)) إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(( صدق الله العظيم
إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تمثل التنظيم الفلسطيني الذي ارتبطت الثورة بأسمه لأن انطلاقة العام 1965 كانت دلالة على الأنبعاث الحقيقي للوطنية الفلسطينية، والكفاح المسلح الذي جسَّدها عملياً كبؤر تنظيمية متواجدة في كافة دول الطوق العربية المحيطة بفلسطين كونها الأقرب إلى ساحة الفعل العملية، ومن هذه الخلايا من انتشر في الخليج العربي، وأوروبا الغربية، ليتم بعد ذلك انشاء تنظيم فلسطيني مستقل يهدف إلى تحرير فلسطين، وإقامة دولة ديموقراطية، ومجتمع تسوده الديموقراطية والحيوية لمواجهة الاحتلال.
إنَّ الحركة في الخطوات الأولى تجسَّدت وتلاقت بذورها العام 1957، وهي امتداد لنكبة 1948 حيث بطشت طائرات الاحتلال ودمرت القرى الفلسطينية، وأيضاً استهدفت مناطق محددة من المدن، وهذا ما أوقع خسائر هائلة بسبب المجازر أيضاً، والبطش في جموع اللاجئين الذين غادروا بيوتهم تحت سطوة القصف والتدمير.
بعد سيل اللجوء والتشرد، كانت الجهود ذاهبة باتجاه اعتماد إستقلالية العمل الوطني الفلسطيني خاصة أن مصر إعتمدت قراراً بتجميد عمليات الفلسطينيين. ولكن في هذه المرحلة برز بقوة دور رابطة الطلبة الفلسطينيين في جامعات مصر، وخاصة منذ تسلم ياسر عرفات رئاسة الرابطة، والدور العربي والعالمي الذي لعبته الرابطة في بعث القضية الفلسطينية، وحتى تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين العام 1959.
منذ العام 1954 ابتدأ خليل الوزير أبو جهاد أبرز مؤسسي حركة فتح الكفاح المسلح ضمن مجموعات فدائية صغيرة، وفي تموز 1957 كتب مذكرة القيادة والاخوان المسلمين في غزة يحثهم على تأسيس تنظيم خاص يرفع شعار تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح، ورفضت الجماعة دعوته، وعندها إنضمت أعداد كبيرة من الكوادر لتنظيم فتح الناشئ لاحقاً امثال (سليم الزعنون، وصلاح خلف، وأسعد الصفطاوي، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وسعيد المزين، وغالب الوزير من قطاع غزة، ومحمد غنيم، ومحمد أبو سردانة من الضفة الغربية.
وما ذكرناه كانت خطوات تمهيدية مهمة عبَّدت الطريق باتجاه تأسيس هذه الحركة الرائدة، وكان اللقاء الفعلي الأول في الكويت سنة 1957 وقد ضم ستة أشخاص هم: ياسر عرفات، وخليل الوزير، وعادل عبد الكريم ، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد ، بحيث اعتبر اللقاء التأسيسي الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ،رغم أن الأخوين يوسف عميرة وتوفيق شديد إنقطعا بعدها بفترة قليلة عن الاجتماعات.
بعد هذا الإجتماع صاغ المؤسسون ما سمي (هيكل البناء الثوري) و( بيان حركتنا)، وتم الاتفاق على اسم الحركة للأحرف الأولى للتنظيم مقلوبة من (حتوف) ثم (حتف، إلى فتح).
تبع ذلك إنضمام أعضاء جدد منذ 1959 كان ابرزهم صلاح خلف، وخالد الحسن.
وفي العام 1959 ظهرت حركة فتح من خلال منبرها الاعلامي الاول حركة فتح (مجلة فلسطيننا- نداء الحياة) التي صدرت في بيروت منذ شهر تشرين ثاني وادارها توفيق حوري، وهو العام الذي اندمجت فيه معظم البؤر التنظيمية الثورية المنتشرة المتشابهة الأهداف، وحققت أوسع استقطاب حينما شملت ما يزيد على 500 عضواً.
لقد أدت مجلة فلسطيننا من خلال التعريف بحركة فتح، و نشر فكرها ما بين 1959 و 1964 دوراً استقطابياً من خلال المجموعات التنظيمية الأخرى، وقد انضم في تلك الفترة إلى صفوف الحركة الناشئة كل من عبد الفتاح حمود وماجد أبو شرار، وأحمد قريع، وفاروق قدومي ، وصخر حبش، وهاني الحسن، وهايل عبد الحميد، ومحمود عباس ،ويحيى عاشور، وزكريا عبد الحميد، وسميح أبو كويك ، وعباس زكي وغيرهم الكثير.
في عام 1962 شاركت فتح في احتفالات استقلال الجزائر، ثم افتتحت هناك مكتبها في الجزائر العاصمة 1963، برئاسة خلیل الوزير أبو جهاد، وفي العام 1963 أصبحت سوريا محطة مهمة لحركة فتح بعد قرار حزب البعث السوري السماح لها . بالتواجد على الساحة.
في عام 1964 شارك 20 ممثلاً عن حركة فتح في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني ، رغم اعتراضات فتح العلنية على م.ت.ف آنذاك باعتبارها أداة للدول العربية أقيمت لاستباق صحوة الشعب الفلسطيني إلاَّ أنها بالمقابل اعتبرتها إطاراً رسمياً يحوز على شرعية عربية لا بد من الاحتفاظ به كما يقول خليل الوزير، ثم يتم تثويره.
وهنا ننتقل بعد هذه المقدمات إلى كيفية أخذ قرار الانطلاقة. في العام 1963 انتقل ياسر عرفات من الكويت إلى دمشق ليعمل على تطوير التنظيم على خط المواجهة في لبنان وسوريا والاردن وفلسطين، خاصة أن سوريا كانت تدعم في هذا التوجه، وبعد العديد من اللقاءات، والحوارات المعمَّقة داخل حركة فتح، كان هناك تياران داخل حركة فتح، تيار فتح الرافض للانطلاقة المسلحة مما سموا بالعقلانيين الراغبين بتأجيلها لحين الجهوزية، وبين تيار (المجانين) الذين كانوا يسعون لاستثمار الفرص المتوفرة، ثم البناء عليها، ويقودهم المرحوم ياسر عرفات وهم الذين بدأوا. وقد قررت القيادة الموسعة بدء الكفاح المسلح في 31/12/1964 باسم قوات (العاصفة ) بالعملية الشهيرة التي تم فيها تفجير شبكة مياه (اسرائيلية) تحت اسم نفق عيلبون. وهنا لا بد أن نستذكر الرمز ياسر عرفات الذي كان له الفضل الأول في تأسيس هذه الحركة الوطنية الثورية التي شغلت العالم وأصبحت العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ثم تواصلت عمليات حركة فتح تتصاعد منذ 1965 محدثةَّ إزعاجاً وارباكاً شديداً (لإسرائيل) والدول العربية، هذه الدول العربية التي وجدت نفسها أمام واقع جديد أجبرها على الاعتراف ب.م.ت.ف، وكان البيان السياسي الأول صدر في 28/1/1965، والذي أكد أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة فتح لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية، وأكدت الحركة لاحقاً على ضرورة التعبئة العسكرية، واستشارة الجماهير العربية.
أ- ان التجربة المرة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني من خلال الاستهداف الدائم والمتصاعد لأهلنا في الداخل، واسقاط الشهداء والجرحى، وتدمير البيوت على من فيها. وبدون أي شك أن الكيان الصهيوني وبكل سياساته العسكرية والسياسية، وكافة تشكيلاته الإرهابية والعنصرية هو مصمم على ممارسة الارهاب والقتل، والمجازر والقصف الجوي على الأحياء والمخيمات ، واسقاط الضحايا، حتى أماكن العبادة لم تَسلمْ من هذه الاعتداءات الصهيونية. وللأسف فإن كافة هذه الجرائم والتجاوزات لم تحرك الأمم المتحدة ، ولا مجلس الأمن، وهذا ما جعل نزيف الدماء مُتواصلاً ، وحجم المآسي والنكبات على مدار الساعة، وكافة أللجان القانونية الدولية تقف متفرجةً، وليس هناك من يأخذ قرار المحاسبة للمعتدي، لأن الولايات المتحدة ألزمت نفسها بحماية الكيان الصهيوني، علماً أن هذا الكيان الغاصب هو الذي اغتصب الاراضى الفلسطينية منذ ما قبل نكبة العام ١٩٤٨، وهو الذي ارتكب المجازر بحق أهلنا المدنيين في المجازر التي تحدث عنها التاريخ المعاصر، والمؤرخون من كل الأقطار، والشعوب، وخاصة الموسوعات العربية والإسلامية، وأيضاً الدولية المخلصة التي أدانت المجازر.
ب - إنَّ ما يؤسفنا كشعب فلسطيني، وكمنظمة تحرير فلسطينية، أن مجلس الامن والامم المتحدة تكيل بمكيالين فالقرارات التي تؤخذ للأسف دائماً تتعارض مع الحقوق الفلسطينية، وترفض محاسبة الاحتلال على ممارساته الخارجة عن القانون، والتي تتسم بالإجرام والسيطرة والإستعمار، وسرقة الاراضي.
ج- إنَّ شعبنا الفلسطيني رغم معاناته المريرة على كافة الأصعدة، وفي الداخل تحديدأ، وفي كافة مناطق الضفة الغربية والقدس، لكننا استطعنا أن نحافظ على قرارنا الوطني المستقل، وأيضاً استطعنا ورغم مرارة الظروف والتعقيدات والتي نعيشها، والتي تواجهنا في مسيرتنا الطويلة والمريرة أن نتمسك بثوابتنا الوطنية الأصيلة .
إننا كشعب فلسطيني في الداخل والشتات قد آمنَّا منذ البداية بالكفاح المسلح، ومقاومة الاحتلال لأرضنا، مهما طال الزمان، فنحن عاهدنا أنفسنا بأن نظل أوفياء للشهداء، فهم عنوان كرامتنا، وهم جزء لا يتجزأ من كياننا الوطني.
إن شعبنا الفلسطيني يؤكد باستمرار ومن خلال قيادته القائمة أي م.ت.ف أنه لا يتحمل تبعات الجرائم التي يعيشها أهلنا في مختلف المناطق، حيث أدار الاحتلال ظهره بالكامل لكل الحقوق الفلسطينية، وهذا ما يفرض علينا شئنا أو أبينا أن نبحث عن الوسائل والطرق الفاعلة التي تحقق السلام القائم على العدل، والذي ينفذ القرارات التي اتخذتها الهيئات القيادية الفلسطينية، ومنها المجلس المركزي الفلسطيني.
- أن رئيس دولة فلسطين الرئيس أبو مازن دائماً يطالب الدول الكبرى بان تعترف بمسؤولياتها عن جرائم الاحتلال، ومواصلة الجهود لإنهاء احتلال أراضي الدولة الفلسطينية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني، إِنَّ كل الضغوطات التي تمت ممارستها من قبل الأطراف المعادية علينا لدفعنا إلى التنازل عن حقوقنا الوطنية، وعن ثوابتنا الوطنية التي بُنيت عليها حركة فتح باءت بالفشل، ورفضناها جملة وتفصيلا ، لأن حركة فتح هي حركة الأمة العربية التي قاتل في صفوفها الآلاف من أبناء شعبنا، ومن شعوب العالم الحر، والتي تعتز بفلسطين ومقدساتها.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني إن السنوات المرة التي مرت ، وأثبتت عدم مصداقية قيادة الاحتلال الصهيوني في كل الاتفاقات، والممارسات تعطي مؤشراً خطيراً على مصير قضيتنا وشعبنا، ومستقبلنا . ومن هذا المنطلق فإننا في حركة فتح نؤكد المنطلقات التالية:
أ- أننا نعاهدكم بأن نبقى الأوفياء لدماء وقوافل الشهداء وذويهم وتضحياتهم مهما طالت مسيرة الاحرار.
ب – إنَّنا يا أبناء شعبنا المكافح والمجاهد، نعاهدكم بأن نواصل مسيرة الوفاء لأهالي الأسرى والمعتقلين وأهاليهم سواء الشهداء أو الأحياء أو المرضى، ونخص بالذكر قوافل الأسرى الشهداء المحجوزين في التوابيت، وخاصة دلال المغربي .
ونخص بالذكرأيضاً الأسير الشهيد ناصر أبو حميد، وأخوته الأسرى وزملاؤه ووالدته أُم الشهداء التي ربتهم ورعتهم ، وقلبها ممتلئ، بالايمان والتقوى، والاحتلال يرتعب من جرأتها النادرة، وإيمانها العميق. وشعبنا ما زال على العهد والوعد مهما طال الزمان.
في هذه المناسبة المجيدة فإننا في مخيماتنا الفلسطينية في لبنان نتوجه بالتحية والتقدير الى سيادة الرئيس محمود عباس، رئیس دولة فلسطين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وإلى كافة الأخوة أعضاء اللجنة المركزية للحركة، وأعضاء اللجنة التنفيذية. وإلى كافة الأخوة والاخوات في مختلف الأطر الحركية.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار.
الحرية والعزة لأسرانا البواسل.
والشفاء لجرحانا الابطال .
والنصر لفلسطين وأبطالها المقاومين على مدار الساعة.
وانها لثورة حتى النصر.
بيان صادر عن قيادة حركة فتح –
إعلام الساحة اللبنانية .
الحاج رفعت شناعة
1/1/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق