لا يزال
الأقصى الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين، يُدنس من قبل الصهاينة المستوطنين
وخاصة ما شاهدناه يوم أمس، فمنذ اغتصاب فلسطين ومحاولات الاحتلال الحثيثة والدؤوبة
لتدمير المسجد الأقصى لم تتوقف قيد أنملة، في سعي دائم لإزالته وإقامة الهيكل
المزعوم مكانه، وهم يعملون ليل نهار على تحقيق ذلكَ بشَتَّى الطُّرق والحيل
والمُخططات.. فكان الحريق الإجرامي الشهير الذي وقع للمسجد عام 1967م، وقبله وبعده
العديد من الاختراقات التي قام بها متطرّفون صهاينة في ظل حماية سلطات الاحتلال
لهم، وكل عام تدعو جماعة أبناء الهيكل إلى اقتحام المسجد والتمهيد لإقامة الهيكل،
حسب زعمهم.
.
اقتحام المسجد
الاقصى المبارك أمس بمئات المستوطنين تحت حماية قوات الاحتلال، والاعتداء على
المعتكفين بداخله، ومنع المسلمين من الصلاة في داخله، والسماح للمتطرفين اليهود
بإقامة صلوات تلمودية في أحد أقدس المقدسات الاسلامية، والنفخ في البوق في مقبرة
باب الرحمة وعلى أبواب المسجد الاقصى، ما هو إلا دليل واضح على أن كيان الاحتلال يعمل
بكل الطرق والوسائل من أجل تقسيم الأقصى مكانياً بعد أن قسمه زمانيا، وأن النفخ في
البوق في مقبرة باب الرحمة هو مقدمة للنفخ داخل المسجد الذي بارك الله حوله عاصمة
فلسطين في وقت ينشغل العالم الآن بالصراع
الروسي ـ الأطلسي على الأرض الأوكرانية، لأن المصالح الغربية مرتبطة بمصير هذا
الصراع الذي أججته الولايات المتحدة الأمريكية لإضعاف غريميها اللدودين المتمثلين
في روسيا من جانب، والصين من جانب آخر
والمستفيد الأول والأخير من هذه الحرب كيان الاحتلال ليمارس إرهابه وجرائمه
ضد أرضنا وشعبنا ومقدساتنا .
وبالطبع إذا
تعلق الأمر بشعبنا الفلسطيني وحقه المشروع بأرضه ومقدساته بالدفاع عن نفسه ضد بطش
آلة القتل الصهيونية فالأمر مختلف تمامًا، فعلى الرغم من استخدام العنف المفرط
واستمرار الوحشية الصهيونية، في القدس والضفة الغربية، واعتقال وسقوط مئات الشهداء
بين قتيل وجريح، لم نسمع صوت الرئيس الأمريكي أو وزير خارجيته باستنكار العدوان
على الفلسطينيين، ولم يصدر اعتراض أو موقف من الدول الغربية التي تتغنى بالإنسانية
تطالب بها بوقف البطش الصهيوني الوحشي ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل.
فمنذ احتلال
عام 1967 والعالم يُجمع بأن المسجد الاقصى في خطر داهم، وأن كيان الاحتلال يستغل
الوقت والظروف من أجل بسط كامل هيمنته على الحرم القدسي في إطار سياسة خطوة وراء أخرى،
وهذا الأمر أدى حتى الآن إلى الاقتحامات وإقامة الصلوات التلمودية والنفخ في البوق
أمام بواباته، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن فالخوف من أن يصحوا العالم
على جريمة هدم الاقصى لا سمح ولا قدر الله، وهذا ما يسعى إليه ويعمل من أجله كيان الاحتلال
ممثلاً بقطعان المستوطنين، واليهود العنصريين من أمثال بن غفير وغيره من أعضاء
الكنيست ومن لف حولهم ودار في فلكهم.
كما أن قادة
الاحتلال حولوا القدس الشرقية المحتلة الى ثكنة عسكرية واعتدوا على أبناء شعبنا
الفلسطيني والمصلين الذين اضطروا للصلاة على أبواب الاقصى الشريف والأمور في القدس
تسير من سيء إلى أسوأ بفعل الصمت المريب على انتهاكات لاحتلال وجرائمه التي باتت
لا تعد ولا تحصى.
وأخيراً إن
الاحتلال يحاول فرض واقع جديد على الأرض داخل فلسطين وبالمسجد الأقصى خاصة بهدف
تحويلها إلى أمر واقع مع مرور الأيام لجعل
مشاهدات اقتحامات آلاف المستوطنين أمراً عادياً
، فسلوك كيان الاحتلال الإرهابي المتطرف، والذي يوفّر غطاءً رسمياً
للمستوطنين لممارسة العربدة في المسجد الأقصى، يضعها أمام خيارات صعبة ستدفع ثمنها
أمام مواقف شعبنا الفلسطيني والعربي والإسلامي المعلنة تجاه التحذير من المس
بمكانة المسجد الأقصى وقدسيته، انطلاقاً من أن القدس والأقصى هما بوصلة الصراع
وأيقونة الثوابت الفلسطينية، وأن شعبنا الفلسطيني البطل قادر على إيلام الاحتلال ولجم جنونه، وأن المساس
بالمقدسات الإسلامية لن يقابَل إلّا بمعركة مفتوحة على مصرعيها، وأن استمرار تجرؤ كيان
الاحتلال على انتهاكاته بحق المسجد الأقصى سيفجّر الأوضاع مجدداً، فلن يستطيع كيان
الاحتلال ولو استعان بكل شياطين الارض.. أن يغير هوية الاقصى.. وهوية القدس
العربية الإسلامية عاصمة فلسطين الأبدية فالمس بهوية الأقصى سيشعل النار بوجه
الاحتلال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق