، في إطار تخطيط دولي، لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتصفية حق العودة.
وأوضح علي أن الهجرة المنظمة، والتي تقودها جهات دولية -إن ثبتت- فهي تهدد النسيج المجتمعي، وتعمل على تفتيت الحالة الفلسطينية الرمزية الجامعة، إلى مشتتِين في أصقاع العالم، وبالتالي إضعاف حق العودة.
ودعا عليّ الدولة اللبنانية لسنّ قوانين وتشريعات تدعم صمود اللاجئ الفلسطيني، ومن أبرزها حق العمل والتملك والبناء، وكذلك أونروا والمرجعيات الفلسطينية للعمل على تفكيك الأزمات، واحتضان الشباب ورعايتهم، وتفعيل مؤسساتهم، وخلق برامج تنمية لهم، لضمان حياة كريمة للاجئ الفلسطيني لحين ضمان حق العودة.
ودعا إلى تعزيز صمود اللاجئ الفلسطيني في لبنان؛ عبر تشريع قوانين تدعم بقاءه وسنّ قوانين تسمح له بالعمل، والتملك وغيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق