قلم : د. غسان مصطفى الشامي
تمثل الوكالة اليهودية أحد أذرع الكيان الصهيوني في تهويد، ومواصلة سرقة أرض فلسطين المباركة، فهي تمثل الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية، بل وتعد اليد الطولى لليهود في الاستيطان والتهويد، فقد أنشأ الصهاينة الوكالة اليهودية عام 1923م أسسها المجرم الصهيوني (حاييم وايزمن) فهي من مخرجات ونتائج المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل عام 1897م، إذ نفذت مهام كبرى أبرزها استقدام اليهود الصهاينة المجرمين إلى أرضنا الفلسطينية المباركة، وتمثل الوكالة اليهودية القاعدة الأساسية للكيان الصهيوني، ودورها الخبيث في كل الجرائم والمجازر التي نفذها الكيان بحق شعبنا وأرضنا، هذا فضلًا عن الدور الخبيث الكبير الذي تؤديه هذه الوكالة في الانتخابات الأمريكية والكونغرس الأمريكي لتوجيه سياسات أمريكا وتحديد الرئيس الأمريكي الذي ينفذ مخططات الصهاينة؛ إذ تمارس الوكالة اليهودية دورًا بارزًا في توجيه السياسة الأمريكية لصالح (إسرائيل)، هذا وإذا أردنا الحديث عنها، فيجب علينا بدايةً التعرف إلى مراحل تأسيسها.
لقد سعت الوكالة اليهودية مُنذ إنشائها إلى زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، عبر شراء الأراضي الفلسطينية كملكية يهودية عامة، وتشجيع الاستيطان الزراعي المبني على العمل اليهودي، كما وركزت عملها الإجرامي الخبيث ونشاطها كثيرًا خلال (الانتداب البريطاني) 1917-1948 الذي وفر للوكالة الصهيونية الحماية والرعاية الكبيرة لتسهيل تنفيذ وعد (بلفور) المشؤوم بقصد إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، ومنذ ذلك الوقت نشطت الوكالة كثيرًا في جلب يهود العالم للاستيطان في فلسطين وكان آخرهم استقبال الآلاف من يهود أوكرانيا بعد الحرب الروسية.
ومنذ احتلال العدو الصهيوني لأرضنا عام 1948م لم يتوانَ الصهاينة لحظة واحدة عن ممارسة جرائم القتل والتشريد والتهجير بحق أبناء شعبنا الفلسطينية، ومواصلة تدمير المنازل وتخريب الشوارع والبنية التحية بهدف إحكام السيطرة الصهيونية الكاملة على أرضنا المباركة.
وقبل حرب نكبة فلسطين عام 1948م عمل اليهود الصهاينة على بناء المستوطنات على أرضنا من خلال التجمعات اليهودية وتشكيل ما يعرف (الكيبوتسات) الزراعية في شمال فلسطين، إذ بدأ الصهاينة الاستيطان من أواخر القرن التاسع عشر، ومع بدايات القرن الماضي وتحديدًا عام 1912م بدؤوا ينشئون ما تسمى لديهم (الكيبوتسات) اليهودية، إذ جاءت هذه الهجرات اليهودية الاستيطانية إلى فلسطين تنفيذًا لمخرجات ونتائج المؤتمر الصهيوني اليهودي الأول الذي عقده اليهود في سويسرا/ بازل عام 1897م الذي أوصى بالهجرة اليهودية إلى فلسطين والاستيطان بها، إذ بدأ الصهاينة في إقامة التجمعات الاستيطانية والتغول على أراضي المزارعين الفلسطينيين، وهذه الحقائق مثبتة منذ أكثر من 100 عام، والسؤال هنا هل توقفت الهجرة اليهودية الصهيونية إلى فلسطين؟ طبعًا لا، إذ ما زالت الهجرات اليهودية الصهيونية متواصلة ومتصاعدة، لأنها تأتي ضمن مخططات ومسلسل مشاريع تهويدية واستيطانية لتهويد أرضنا الفلسطينية.
أعداد هجرة اليهود الصهاينة هذا العام مخيفة جدًّا، بحسب تقرير أصدرته وسائل الإعلام العبرية تفيد بأن الوكالة اليهودية استقدمت إلى الكيان الصهيوني خلال العام الجاري 2022م أكثر من (61 ألف) مهاجر يهودي إلى الكيان خلال العام الحالي 2022، مقارنة مع عدد (25497 ألف) من المهاجرين اليهود الذين تم استقدامهم في العام.
ويشير الكاتب إلى أن قراءة هذه الأرقام الخطيرة وتحليلها والتدقيق فيها على مدار السنوات القليلة الماضية يجد أرقامًا كبيرة للصهاينة المستوطنين جلبتهم الوكالة اليهودية إلى فلسطين، بل زاد العدد بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؛ بل لم تتوقف ساعة عن استقدام مستوطنين صهاينة إلى أرض فلسطين، خاصة أن هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين الصهاينة تستدعي بناء الآلاف من الثكنات الاستيطانية وتنفيذ المزيد من المشاريع التهويدية في الضفة والقدس المحتلة، بل تتطلب المزيد من المشاريع والمخططات التهويدية الاستيطانية على الأرض الفلسطينية؛ في حين أظهرت المعطيات والأرقام التي أوردتها وسائل الإعلام في الكيان الصهيوني أن عدد (المهاجرين الجدد) ازداد هذه السنة أكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي، كما أظهرت المعطيات أن الزيادة الواضحة كانت من أوكرانيا وروسيا، إذ ارتفعت الزيادة 36%، وذلك على الرغم من الأزمة ما بين الوكالة اليهودية والحكومة الروسية، كما نشرت صحيفة "يسرائيل" هيوم العبرية فإن (32 ألف) مهاجر جديد أتوا هذا العام 2022م من روسيا، على حين بلغ عدد عدد المهاجرين الذين وصلوا من أوكرانيا (14450)، وبحسب الصحيفة فإن بقية المهاجرين أتوا من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبيلاروسيا والأرجنتين ودول أخرى.
إن ما أوردته الصحافة الصهيونية من أرقام ومعطيات عن الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وزيادتها أضعاف عن السنة الماضية خطير جدًّا في ظل التغول الاستيطاني الواسع على أرضنا الفلسطينية ويؤكد أن الاحتلال الصهيوني ماضٍ في مخططاته في الاحتلال والسيطرة على الأرض الفلسطينية وتعزيز بناء الثكنات الاستيطانية والمضي قدمًا في مشاريع التهويد، في ظل استمرار وتوسع المخططات الاستيطانية التهويدية القدس والمسجد الأقصى المبارك أبرزها قيام بلدية الاحتلال الصهيوني في القدس المحتلة بالعمل على بناء أطول جسر سياحي تهويدي فوق أراضي حي وادي الربابة في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، لربط المستوطنات الصهيونية ببعضها وتسهيل حركة الصهاينة بين مستوطنات القدس المحتلة.
إن ما يحدث من استمرار الهجرة اليهودية إلى أرضنا الفلسطينية، ومواصلة مشاريع التهويد والاستيطان في القدس والضفة، يعد مؤشرًا خطيرًا على تكثيف هذه المشاريع التهويدية واستمرار التخريب والتدمير للأرض الفلسطينية ومواصلة سرقة ثرواتها وخيراتها الطبيعية لصالح الصهاينة المحتلين.
إلى الملتقى ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق