فتحي كليب / مسؤول دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
اعتاد المفوض العام لوكالة الغوث والعديد من مسؤولي الاونروا على شرح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والانسانية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون، بفعل الاستهداف السياسي الواضح والمعلن الذي تتعرض له قضيتهم، وهو شرح يعكس الواقع الفعلي للاجئين الذين يكتوون بنار سياسات الابتزاز التي تمارسها بعض الدول المانحة وايضا بنار الاوضاع المتذبذبة في مناطق العمليات الخمسة او بنتيجة الاوضاع الدولية المتغيرة التي تنعكس سلبا في الكثير من العناوين، خاصة في قضايا التمويل..
رغم ان ما تقوله وتتحدث به الاونروا من نقل للواقع الانساني الى المنابر الدولية والى الرأي العام العالمي هو امر صحيح وليس مبالغا فيه، وهو من صميم مسؤوليتها لجهة ايجاد افضل الطرق لمخاطبة المجتمع الدولي ووضعه امام مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين وحثه على استمرار دعمه السياسي والمالي، وهو جهد مقدر من اللاجئين ومن مرجعياتهم المختلفة، ورغم ان مسؤولي الاونروا دائما ما يشيرون في مواقفهم الى السبب الاساس في الواقع الذي يعيشه اللاجئون، وهو التهجير القسري من ارضهم وممتلكلتهم وعدم استجابة اسرائيل للقرارات الدولية، غير ان القلق هو بعدم فهم مضمون الرسالة التي تعمل وكالة الغوث على ايصالها..
فقضية اللاجئين الفلسطينيين، منذ نشأتها في العام 1948 وحتى اليوم، هي قضية سياسية وتتعلق بحقوق سياسية يختصرها حق العودة وغيره من الحقوق من اطار حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني، وبالتالي فان ما تقدمه الدول المانحة للاونروا وموازنتها هو جزء من المسؤولية التاريخية، السياسية والقانونية والاخلاقية والانسانية، لهذه الدول التي ساهمت بشكل او بآخر في تكريس قضية اللاجئين عندما وافقت على فبول اسرائيل عضوا كامل العضوية في الامم المتحدة دون ان تفرض عليها الالتزام لا بتطبيق القرار 194 وما سبقه من قرارات (181) ولا بفرض انسحابها بعد سنوات من الاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت في العام 1967..
منذ اليوم الاول لانطلاق مفاوضات مدريد ركز رئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت يتسحاق شامير، الذي القى كلمة في الجلسة الافتتاحية على الناحية الانسانية لمشكلة اللاجئين، مساويا بين اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من فلسطين نتيجة عمليات الارهاب التي ارتكبتها العصابات الصهيونية وبين المواطنين الاسرائيليين الذين غادروا الدول العربية. وفي المفاوضات المتعددة الاطراف التي انطلقت الى جانب المفاوضات الثنائية والتي بحثت في مجموعة عناوين من ضمنها "قضايا اللاجين في الشرق الاوسط"، لم يتمكن لا الوفد الفلسطيني ولا الوفود العربية من ان يفرضوا على الاسرائيليين وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين بابعادة السياسية والقانونية على جدول اعمال المفاوضات، وكان واضحا ان الوفود الاسرائيلية كانت تتجاهل بحث الجوانب السياسية لقضية اللاجئين وتصر على بحث الجوانب الانسانية.. وظل هذا الامر ساريا الى ان توقفت لجنة العمل الخاصة باللاجئين عن الاجتماع نتيجة المواقف الاسرائيلية التي ما زالت على حالها حتى الآن.
لذلك نقول: ان اسرائيل تسعى لتحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين الى قضية انسانية فقط منزوعة من سياقها السياسي والقانوني، وبعض الدول المانحة تجاريها في ذلك، وهذه مسألة يجب الا تغيب عن اذهان الاطراف المعنية، سواء وكالة الغوث او بعض الدول المانحة او حتى منظمة التحرير الفلسطينية المطالبة بشكل دائم التأكيد على البعد السياسي لقضية اللاجئين، والتحذير من النتائج المترتبة على تحويل قضية اللاجئين من قضية سياسية تتعلق بشعب اقتلع من ارضه الى قضية انسانية يعتقد البعض، واهما، انها اسهل الطرق لتصفية حق العودة، وحكما ان هؤلاء لم يقرأوا التاريخ جيدا ولم يتعرفوا بعد على معدن الشعب الفلسطيني ووطنيته الصافية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق