مازن كريّم - قدس برس
قال مراقبون إن سنة 2022 تعدّ فترةً استثنائيةً، كابدَ خلالها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أشكالاً متعدّدة من البؤس وآلام اللجوء وحالات القهر والحرمان، وارتفعت فيها نسبة الفقر والبطالة، وشكّلت فترةً من أصعبِ فتراتِ حياتهم منذ حدوث النكبة عام 1948، وشهدت حصول الانهيار المالي والمعيشي في لبنان، ليصّعب حياتهم وينبّئ بمخاطر إنسانية كبيرة.
تحدّيات واجهها اللاجئون
وقال الكاتب والباحث في الشؤون الفلسطينية في لبنان، محمد أبو ليلى، إن “اللاجئ الفلسطيني يعاني الأمرّين، نظرًا للسياسات والقوانين التعسفية بحقه وحرمانه من أبسط الحقوق الإنسانية والإجتماعية” على حد تعبيره.
وأضاف أبو ليلى لـ”قدس برس” أن قانون العمل اللبناني يحظر على اللاجئ الفلسطيني ممارسة أكثر من سبعين مهنة، كما يحرمه من التملّك والضمان الصحي والاجتماعي.. إضافةً للخطاب العنصري من الشارع المسيحي تجاه الفلسطينيين ورفضهم إعطاء أي شيء من الحقوق الإنسانية والإجتماعية”.
وأوضح الكاتب الفلسطيني، أن من أبرز التحديات التي تواجه اللاجئي الفلسطيني في لبنان “ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والبؤس والإحباط، وإغلاق الأبواب في وجهوههم”.
وأشار إلى أن “عجز أونروا، وتراجع خدماتها بشكل كبير وفي كافة المجالات الصحيّة والتربويّة والإغاثية، انعكس سلبًا وزاد الأمر سوءًا”.
وأضاف” هذا إلى جانب انخفاض القدرة الاستشفائية، نظرًا لانهيار العملة اللبنانية، ودولرة كافة السلع المستوردة إلى لبنان” وفق قوله.
وأشار أبو ليلى إلى دراسة لمؤسسة “شاهد” قالت إن 72.4 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين لا يستطيعون دفع فارق فواتير العلاج الصحي، والحال كذلك في الدواء، إذ بات يسعّر بالدولار في حال كان موجودًا أصلاً”.
إنجازات ونجاحات
من جهة أخرى، قال مدير منظمة “ثابت” لحق العودة (مؤسسة أهلية في لبنان)، سامي حمود، إن “سنة 2022 على الرغم من تعدّد وتفشّي أشكال المعاناة فيها، إلا أنها شهدت العديد من الإنجازات والنجاحات على الصعيد الإغاثي والسياسي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين”.
واعتبر حمود في حديث مع “قدس برس” أن “من أبرز الإنجازات، إطلاق حركة حماس حملةً إغاثية بعنوان (حماس حدّك… يدٌّ تقاوم ويدٌّ تغيث)، والتي ساهمت في التخفيف من النتائج الاقتصادية الصعبة على الفلسطينيين” وفق تقديره.
وأضاف”وفي شهر رمضان (وافق أيار/مايو الماضي)، شهدت المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان إطلاق مبادرات رمضانية، قدّمت خلالها المساعدة لـ 60 ألف شخص، إذ تضمّنت الحصص التموينية والطرود الغذائية ووجبات الإفطار، وتأمين أدوية، وعلاجات طبيّة، وإغاثة بكافة أنواعها”.
ولفت إلى حركة “الجهاد الإسلامي” أطلقت خلال عام 2022 الآفل، مشاريع خدماتية لإغاثة الشعب الفلسطيني، والتي شملت جميع المخيمات وبعض التجمعات الفلسطينية في لبنان، وقامت بتنفيذ مشروع تركيب مئات “نقاط الإنارة”، التي تعمل عبر أنظمة “الطاقة الشمسية”، تحت عنوان حملة “نور”.
واعتبر حمود أن من أبرز وأهم الإنجازات السياسية كانت استعادة العلاقة بين حركتي “حماس” و “فتح” بتاريخ 2 آب/أغسطس 2022، بعد القطيعة، على خلفية أحداث مجزرة مخيم “برج الشمالي” وسقوط 3 شهداء، بوساطة ومساعي من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وقيادة حركة “أمل”، وتم الاتفاق على إعادة تفعيل “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” ومتابعة ملف المطلوبين وتسليمهم للقضاء اللبناني.
توصيات من أجل تعزيز صمود اللاجئين
بدوره، أكد الباحث الحقوقي في “المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان – شاهد” (حقوقية مقرها بيروت)، حسن السيدة، ضرورة قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بـ “وضع خطة طوارئ عاجلة شاملة، تتضمن تقديم مساعدات إغاثية ونقدية دورية لكافة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”.
واعتبر السيدة في حديثه لـ”قدس برس” أنه واجب على الدولة المضيفة للاجئين الفلسطينيين تسهيل الإجراءات اللازمة لتحسين فرص العمل، وإقرار الحقوق الإقتصادية والإجتماعية لهم”.
وطالب الباحث الحقوقي، القوى والفصائل الفلسطينية ومؤسسات العمل الخيري والإجتماعي في المخيمات والتجمعات الفلسطينية بـ “ضرورة الالتفات أكثر لأوضاع اللاجئين، وتوحيد الجهود، وإطلاق برامج تمكين الشباب الفلسطيني من أجل تعزيز صمود اللاجئين”.
كما أوصى القوى والفصائل الفلسطينية بـ “ضرورة تشكيل لجنة طوارئ على مستوى قيادي لمواكبة ومتابعة ومعالجة انعكاسات الأزمة المعيشية وطول أمدها على واقع معيشة أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان”.
وبيّنت آخر إحصائية لـ”أونروا” أن 93 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتوا يقبعون تحت خط الفقر، ما يعني أن الجميع تقريبًا غير قادرين على تلبية حاجياتهم الأساسية.
ويقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو 200 ألف لاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، يتوزع معظمهم على 12 مخيماً ومناطق سكنية أخرى في البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق