لمناسبة الذكرى 40 لمجزرة صبرا وشاتيلا، زار وفد من اللجنة الدولية "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" مدينة صيدا، وكان لأعضاء الوفد وقفة عند النصب التذكاري للشهيد معروف سعد، حيث وضعوا إكليلاً من الزهر عربون وفاء وتقدير لنضالاته.
أعضاء الوفد الذي ضم عشرات الناشطين من جنسيات متعددة من مختلف دول العالم، زاروا مقر التنظيم الشعبي الناصري عند البوابة الفوقا، حيث التقوا أمين عام التنظيم النائب الدكتور أسامة سعد وأعضاء من قيادة التنظيم، وشخصيات سياسية واجتماعية.
النائب أسامة سعد رحّب بأعضاء الوفد، وكانت له كلمة قال فيها:
هذه المدينة كانت نقطة ارتكاز أساسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان،حتى وصلنا إلى تحرير الأراضي اللبنانية من هذا الاحتلال.
وبعد غد الذكرى ال 40 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. في هذا اليوم نتذكر شهداء صبرا وشاتيلا وكل الشهداء الذين سقطوا في مواجهة العدو الصهيوني وعملائه من اليمين اللبناني.
غير أنه على الرغم من هذه المأساة الإنسانية الكبيرة التي مررنا بها، إلا أن شعبنا بعد هذه المجازر التي ارتكبت ليست فقط في صبرا وشاتيلا، بل أيضاً هنا في صيدا ارتكبت عدة مجازر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، هناك أكثر من ألف شهيد سقطوا في صيدا على يد العدو الصهيوني.
شعبنا صمم على تحرير أرضه عبر مقاومته الباسلة التي استطاعت تحرير بيروت، وجبل لبنان، وصيدا وصور والنبطية، واستكملت بعد ذلك المقاومة الإسلامية عملية التحرير".
وأضاف سعد:
نحن نجلس هنا في هذا المكان، ولم ندخل إلى داخل المكتب، بسبب أنه لا توجد كهرباء. شعبنا الذي استطاع أن يحرر أرضه، لكن حكومته لا توفر له الكهرباء، ولا الماء، ولا فرص العمل، ولا الضمانات الاجتماعية، وأيضاً لا توفر له الغذاء الكافي.
هناك أطفال من اللبنانيين والفلسطينيين لا تتوفر لهم الأغذية الضرورية. 80 % من اللبنانيين والفلسطينيين ألغوا وجبة أساسية من وجبات أطفالهم. هذا الشعب يعاني أشد المعاناة، واليوم هو على أبواب بدء العام الدراسي.. والمدارس الحكومية لا تستطيع أن تستوعب الأعداد الكبيرة من التلاميذ، وأقساط المدارس الخاصة خيالية. ويفرضون على الأهالي أن يدفعوا بالدولار "الفريش". وتعرفون أن العملة الوطنية اللبنانية أي الليرة هي في الحضيض. الآن أكثر من 35 ألف ليرة سعر الدولار الواحد، ما جعل نسبة التضخم عالية جداً وفوق طاقة الاحتمال.
الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين لا يستطيعون أن يوفروا الحد الأدنى من ضرورات الحياة. تخيلوا هذه المفارقة، شعب تمكن بقدرات أبنائه واستشهادييه وجرحاه وأسراه من تحرير أرضه، لكن لا توجد عنده مقومات الحياة".
وقال سعد:" الفاسدون واللصوص والنهابون يتسلحون بالنظام الطائفي لحماية أنفسهم من غضب الشعب. في 17 تشرين 2019 ثار الشعب اللبناني دفاعاً عن حقوقه. بعث برسائل قوية عبر مئات الألوف الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات.
قالوا نحن شعب واحد، نرفض التمييز ما بين أفراد الشعب الواحد على قواعد الطائفية والمذهبية والفئوية والمناطقية. وقالوا أيضاً إننا نرفض أن تحتكر الأحزاب الطائفية والسلطوية الحياة السياسية، نحن أبناء الشعب الواحد وقواه الحية شركاء أساسيون في الحياة السياسية والحياة العامة.
وأضاف سعد:" في 17 تشرين 2019 طالبت الجموع الكبيرة من كل الشرائح والفئات والطبقات، وأيضاً الطوائف والمذاهب والمناطق، طالبوا بالتغيير السياسي في لبنان. رفضوا الواقع السياسي القائم على المحاصصات بين القوى الطائفية، وطالبوا بحياة سياسية مختلفة في لبنان، بمؤسسات ديمقراطية حقيقية، وبحياة سياسية تقوم على صراع برامج وأفكار وخطط، لا على محاصصات بين زعماء الطوائف. طالبوا الانتقال من واقع المحاصصة السياسية الطائفية إلى واقع سياسي أكثر انفتاحاً وأكثر حيوية وأكثر ديمقراطية. طالبوا بمحاسبة كل من أوصل البلاد إلى هذا الواقع المأساوي الفظيع. وأيضاً طالبوا بالحقوق الأساسية، طالبوا بالرعاية الصحية الشاملة، وتأمين التعليم المجاني والإلزامي في كل المراحل، وتأمين فرص عمل للشباب خصوصاً، وضمان البطالة في حال لم تتأمن فرص عمل، وبسياسة إسكانية تؤمن المسكن للشباب، وضمانات اجتماعية بما فيها ضمان الشيخوخة، وأيضاً طالبوا بالخدمات الأساسية؛ أن تتأمن الكهرباء والماء والإدارة الشفافة. طالبوا بكل هذه الحقوق من أجل بناء الدولة العصرية الديمقراطية العادلة.
هذه المعركة لا تزال قائمة ومستمرة على الرغم من الظروف الصعبة والضغوطات الكبيرة على الوضع المعيشي، وعلى الرغم من عدم قدرة الناس على البقاء في الساحات والميادين بسبب ظروفها المعيشية وأولوية تأمين الغذاء والدواء والاستشفاء والتعليم لأولادهم.
وأيضاً بسبب ما حصل من انتشار وباء الكورونا، وأيضا القمع الذي تعرضت له هذه الجماهير من قبل قوى السلطة.. هناك قوى حزبية نزلت إلى الشوارع واعتدت على المتظاهرين السلميين، ومارست بحقهم كل أشكال الإرهاب. هناك إصابات كثيرة في أعداد المتظاهرين السلميين، ولكن هذه الروح الثورية لا تزال حية وخصوصاً في الأجيال الجديدة. وهم سيستمرون في النضال بكل الوسائل والأشكال الديمقراطية السلمية من أجل تحقيق تطلعاتهم وآمالهم التي أعلنوا عنها في 17 تشرين 2019. وقد ترجموا ذلك في 15 أيار في الانتخابات النيابية الأخيرة، وكل اللوائح الانتخابية التي انطلقت من 17 تشرين كانت ضد أحزاب السلطة وضد الأحزاب الطائفية والمذهبية في لبنان، بدءاً من الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وصولاً إلى الحدود الشمالية وإلى البقاع والجبل.. كل لوائح 17 تشرين كانت ضد لوائح السلطة بما فيها اللائحة التي ترشحنا فيها والتي استطاعت أن تحقق 3 مقاعد من أصل 5 مقاعد في الانتخابات.
نحن الآن نحاول ونسعى مع آخرين في مجلس النواب من أجل الوصول إلى تكتل وطني في مجلس النواب.. فالخريطة السياسية في مجلس النواب هي عبارة عن تكتلات طائفية ومذهبية. أما نحن فسنسعى في المقابل أن يكون هناك تكتل وطني داخل مجلس النواب، يحمل أهداف وتطلعات 17 تشرين 2019.. أعتقد أن هذا واجب وطني علينا أن نسير لتحقيقه".
وقال سعد أيضاً:
تعرفون جيداً موقفنا الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي لم يكل ولم يمل أبداً من الكفاح.. نحن هنا في لبنان كفريق سياسي نطالب بالحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني. بينما السلطات اللبنانية المتعاقبة تمارس كل أشكال التمييز العنصري بحق الشعب الفلسطيني.
لذلك نسعى مع الشعب الفلسطيني وقواه الحية من أجل إقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان. أما إدعاء البعض أن نيل هذه الحقوق سيؤدي إلى توطين الشعب الفلسطينيين في لبنان فهو ادعاء كاذب.
الشعب الفلسطيني سيبقى مصمماً على استعادة حقوقه الوطنية فوق أرضه فلسطين، وتحديداً حقه في العودة إلى فلسطين. هذا حق تكفله الشرائع الدولية، وهذا حق إنساني بطبيعة الحال أن يعود الإنسان إلى بلده الأساسي.
ونحن نرى أن الكيان العنصري الصهيوني العدواني لا يتوافق مع قواعد القانون الدولي والشرائع الإنسانية. كما نرى أن الكيانات الطائفية والمذهبية في المشرق العربي تحديداً التي تهيمن على القرار السياسي والشأن العام، وهذه الأوضاع الشاذة التي تفرض نفسها على الحياة العامة في لبنان وسوريا والعراق والخليج العربي واليمن، إنما هي في الحقيقة تعطي نوعاً من المشروعية لهذا الكيان الصهيوني الذي يعمل لإقامة دولة دينية.
إقامة دول دينية في هذا المشرق العربي يشكل تبريرا للدولة الدينية الصهيونية. وهذا النوع من التفكير سيؤدي إلى تأبيد الحروب الأهلية في المنطقة. لذلك نحن نرفض الدولة الدينية، ونرفض ما تحاول فرضه على الحياة العامة الدول الطائفية والمذهبية.
نحن أمام صعوبات في هذه المرحلة، الشعوب العربية مفروض عليها أولويات هي لا تريدها ، وهي تبحث عن الأمن والاستقرار والغذاء والتعليم والصحة، وهذه أمور لا تتوفر لها، ولذا هي من أولوياتها الآن. لذلك فإن الشعوب العربية لا تعتبر مقصّرة بحق الشعب الفلسطيني، لكنها لا تستطيع أن تقدم ما يجب أن تقدمه لدعم نضال الشعب الفلسطيني. حتى أبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان يعانون من نفس المشاكل، وهم يتعرضون لكل أشكال التضييق على حياتهم. فعلى سبيل المثال إذا احتاج أحد أبناء هذه المخيمات لأن يصلح أي شيء في بيته، أو يدخل ولو حنفية ماء، يطلب منه أن يقدم طلباً لوزارة الدفاع ليسمحوا له بإدخال الحنفية!!! تخيلوا كل أشكال التضييق هذه على الشعب الفلسطيني. أليس هذا تمييز عنصري؟
أيها المناضلون
معكم يستمر النضال من أجل حياة أفضل في هذه المنطقة، وحياة أفضل وحقوق أساسية للشعب الفلسطيني .. يستمر النضال من أجل واقع إنساني مختلف عما نعيشه الآن، خصوصاً في منطقتنا ليعم السلام والعدالة في هذه المنطقة وكل العالم.
الناطقة الرسمية باسم لجنة شهداء صبرا وشاتيلا ودعم حق العودة " Mirca Garuti " كانت لها كلمة، قالت فيها:
باسم لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" نقدم تحياتنا لكم جميعاً. وأشكر النائب الدكتور أسامة سعد على استقباله لنا. وأشكر أيضاً السيد قاسم على استمراره منذ سنوات طويلة في تنظيم هذه الفعالية.
نحن الآن في مدينة صيدا التي استقبلت الفلسطينيين بصدر رحب. ونشكر التنظيم الشعبي الناصري صاحب المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية. صيدا شاركت في كل الانتفاضات الفلسطينية واحتضنتها ابتداء من الانتداب البريطاني، وفي الوقت الذي كان لبنان يرزح تحت الاحتلال الفرنسي.
صيدا رمز لكل العرب خصوصاً حركة الناصريين. وشرف كبير لنا أن نقوم بزيارة ضريح الشهيد معروف سعد لأنه يمثل بالنسبة لنا رمزاً لكل الكادحين والمعدمين في هذه الحياة الذين يجب أن نكون إلى جانبهم دائماً.
وأضافت:" نحن نعود اليوم بعد سنتين من الغياب. كانتا سنتين صعبتين لعدم تمكننا من الوصول إلى بيروت بسبب الجائحة، ولكن للأسف الجائحة لم تنته، وهناك مصائب أخرى واجهناها في الوضع السياسي والاجتماعي في بيروت. قبل سنتين عندما التقينا مع الدكتور أسامة سعد شرح لنا الوضع الاقتصادي والسياسات الحكومية. ولكن الوضع تدهور أكثر عما كان عليه قبل سنتين.
نحن موجودون مرة ثانية من أجل إحياء الذكرى 40 لمجزرة صبرا وشاتيلا. هذه المجزرة تدخل ضمن الجرائم بحق الإنسانية حسب ما أقرته اللوائح والقوانين الدولية. وللأسف لا يوجد اسم صبرا وشاتيلا ضمن المجلدات التي تتضمن الجرائم ضد الإنسانية
لذلك لا يمكن أن نترك الشعب الفلسطيني لوحده، وعلينا أن نكون صوت هذا الشعب، وأن نطالب الحكومة اللبنانية بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه الإنسانية. هم يعيشون بحالة البؤس في المخيمات والعالم غير مهتم بهم. وإذا كانت إسرائيل لها الحق بالوجود، فالشعب الفلسطيني له الحق بالوجود. فلسطين هي أرض الفلسطينيين التي تم طردهم وسحقهم منها عام 48 . إسرائيل مستمرة في مشروعها التوسع الصهيوني دون أن تجد من يوقفها عند حدها. ولكن في حلق إسرائيل شوكة وهي حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية pds، ويتهم من ينتمي إلى هذه الحركة بالعداء للسامية، وهذا سبب رفض إسرائيل دخول أفرادها إلى الأراضي الفلسطينية.
في هذه المرحلة التاريخ الفلسطيني والقضية الفلسطينية بقيا على هامش المؤتمرات الدولية والاهتمام العالمي. وحملة pds مهمة لنضال الشعب الفلسطيني ولشرح ما يجري في فلسطين. ومن أهدافها: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتأمين حقوق متساوية للفلسطينيين الموجودين في الداخل، والاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وهو حق أقرته الأمم المتحدة من خلال القرار 194، ويمثل الأمان بالنسبة لمستقبل الشعب الفلسطيني.
لذلك نحن ندعو إلى وحدة الشعب الفلسطيني، فهذه الوحدة ضرورية لمحاربة العدو. الوحدة الوطنية القوية قادرة على صد الهجمة الصهيونية. ونذكر بكلمات الشاعر محمود درويش عندما كان يقارن ما بين حق العودة لليهود وللفلسطينيين، اليهود خلقوا حالة من التشرد والنفي للفلسطينيين، بينما الفلسطينيون لم يخلقوا حالة النفي والتشرد بحق اليهود .. كفى جرائم بحق الشعب الفلسطيني لكي لا يكون هناك مجزرة أخرى كمجزرة صبرا وشاتيلا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق