وكالة القدس للأنباء – محمد حسن
تشتد وطأة أزمة المنازل في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، يوماً تلو الآخر، إذ لم تسلم من تداعياتها أي عائلة مستأجِرة، في حين تشهد المنازل ارتفاعاً غير مسبوقاً في إيجاراتها، وبالعملة الخضراء، ولم يعد من السهل على العائلات الفقيرة أو الميسورة إيجاد مسكن صغير بسعر معقول، فإندفاع الشباب نحو الزواج، وإخلاء المالكين منازلهم من المستأجرين، أسهم في الارتفاع المتزايد الذي تشهده إيجارات المنازل، وباتت هذه العوامل تمثل مشكلة شديدة التعقيد تحول دون توفر مساكن آمنة ومعقولة التكاليف.
وبسبب غياب دور المرجعيات في معالجة أزمات أهالي المخيم، وبعد أن ضاق بهم العيش بكرامة في مخيمهم، وأغلقت أبواب المنازل في وجوههم، اشتكي أهالي الرشيدية عبر "وكالة القدس للأنباء" من وضعهم المعيشي الصعب، وخوفهم من أن يصبحوا وعائلاتهم مشردين في الشارع بعد أن أمهلهم أصحاب المنازل بمدة زمنية محددة، وأطلقوا مناشدة من خلال وكالتنا للمعنيين بمتابعة تأمين منازل لهم أو التواصل مع المالكين لإيجاد حلول معقولة للمشاكل.
إيجارات المنازل تتجاوز شهرية العامل
في هذا السياق، قال رب الأسرة (أبو يزن) من مخيم الرشيدية، لـ"وكالة القدس للأنباء": "منذ أن تزوجت وأنا مستأجر منزل وأعمل باليومي حتى استطيع تأمين إيجار المنزل ومصاريف عائلتي، أما الآن وأمام الوضع الاقتصادي الصعب وتدني الأجور، تطل علينا مسألة ارتفاع الإيجارات التي باتت تتجاوز شهرية العامل، حيث أصبح أقل ايجار للمنزل (50$)، في حين أن يوميتي لا تتجاوز المئتي ألف ليرة لبنانية، مع العلم أن البيت الذي أقطنه لا يصلح للعيش وتتآكله الرطوبة والنش، لكن يُعتبر الأرخص في المخيم".
إقامة مؤقتة لحين تأمين مسكن آخر
أما أبو هادي من شارع جامع الغفران في مخيم "الرشيدية"، فقد سرد لوكالتنا قصته مع الوضع السكني الصعب داخل المخيم، بحيث يغير منزله كل 3 أشهر بهدف تفادي المشاكل مع المالك الذي يمهله إقامة مؤقتة لتأمين منزل آخر، فقال: "في بداية الأزمة كنا ندفع مبلغ وقدره 100 ألف ليرة لبنانية، وعندما بدأ يرتفع الدولار، بدأ صاحب المنزل يرفع الإيجار، إلى أن تجاوز الدولار الـ(10 ألف ليرة لبنانية) فقد طلب منا صاحب المنزل المغادرة، وبعد فترة كبيرة من التفتيش على منزل وجدنا منزل غير صالح للسكن ويعاني من رطوبة ونش، وسقفه من "الزينكو" فانتقلنا للسكن فيه، واستمرينا بالتفتيش، فصادفنا أصحاب منازل يضعون شروط من حيث عدد أفراد العائلة، وأنه سيرفع السعر مع الارتفاع الإضافي للدولار، وبعد 3 أشهر طلب منا صاحب المنزل المغادرة مجدداً وأصبحنا نبحث عن بديل، وحتى الآن ونحن في المنزل لدينا مهلة حتى آخر الشهر لإخلاء المنزل، ولا أعلم ماذا أفعل، وإلى من الجأ؟".
ارتفاع الطلب على المنازل شكّل أزمة إيجار في "الرشيدية"
بدوره، قال مدير مشروع تحسين مخيم الرشيدية، المهندس مصطفى موعد، لـ"القدس للأنباء"، إن "السبب الرئيسي لعدم توفر منازل للإيجار هو ارتفاع الطلب، بالمقابل عدم قدرة العائلات على إعمار منازل جديدة أو حتى إعادة ترميم منازلهم المتهالكة، كما أن ارتفاع سعر صرف الدولار شكل حالة إرباك لدى المالكين والمستأجرين".
وأشار إلى أن "هناك ضغط من اللجان في المخيم على وكالة الأونروا لإعادة ترميم وإعمار المنازل المتهالكة في المخيم، الذي من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة السكنية الحاصلة، وتأمين مساكن للعائلات المستأجرة".
المالكون يفضلون ترك منازلهم فارغة
بدوره، قال عضو اللجنة الأهلية في مخيم الرشيدية، نمر حوراني، إن "هناك سببين لأزمة المنازل في المخيم، وهما: نمو عدد السكان ومحدودية الإعمار، وتوافد عائلات سورية من القرى اللبنانية إلى المخيم، حيث يقدر عددهم بنحو الـ40 عائلة"، أما عن سبب ارتفاع الإيجارات فقد أوضح أن "ازدياد الطلب على المنازل، وارتفاع السلع والأدوات، وسوء الوضع المعيشي، وانهيار قيمة العملة الوطنية، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع الإيجارات، لذلك أغلب المالكين وخاصة المغتربين منهم يفضلون ترك منازلهم فارغة على أن يؤجروها بأسعار يعتبرونها زهيدة، وخاصة في حال حصل عطل في منازلهم، فأنه سيكّلف كثيراً".
وأوضح حوراني، أن "هناك مشكلة في إعمار منازل جديدة في مخيم الرشيدية، بسبب عدم إعطاء الدولة اللبنانية تصاريح بناء، لذلك إذا أراد الوالد أن يبني لإبنه على سطح منزله فإنه سيضطر للتعامل مع السماسرة، بالتالي سيتضاعف سعر الإعمار، الأمر الذي يجعله يلجأ إلى إيجار منزل لابنه بسبب تكاليف الإعمار الباهظة".
كما أشار إلى أن "قبول بعض الجمعيات الممولة من الخارج بإسعار إيجارات عالية يساهم برفع قيمة الإيجارات داخل المخيم، بحيث يصبح المالك يطمع بتأجير منزله لأحد تلك الجمعيات التي تدفع بالدولار الأمريكي، خصوصاً وأن إحدى الجمعيات استأجرت منزلا موخراً بقيمة (200$) شهرياً، وهي تعتبر مرتفعة جداً مقارنة بإيجارات المنازل داخل المخيم".
وختم حوراني كلامه لوكالتنا بالقول: "يوجد حوالي الـ200 منزل في المخيم بحاجة لإعادة تأهيل فمنهم آيل للسقوط ومنهم بحاجة لإعادة ترميم، لذلك يضطر أصحابها إلى مغادرتها، واستئجار منازل أخرى، ونحن بدورنا رفعنا بهم كشف إلى وكالة الأونروا للكشف عليها وإعادة تأهيلها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق