المناشدة العاجلة التي أطلقها المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لارازيني للجهات المانحة لدعمها بالحصول على تمويل بقيمة 13 مليون دولار من أجل مواصلة دعمها اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لم تُهَدّئ من روع أبناء المخيمات الذين رأوا فيها إقراراً رسمياً بارتفاع مستويات الفقر والبطالة مصحوباً باليأس الى حدّ تتساوى فيه الحياة مع الموت.
لارازيني الذي أكد أنّ هذه المناشدة تأتي وسط إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في لبنان بالتاريخ الحديث، وقد تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 وسوء الحوكمة وانهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية، جعلت اللاجئين في المخيمات يتشبّثون بآخر ما تبقّى.
وعلى الرغم من أن المناشدة لاقت إرتياحاً في الأوساط الفلسطينية، وإن جاءت متأخّرة، إلّا أنّ القوى السياسية دعت إدارة «الأونروا» إلى إعلان حالة طوارئ صحّية وإغاثية لتفادي المزيد من التداعيات السلبية بعد تفشي «كورونا» والمخاطر التي تحدق بالمخيّمات مع بدء تفشي الـ»كوليرا». ويقول رئيس «الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين» علي هويدي إنّ دعوة «الأونروا» تمثّل «إقراراً بأنّ البرامج العادية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات اللاجئين، بعدما وصلت إجراءات التقشّف وضبط التكاليف إلى حدودها القصوى»، آملاً في تجاوب سريع «والعمل على إنقاذ من تبقّى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان للعيش بكرامة». واعتبر مسؤول دائرة وكالة الغوث في «الجبهة الديمقراطية» فتحي كليب أنّ إطلاق المناشدة «لا يلغي إعلان حالة الطوارئ الصحية والإغاثية»، و»الأونروا» ليست جمعية خيرية، وقضية اللاجئين الفلسطينيين سياسية وليست إنسانية فقط، ودعا إلى وضع استراتيجية وطنية لحمايتها وفي الوقت نفسه الضغط لتحسين خدماتها وفتح باب التوظيف أمام الخرّيجين للحدّ من البطالة الخانقة.
ووفق «الأونروا»، يعيش في لبنان 210 آلاف لاجئ فلسطيني من بينهم 30 ألف لاجئ فلسطيني مهجّر من سوريا في 12 مخيّماً رسمياً بالإضافة إلى تجمّعات أخرى في ظروف معيشية صعبة، واستناداً إلى آخر مسح أجرته فإنّ 93 بالمئة من كافة لاجئي فلسطين في لبنان هم فقراء.
إعتصام مفتوح
وللأسبوع الرابع، اعتصمت عائلات فلسطينية في باحة مكتب الخدمات الإجتماعية والإغاثة للوكالة في مخيم عين الحلوة لمطالبة الإدارة بإعادة فتح ملف العسر الشديد والإغاثة وفق معايير جديدة تتلاءم مع تداعيات الأزمة المعيشية، وسط تحذيرات شعبية متكرّرة من انفجار اجتماعي وشيك.
ونفّذت عائلتان اعتصاماً رمزياً في مكتب «الأونروا» الرئيسي في عبرا ـ صيدا، للضغط من أجل الإلتزام بما وعد به مسؤول قسم الشؤون الإجتماعية والإغاثة فادي فارس، لجهة تعهّد الوكالة بالإعلان عن استمارة محدّثة، ما يفتح الأبواب أمام زيادة حالات العسر الشديد في برنامج الشؤون الإجتماعية، ورفع قيمة المساعدة الإغاثية الدورية الى أكثر من 50 دولاراً وشمولها كافة أفراد العائلة، إذ لا تزال حتى اليوم محصورة بين الأطفال دون 18 والكبار فوق 60 سنة.
وأوضح الناشط الفلسطيني وديع العلي لـ»نداء الوطن» أنّ مطلب العائلات «إلتزام «الأونروا» بعدما صنّفتهم تحت خطّ الفقر بتقديم إغاثة شهرية عاجلة لهم لحين الإنتهاء من المسح الذي تجريه، خاصة وقد بيّنت الدراسات حاجة كل عائلة لما لا يقلّ عن 300 دولار شهرياً للعيش بالحدّ الأدنى، ترتفع في حال زيادة عدد أفرادها واستئجار منزل ومواصلات لنقل أبنائها للمدارس»، مشيراً إلى «أنّ ما تقدّمه «الأونروا: كل ثلاثة أشهر لبعض العائلات المستفيدة من برنامج الشؤون لا يساوي ما نسبته 20% من حاجتها الفعلية للعيش ضمن المأكل والملبس فقط».
بالمقابل، أكدت «الأونروا» في بيان «أنّ أولويتنا القصوى الآن هي توسيع نطاق المساعدات النقدية لتغطية المزيد من الفئات في مجتمع لاجئي فلسطين في الأشهر المقبلة، وسنجري مسحاً اجتماعياً واقتصادياً يبدأ تنفيذه قبل نهاية العام الجاري، ونتوقع بعده إعادة تركيز برنامج شبكة الأمان الاجتماعي وتعديله لكي نتمكّن من تلبية احتياجات الفئات الأكثر حاجة التي سيتم تحديدها في الأشهر المقبلة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق