يعتبر الحاج رفعت شناعة عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، واحد من أبرز قيادات الحركة على الساحة اللبنانية منذ عقود طويلة من الزمن، ومن أبرز مهماته كانت مسؤولية إعلام حركة "فتح" في لبنان، وقبل ذلك بسنوات كان مناضلا في مواقع عسكرية وسياسية وتنظيمية وإعلامية مختلفة، دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه والعيش الكريم.
عرف الحاج رفعت شناعة في صفوف حركة "فتح" وأوساط الشعب الفلسطيني أنه رجل مؤمن ومحترم وأمين ويتمتع بأخلاق عالية .
توزعت مهمات الحاج رفعت خلال السنوات الماضية بين عضوية قيادة "فتح" في لبنان، ومسؤولها الاعلامي، بالاضافة إلى مشاركاته في إجتماعات المجلس الثوري للحركة، ولوحظ في الآونة الأخيرة انكفائه بشكل واضح عن الحركة السياسية الفلسطينية في لبنان، وأصدر نشرة متواضعة"العودة" في محاولة منه للتأكيد على أنه مازال في ميادين العمل.
من هنا كان لابد من تسجيل الملاحظات التالية:
أولا : هناك تقدير كبير لأخلاقيات وأمانة الحاج رفعت شناعة باعتباره رجلا محترما، وقد مثل في ذلك شخصية لها مواصفات خاصة قل نظيرها على الساحة الفلسطينية.
ثانيا: لكن هذه الأخلاق والأمانة والعبادة تصلح لأن يكون ناشطا في جمعية خيرية أو أمينا لصندوق مؤسسة اجتماعية، وليس عضوا قياديا في حركة ثورية، فالحركة الثورية تتطلب شخصيات وقيادات سياسية ثورية لها ميزات خاصة، قادرة على مواجهة الواقع وتعمل على تشريحه والعمل من أجل تغييره، فالقادة كمال ناصر، وغسان كنفاني وماجد أبو شرار وناجي علوش وغيرهم من الكتاب والصحفيين الفلسطينيين لم نكن نعلم عن أخلاقهم الانسانية شيئا، وكتب التاريخ صفحات مجيدة من نشاطهم الثوري وكتاباتهم الثورية، وتعرف شعبنا عليهم من خلال نشاطهم واعلامهم الثوري ونضالتهم وجرأتهم وقدرتهم على المواجهة وليس من خلال ترددهم على دور العبادة. وهذا ما كتبه التاريخ .
عضو الحركة السياسية هو رجل يعمل بالسياسة، وعضو الحركة الثورية، هو رجل ثوري، وبالتالي فإن مهماته تكون سياسية تعمل على تحليل الواقع من أجل تغييره وتطويره.
وإيمانا من الحاج رفعت بأهمية الاعلام ودوره الريادي، أصدر نشرة إعلامية" العودة" لكن لم يطلعنا الحاج.. لماذا نشرة العودة؟، وما هو مبرر إصدارها وما يميزها عن غيرها من المنابر الاعلامي التي لا يقرأ معظمها أصلا؟ مع الاشارة إلى أن الحاج هو من أطلق وأسس معظم هذه المنابر وهو من كان أستاذا ومعلما للكثير من الاعلاميين أو ما يطلق عليهم إعلاميين.
صحيح أن نشرة"العودة" متواضعة وغير مكلفة، لكنها منبر إعلامي يشرف عليه قيادي إعلامي، وبالتالي هناك ضرورة لأن تكون بمستوى المرحلة وبمستوى قضايا الشعب وقضايا معاناته، وهناك ضرورة لإطلاع الشعب الذي تناضل الحركة السياسية من أجل حقوقه، لماذا نشرة "العودة" ولماذا لا تكون ملحقا لأي نشرة إعلامية حركية في لبنان؟ إذا كانت محتوياتها لا تختلف عن محتوى المنابر الاعلامية الأخرى.
وإذا كانت حركة "فتح" قد أطلقت عشرات ومئات المنابر والمؤسسات الاعلامية خلال مراحل وساحات مختلفة، فهل الوضع الفلسطيني على الساحة اللبنانية اليوم يتحمل أن يطلق عشرات المنابر لنفس التنظيم وبنفس الكتابات (ومعظمها لا يقرأ) ونفس الأفكار دون تمييز بينها، ولم تساهم بشكل فعلي في بلورة رأي عام ولم تساهم في ارتقاء مستوى الوعي الوطني العام.
عذرا حاج رفعت، تعلمنا أن يكون في صفوف الأطر الثورية، قيادات ثورية صلبة وجريئة وقادرة، لا تعتمد على ميزتها الأخلاقية الانسانية وأمانتها ودرجة عبادتها، بل تعتمد على نضالها الثوري وكتاباتها الثورية، وإذا كانت المرحلة قد تغيرت كما يرى البعض فالعلم لا يتغير، وإذا تغير العلم وتراجعت المفاهيم، على الاعلام أن يحدد دوره وأهدافه في مرحلة التحرر الوطني.
وعذرا، فنشرة "العودة" وهي على حالها لن تكون أفضل من غيرها، ولن تساهم في بلورة رأي عام إلى جانب القضية، ولن تساهم في رفع مستوى وعي الشعب فإما أن يعمل على تغيير نمط مضمونها وإلا فغيابها لن يؤدي إلى تيه الشعب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق