وكالة القدس للأنباء - ليلى صوّان
يتكرر المشهد بين الحين والاخر قارب ينطلق من الاراضي اللبنانية ومعه العشرات من مختلف الجنسيات اللبنانية والفلسطينية والسورية قاصدين وجهة اي بلد اوروبي ينتشلهم من واقع الفقر والحرمان. لكن المشهد لا يكتمل في اغلب الاحيان، فاما ان يغرق المركب بمنه فيه، او يتوه وسط الأمواج العاتية. وهذه الاخبار ليست جديدة او طارئة اذ ان "قوارب الموت" ازدهرت منذ 2015 مع اللاجئين السوريين الى لبنان وتضاعفت بعد تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار الدولار وخسارة المواطنين اموالهم، وأشغالهم، لتصبح الهجرة هي الملجأ الوحيد برغم اخطارها التي تصل الى حد الغرق.
ومع كل التحديات التي تواجه هذه المغامرات، تواصل "قوارب الموت" مهماتها، محاولة الإفلات من المراقبة الأمنية، فمنها من يحالفه "الحظ" فيواصل مغامرته، أما سيء الحظ فيعلق في شراك السلطات الأمنية، وهو ما حصل مع آخر قارب خرج من الشواطئ العكارية خلال ساعات الفجر الأولى، وتم احتجاز وتوقيف المغادرين ... فكأن مشهد ايلول الماضي وغرق "مركب الموت" بالقرب من شواطئ اللاذقية السورية قد انمسح من الذاكرة رغم عشرات الضحايا والمفقودين، الذين خسرتهم أسرهم، تاركين خلفهم حسرة ولوعة ونيرانا لا تطفئها الأيام ولا السنوات.
تجولت "وكالة القدس للأنباء" داخل المخيمات الفلسطينية وحاورت عدداً من اللاجئين حول الهجرة اللاشرعية، لمعرفة تفاصيل اكثر والاقتراب من الواقع المعاش .
يقول اللاجئ الفلسطيني احمد عزام، لـ"وكالة القدس للأنباء" إن "الاوضاع المعيشية الصعبة وفقدان اللاجئ فرص العمل مع تهميش الحاصل وعدم التفات المعنيين لوضع الاهالي داخل المخيمات يعزز فكرة الهجرة "
وتابع حديثه "انا اب ولدي اسرة واطفال واعمل بشكل متقطع عامل باطون، وفرص العمل داخل المخيم وخارجها اصبحت معدومة بسبب الوضع المعاش وتراجع الإعمار فلم اعد بأستطاعتي تلبية حاجات اسرتي وبالتأكيد ان سمحت لي الفرصة للهجرة ووجدت باب لها سأهاجر فلم يعد بإستطاعتي ان اتحمل اكثر فانا اخجل من اطفالي عندما يطلبون غرض ولم املك مال لإوفره لهم ".
ومن جانب اخر قال اللاجئ احمد الخليل "الهجرة من الخيارات المستحيل ان اقدم عليها مرة اخرى منذ عام 2015 وانا احاول وكنت اصل الى مناطق محددة ونرجع بسبب عدة اسباب واهية كان يقدمها لنا السمسار ودائما ندفع مبالغ مالية ولا نصل وسجنت في اليونان اشهر ثم اعادوا ترحيلي الى لبنان".
واضاف الخليل "الحادثة الاخيرة التي حصلت وغرق المركب زاد من اصراري لعدم المغامرة والهجرة وان ارضى بالواقع واركز على كيفية تطوير عملي، فانا لدي محل ثياب واعمل على تطويره وزيادة تجارتي لافتتح محلات اخرى".
أما الحاجة ام علي، فتحدثت لوكالة القدس للأنباء، قائلة "ابنائي الثلاثة هاجروا بطريقة غير شرعية عبر البحر الى المانيا وعندما وصلوا ظننت انهم وصلوا الى بر الامان ولكن الواقع جاء مغايراً منذ ست سنوات يعيشون هناك ولم يحصلوا على اقامة بعد واوضاعهم المعيشية ليست افضل من حالي كثيراً".
تتضارب وجهات النظر بين مؤيد للهجرة غير الشرعية ومعارض لها داخل المخيمات، إلا أن مسلسل الكوارث التي تعود على الأسر الفلسطينية بالنتائج العكسية والماساوية، دفعت بالكثيرين لتلافي هذا الطريق المحفوف بكل أشكال المخاطر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق