بقلم د. وسيم وني
مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان
يواصل أسرانا
البواسل في سجون الاحتلال "الإسرائيلي" تصعيد خطواتهم التصعيدية بالعصيان
ضد إدارة السجون والتي ستكون مفتوحة حتى التاريخ المحدد لخطوة الإضراب عن الطعام
المقررة في الأول من رمضان تحت عنوان "بركان الحرية والشهادة " ، احتجاجاً على تطبيق الإجراءات التنكيلية
بحقهم والتي أوصى بها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، وذلك بمحاولة يائسة للنيل من
كرامتهم وصمودهم والذين يعيشون أصلاً في ظروف لا إنسانية في كيان يتغنى بالإنسانية
ويمارس إجرامه وإرهابه ضد شعبنا الفلسطيني في ظل صمت المجتمع الدولي والعالم بأسره
، وتتمثل خطوات العصيان الأولية التي أقرتها "لجنة الطوارئ العليا للحركة
الأسيرة"، والتي بدأ الأسرى بتنفيذها الثلاثاء الماضي، بإغلاق الأقسام،
وعرقلة ما يسمى الفحص الأمني وارتداء اللباس البني الذي تفرضه إدارة السجون،
كرسالة لتصعيد المواجهة.
إن الجهوزية
العالية لدى أسرانا لمواجهة القرار والدفاع عن مكتسباتهم هي المرحلة الأولى من مراحل
عدة ستسهم في إسقاط خطط بني غفير تجاه الأسرى، خاصة وأنهم سيتصدون لها بقيادة
لجنة وطنية عليا موحدة تضم كافة الفصائل
وقد بدأوا بالفعل في سجن نفحة بعدم
الانصياع للسجان ،وسوف تتوسع هذه الخطوات الدفاعية لكافة سجون الاحتلال بإجهاد
السجان، واستنزاف قواه التي لم يفلح بن غفير برفدها بالميزانيات والقوى البشرية كما وعد وصرح ؛ بل
زادها سوءًا بقراره المتعلق بالمخابز والذي سيكلف سلطة السجون مبالغ إضافية تثقل
كاهلهم .
الانقسام
الواضح في الموقف الإسرائيلي ضد الأسرى يُعد فشل واضح وذريع لسياسية بن غفير ، بحيث
يبدو الوزير بن غفير وحيداً في الميدان
،فالمستوى السياسي الأول والرئيس وهو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اضافة المستوى
المهني المختص ويشمل قادة الجيش والاستخبارات العسكرية ورؤساء الشاباك وحتى قادة
سلطة السجون بين "الشاباك" وجميعهم يعارضون خطط بن غفير من حيث الشكل
والمضمون والتوقيت، وذلك لاعتباراتهم الخاصة ولرؤيتهم الأوسع لمصالح كيانهم المتهالك ، لذا فمن المحتمل
ألا يدعموا بن غفير في خططه؛ بل سيقفون في وجهه
لمنعه من الاستمرار بها إن اشتعل
الميدان، أو رجّحوا بأنه سيشتعل ويحرق كيان الاحتلال.
لكن حتى الآن على
ما يبدو أن بن غفير لن يتراجع على الرغم
من الضغوط الخارجية والداخلية التي تمارس عليه، وسيمضي في تنفيذ مخططه الشيطاني،
وسيحاول فرض واقع مختلف في القدس والأقصى وفي السجون، الأمر الذي سيكون له عواقب
خطيرة ستتعدى حدود تأثيرها القدس وداخل
السجون وكل فلسطين والمنطقة برمتها، وبالطبع هذا الأمر سيؤدي إلى تصعيد خطير
للغاية في الأراضي الفلسطينية وسيفتح أبواب جهنم على الاحتلال وقادته ، فإن
الانفجار قادم لا محالة وحكومة الاحتلال
لن تصمد طويلًا، ويمكن أن تنهار في وقت قياسي، حينها سيجد بن غفير نفسه غارقًا في
نيران مشتعلة في جميع المناطق، ولن يكون قادرًا على فعل شيء سوى الهروب من
الحكومة، يجر أذيال عاره وفشله .
إن من واجبنا
الوطني والأخلاقي أن نوسع دائرة التضامن وأن نرفع الصوت عالياً مع تحركات أسرانا المشروعة ، لأنه عدم قيامنا
بخطوات تصعيدية بما يعزز صمود الحركة
الاسيرة ودعم عصيانها حتى نرغم كيان الاحتلال على التراجع عن انتهاكاته واجراءاته
القمعية وغير القمعية ، بحق أسرى الحرية سيدفع ذلك كيان الاحتلال وبن غفير إلى مواصلة سياسة
التضييق والخنق وسحب مكتسبات الاسرى والإجهاز عليهم ، فالمطلوب أن تعم فعاليات التضامن مع أسرانا البواسل في كل بقاع الأرض لأنه بدون
ذلك فإن الحركة الأسيرة ستواصل تصعيدها إلى أن تصل لمرحلة الإضراب الشامل عن
الطعام " الأمعاء الخاوية " والذي قد يؤدي كما في السابق إلى استشهاد العديد من الأسرى.
ولكن القاصي
والداني يعلم بأن الحركة الاسيرة لن تتنازل عن خطواتها النضالية إلا بتحقيق
مطالبها واستعادة مكتسباتها من بن غفير وإدارات السجون ولن يثنيها إرهاب إجراءات
القمع ولا جرائم السجانين، وكما أنجزت مكتسباتها التي انتزعوها في السابق، فإنها
ستستعيدها وتحقق المزيد منها وسيفشل مخطط بن غفير في سياساته القمعية، مهما اتخذ
من إجراءات عنصرية، فأسرانا البواسل لن يرفعوا الراية البيضاء مهما حصل فإما النصر
أو الشهادة حتى تحقيق مطلبهم الأساسي في الحرية الكاملة والحصول على حياة كريمة
داخل الأسر.
وأخيراً إن العقوبات التي تتبعها إدارة السجون
بحق الأسرى، لن تنال من معنوياتهم وعزيمتهم لأن هذه العقوبات تأتي استجابة لخطة بن
غفير الإرهابية، وزيادة في سياسة التنكيل، وإمعانا في إذلال أسرهم وأهاليهم ، كما أن هذه السياسة لن تنال من معنويات وعزيمة الأسرى؛ بل هي تعبر
عن مدى الإفلاس وانهزام الجبهة الداخلية الاسرائيلية ومحاولة يائسة من حكومة
الاحتلال لتفريغ تلك الضغوطات في الأسرى ، وعلينا أن ندرك جميعا أن الأسرى يحتاجون
الإسناد والمناصرة وتوحيد الطاقات ؛ لمواجهة التحديات التي تفرضها حكومة الاحتلال
ضد أسرانا البواسل وسيفشل بن غفير وزمرته مجدداً في سياساتهم القمعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق