أسامة خليفة
باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
في شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية، عن أحداث يوم الأرض 30 آذار 1976 في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وعن حدث وقع في 11 من شهر آذار، لما مرتّ أمام البنفسج والبندقيّة دلال المغربي، وأحد عشر فدائيًّا يحلمون بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة، شعارهم: سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل، سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل، سنطردهم من هواء الجليل.
وتنبلجُ الذكرياتُ عشاءً من اللغة العربية: عن معركة الكرامة في 21 آذار/مارس 1968، ومعركة «السور الواقي» 29 آذار/مارس 2002، وفق تسميتها العبرية، وليسمح لي شاعرنا محمود درويش أن استبدل الاسم بـ«قصيدة الأرض» أو «نشيد التراب»، والتاريخ يسمح لي أن أبدل حرفاً، وأسميها «السور الواطي»، فكأنّي أعودُ إلى ما مضى، كأنّي أسيرُ أمامي، فـ«الكرامة» و«نشيد التراب»، معركتان ساخنتان جراء عدوان إسرائيلي واسع، جرت أحداثهما في ربيعنا الطليعي في ربيعنا الفلسطيني، تتشابه في المعركتين مقدمات ونتائج، والتاريخ قد يكرر نفسه وإن بأشكال أخرى، فمازال طرفا الصراع يتواجهان من موقعة إلى أخرى حتى فوز الشعب الفلسطيني بحقوقه وتحقيق الخلاص الوطني، نتعلم من الماضي دروسًا لفائدة مستقبلية، فالصراع مازال قائماً، واتفاقيات السلام المنقوص لم ولن تمنع تكرار العدوان المستمر إسرائيلياً والمتزايد بطشاً ودموية، نعم اختلفت معركة «السور الواطي»،
لقد خاضها الفدائيون الفلسطينيون وعموم الشعب الفلسطيني، على أرض الوطن يدوسون بنعالهم «السور الواطي»، وصمودهم راسخ على الأرض الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، في شهر آذار نمتدّ في الأرض، في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا، مواعيد غامضةً، واحتفالاً بسيطاً.
على أرض الكرامة، شرق نهر الأردن، جرت أحداث معركة الكرامة، عقب عمليات فدائية نوعية استنزفت جيش العدو ومستوطنيه ومنشآته في الضفة الغربية خلف النهر وداخل أراضي العام 1948، شنت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي –مكونة من أربعة ألوية ووحدات مدفعية وأربعة أسراب من الطائرات القاذفة، إضافة الى طائرات عمودية، وقوة قوامها خمسة عشر ألف جندي- عدواناً للقضاء على العمل الفدائي، والتي عبّر مسؤولون إسرائيليون عن أهداف العدوان في عدة تصريحات، بأنهم سيقومون بهجوم عبر نهر الأردن لتدمير قوة المقاومة الفلسطينية، في محاولة لاحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني، تمنع عمليات الفدائيين الفلسطينيين.
آذار كان شاهدُ المذبحة، وشهيد الخريطة، في عملية «السور الواطي»، حشدت إسرائيل ما يقارب 30 ألف جندي وكل أنواع العتاد وآلة القتل التي تمتلكها، لتتبع سياسة الأرض المحروقة، على جنين البطولة ونابلس الفداء وبافي المناطق الفلسطينية، امتنعت عن اقتحام غزة خوفاً من بسالة مقاتليها وما سيوقعونه من قتلى في صفوف جيشها، مَرّ الرصاصُ على قمر ليلكيِّ فلم ينكسر، في شهر آذار كان التراب يمشي دماً طازجاً في الظهيرة، قالت الكرامة كما قالت جنين وغزة: أنا الأرضُ في جَسَدٍ، لن تمروا، أنا الأرض في صحوها، لن تمروا، أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها، لن تمروا، لن تمروا.
كانت المعركتان كلتاهما أيضاً مرحلة جديدة تختلف عما سبقها، فشل الإسرائيليون فيهما تحقيق أهداف سياسية، من خلال هجمة شرسة لجيش يدعي أنه لا يقهر، استنفر لها كل أسلحة الدمار التي يملكها، كان الهدف الرئيسي من عملية «السور الواطي» هو القضاء نهائيًا على الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وإنهاء العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل لكن طوال فترة العملية لم تنجح في خفض عددها، ما جرى خلال عملية «السور الواطي» سيما تلك المعارك البطولية في مخيم جنين وحي القصبة في مدينة نابلس أفرز انحيازاً كبيراً لخيار المقاومة فلسطينياً، وكانت معركة الكرامة أيضاً دافعاً كبيراً للشعب الفلسطيني للاستمرار في المقاومة، وشكلت نقطة تحول في الصراع العربي الفلسطيني-الإسرائيلي، كرست بشكل كبير الهوية الوطنية الفلسطينية، وانطلقت المظاهرات تستقبل الشهداء الذين ارتقوا في هذه المعركة، وجذبت أنظار العالم وازداد اهتمام الصحافة العالمية بالفدائيين الفلسطينيين، وفيها قال الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات: «إن معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي».
تكتسب معركة الكرامة أهمية كبيرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، فقد جاءت بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران/يونيو 1967، احتلت إسرائيل خلالها ما تبقى من فلسطين الانتدابية واحتلت هضبة الجولان وسيناء، هزت هذه الحرب الثقة بالأنظمة وجيوشها، وطرحت على الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة بأيديهم، ونبذ السياسة الانتظارية المعتمدة على دور حاسم للجيوش العربية في تحرير فلسطين.
كانت معركة الكرامة أول هزيمة لجيش العدو المنتشي بما أحرزه في حزيران 67، اشتبك الفدائيون مع القوات الإسرائيلية، وشاركت مدفعية الجيش الأردني في المعركة، مما اضطر الإسرائيليون إلى الانسحاب الكامل تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم في أرض المعركة، دون تحقيق أهدافهم، مما أعطى العمل الفدائي الفلسطيني تأييداً شعبياً كبيراً فلسطينياً وعربياً مكّن الفصائل الفلسطينية من السيطرة على الساحة السياسية الفلسطينية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، وبذلك اعتبرت نقطة تحوّل باتجاه تكريس خيار «حرب التحرير الشعبية» ضدّ الاحتلال الاسرائيلي.
سيّدتي الأرضَ في شهر آذار تستيقظ الخيلُ، فمعركة الكرامة كانت دافعاً كبيراً للشعب الفلسطيني للاستمرار في المقاومة، وشكلت نقطة تحول في الصراع العربي الفلسطيني -الإسرائيلي، فتطوع آلاف الشباب الفلسطيني والعربي للانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية، فحقّ للفلسطينيين الاحتفال في الحادي والعشرين من آذار من كل عام بذكرى معركة الكرامة مع عيد الأم وأخص الأم الفلسطينية بالتحية لصمودها وعطائها.
هذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس، لقد شكلت حملة «السور الواطي» محطة بارزة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني نحو الاستقلال والعودة بكل ما حملت في طياتها من وقائع ومعان ودروس واستخلاصات ونتائج ميدانية وسياسية، فحملة «السور الواطي» ليست مجرد عمل عسكري ينظر له معزولاً عن سياقه التاريخي وعن مقدماته واستحقاقاته الفلسطينية، ولا باعتبارها حملة منفردة قائمة بذاتها بل بصفتها افتتاحاً لفصل جديد في المواجهة لم تسدل ستائره بعد ومازال مستمراً، لقد أوقعت الحملة العدوانية خسائر بشرية ومادية فادحة، وهي نجحت في تفكيك ـأجهزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية، وكشفت هشاشة بنيتها وألحقت أضراراً بالغة بالقاعدة المادية الضرورية لاستئناف أدائها لوظائفها، ولكنها لم تنجح في إخماد جذوة الانتفاضة وإن تكن قد أضعفت زخمها، ولا في استئصال المقاومة وإن كانت سددت ضربات موجعة لبنيتها التحتية، وعملت على عزل الرئيس الفلسطيني في محاولة لقطف الثمار السياسية للحملة العدوانية العسكرية، وواصلت إسرائيل ملاحقة أهدافها على المحورين العسكري-الأمني أولاً والسياسي ثانياً، على الصعيد العسكري واصل جيش الاحتلال استباحة مناطق (أ) بتوغلات متكررة تهدف إلى اعتقال أو تصفية كوادر المقاومة ومواصلة تدمير ركائزها، أو إلى مجرد إثبات الحضور، وتأكيداً لما أعلنه قادة جيش الاحتلال بشأن التعامل مع مناطق (أ) كما لو كانت مناطق (ب)، أي تولي المسؤولية الأمنية المباشرة في جميع المناطق الفلسطينية، دون اكتراث لترتيبات اتفاقية أوسلو التي أدخلت التقسيمات الثلاث المعروفة (أ، ب، ج) ضمن تقاسم وظيفي أمني-مدني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال، ومن هنا كانت السلطة نقطة الضعف الوحيدة في البنية الفلسطينية التي نجحت عملية «السور الواطي» في اختراقها، وكشفت الخلل في بنى السلطة وأدائها، هذه البنى التي أقيمت على أساس افتراض أن عملية التفاوض وفق صيغة أوسلو تقود إلى تسوية سياسية تضمن قيام دولة فلسطين، فكانت النظرة إلى الانتفاضة والمقاومة كعوامل ضغط تكتيكية لتحسين المواقع التفاوضية، لذا فإن فترة الانتفاضة لم تشهد عملاً ملموساً لإعادة صياغة هياكل السلطة بما ينسجم مع متطلبات معركة مديدة، ويؤمن مقومات الصمود في المجابهة، بينما كانت وظيفة الكفاح المسلح ومهمة قيادة المقاومة في مرحلة الكرامة استنهاض الجماهير التي هي وحدها القادرة على صنع الانتصار، ضمن إطار حرب الشعب طويلة الأمد، والتي لا تعني فقط حمل السلاح من قبل طليعة متقدمة بل هي تعني أولاً وقبل كل شيء تعبئة الشعب وتنظيمه والزج بكامل طاقاته في المعركة.
إن غياب الجاهزية لدى السلطة لا يعود لافتقادها العناصر التي تتيح التوصل إلى تقدير الموقف بالشكل الصحيح، بل إلى غياب التوجيه السياسي الذي يسمح بذلك ويفرج عن قرار المواجهة المنظمة للعدوان، وهذا ما لم تكن السلطة مهيأة له بحكم نمط تكوينها ونزوعها للاستعاضة عن المعطيات الملموسة بما يترتب عليها من مهام، بالوعود الفارغة وما ينجم عنها من أوهام تقود إلى مآسٍ وانعكاسات خطيرة على القضية الوطنية الفلسطينية، فقد انطلى على السلطة ما نقل إليها من الإدارة الأمريكية حول محدودية العملية، واختزالها على حدود عمليات «التنظيف والمصادرة والاعتقالات»، في ضوء ذلك قررت السلطة تمرير مخطط شارون طالما أنه عابر ولا يختلف نوعياً عما سبق من عمليات، بدلاً من إعلاء اليقظة وتنظيم عمليات المواجهة، تلك المواجهة التي لم تبدأ على نحو منظم إلا على أبواب نابلس (القصبة) وجنين ( المدينة والمخيم)، أي بعد أن أحرز العدو تقدماً واضحاً في الميدان.
لقد كانت القوى الوطنية والإسلامية على معرفة بأوضاع السلطة وثغراتها وجوانب الضعف في أدائها، وبالتالي كان بإمكانها اجتراح خطتها مع إدراكها لهذه المعطيات وللسلوك المتوقع من السلطة من أجل التعويض عن الثغرات والنواقص بتحسين أدائها وتطوير تقديماتها في المجالين المدني والعسكري، وما جرى في مقر الأمن الوقائي في بيتونيا بسقوط المقر ووقوع المقاومين المحتجزين في سجون المقر بيد الإسرائيليين، أثار الخلاف على من يتحمل المسؤولية بين مراكز القوى في السلطة بخلفية الحصص والنفوذ، وليس بين خطين وتصورين حول كيفية خوض المواجهة، هذا أيضاً يذكرنا بحدث وقع أيضاً في مارس/آذار 2006 ، تحديداً يوم الرابع عشر منه، حين اقتحمت قوة إسرائيلية سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، وأقدمت على اختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي، وخلية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.
هذا الخلل الذي لمسه الجميع بالأصابع الدامية كان حافزاً لارتفاع الأصوات في أوساط قطاعات اجتماعية واسعة أثناء الاجتياح وبعده، بالدعوة إلى مواجهة جريئة وشاملة لأوضاع البيت الوطني الفلسطيني بما يضمن إعادة بناء السلطة على أسس جديدة بعد الانهيار الذي أصاب بناها، وازدادت هذه المطالبات إلحاحاً في ضوء بروز الميل مجدداً لدى قيادة السلطة للعودة لنهج التنازلات والانحناء أمام الإملاءات الأميركية والابتزازات الإسرائيلية كما تمثل ذلك في ثلاث محطات بارزة سجلت كل واحدة منها سابقة أكثر خطورة من سابقاتها:
المحطة الأولى: هي «اتفاق المقاطعة» الذي تم بموجبه تم فك الحصار عن مقر الرئاسة، والانسحاب من مدينة رام الله- البيرة، مقابل ثمن سياسي _أمني فادح.
المحطة الثانية: هي اتفاق «كنيسة المهد» الذي سجل سابقة أكثر خطورة بإبعاد مناضلين مطلوبين لإسرائيل إلى خارج الوطن، وإبعاد آخرين إلى قطاع غزة بما يرمز له من خلق تمايز بين شقي الوطن بحيث ينطبق على الضفة ما لا ينطبق على القطاع وما ينطوي عليه ذلك من تمزيق للوحدة الإقليمية.
المحطة الثالثة: هي بيان الإدانة لعملية «رشيون ليتسيون»، الذي لم يكتفِ بشجبها ووصفها بالعملية الإرهابية، وسجل سابقة خطيرة بوضع التعهد بمكافحة الإرهاب الفلسطيني في سياق الالتزام بالتحالف مع الولايات المتحدة في حربها المعلنة على الإرهاب الدولي! وقد استكمِل هذا الإعلان بخطوات عملية لشن اعتقالات ضد مناضلي المقاومة في قطاع غزة، في الوقت الذي كانت فيه الدبابات الإسرائيلية تتأهب لاجتياح القطاع.
هذه التنازلات هي استئناف للسياسة العقيمة التي امتحنتها وحكمت عليها بالفشل تجربة السنوات التي سبقت مؤتمر شرم الشيخ 16-17/10/2000، فالاستجابة الجزئية للضغوط الأمريكية والاملاءات الإسرائيلية تفتح شهية الحلف المعادي لمزيد من الضغوطات والإملاءات وتمهد الطريق أمام العدوان وهي فوق ذلك تنال من الجاهزية الوطنية للمجابهة، وتسيء إلى معنويات الجماهير وتفاقم التوتر في المجتمع، وتزرع الانقسام بين أبناء الشعب الواحد.
على عكس هاتين الحادثتين -سجن أريحا ومقر الأمن الوقائي في بيتونيا- أبرزت ملحمة جنين حيوية وفعالية التصدي للاجتياح رغم محدودية القدرات التسليحية، كما أظهرت جسامة الخلل المتمثل بغياب خطة للتصدي توظف في خدمتها كل إمكانيات السلطة والفصائل والمجتمع، لقد كان صمود المجتمع الفلسطيني وبعض مواقع المقاومة البطولية بوجه الهجمة العاتية ملحمة حقيقية لكنها تحققت بتضحيات ومعاناة كان من الممكن الحد من جسامتها لو توفرت الحدود الدنيا من الجاهزية لمواجهة هجوم كان مرئياً ومتوقعاً.
لقد كانت المرحلة الأولى(أ) من عملية «السور الواطي» اجتياح كافة مدن الضفة الغربية، وإحكام قبضة الاحتلال عليها بالعزل والإغلاق والحصار، وتبعتها بالمرحلة الثانية (ب) من عملية السور الواطي بالشروع في إقامة الجدران والمناطق العازلة، تحت ذريعة وباسم «المناطق الآمنة» التي تحول المناطق الفلسطينية إلى معازل تجسد أبشع صور الأبارتهايد، وبناء أسوار الأمر الواقع كخارطة وحدود لأي تسوية نهائية للصراع، وفي هذا السياق أيضاً عملت الحكومة الإسرائيلية على ترسيم وعسكرة نظام فصل عنصري بفرض التعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية من خلال اشتراط حصول المواطنين على تصاريح خاصة من هذه الإدارة للتنقل بين أنحاء الأراضي الفلسطينية، حيث تبدو الضفة الغربية وقد تحولت إلى أكثر من ثمانية معازل تفصل بينها الحواجز العسكرية والطرق الالتفافية الخاصة بالجيش والمستوطنين.
إن حملة « السور الواطي» العدوانية لم تنجح في تحقيق أهدافها السياسية، والمعركة من أجل إحباط هذه الأهداف مازالت مستمرة ومفتوحة على أفق الانتصار وإنجاز الحقوق الوطنية.
فيا وَطَنَ الأنبياء...تكاملْ!
ويا وطن الزارعين .. تكاملْ!
ويا وطن الشهداء.. . تكامل!
ويا وطن الضائعين .. تكامل!
فكلُّ شعاب الجبال امتدادٌ
لنشيد التراب.
المراجع:
كتاب: «السور الواقي» من سلسلة الطريق إلى الاستقلال التي يصدرها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»، الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الطبعة الأولى آب/أغسطس 2003.
«قصيدة الأرض» محمود درويش.
باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
في شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية، عن أحداث يوم الأرض 30 آذار 1976 في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وعن حدث وقع في 11 من شهر آذار، لما مرتّ أمام البنفسج والبندقيّة دلال المغربي، وأحد عشر فدائيًّا يحلمون بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة، شعارهم: سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل، سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل، سنطردهم من هواء الجليل.
وتنبلجُ الذكرياتُ عشاءً من اللغة العربية: عن معركة الكرامة في 21 آذار/مارس 1968، ومعركة «السور الواقي» 29 آذار/مارس 2002، وفق تسميتها العبرية، وليسمح لي شاعرنا محمود درويش أن استبدل الاسم بـ«قصيدة الأرض» أو «نشيد التراب»، والتاريخ يسمح لي أن أبدل حرفاً، وأسميها «السور الواطي»، فكأنّي أعودُ إلى ما مضى، كأنّي أسيرُ أمامي، فـ«الكرامة» و«نشيد التراب»، معركتان ساخنتان جراء عدوان إسرائيلي واسع، جرت أحداثهما في ربيعنا الطليعي في ربيعنا الفلسطيني، تتشابه في المعركتين مقدمات ونتائج، والتاريخ قد يكرر نفسه وإن بأشكال أخرى، فمازال طرفا الصراع يتواجهان من موقعة إلى أخرى حتى فوز الشعب الفلسطيني بحقوقه وتحقيق الخلاص الوطني، نتعلم من الماضي دروسًا لفائدة مستقبلية، فالصراع مازال قائماً، واتفاقيات السلام المنقوص لم ولن تمنع تكرار العدوان المستمر إسرائيلياً والمتزايد بطشاً ودموية، نعم اختلفت معركة «السور الواطي»،
لقد خاضها الفدائيون الفلسطينيون وعموم الشعب الفلسطيني، على أرض الوطن يدوسون بنعالهم «السور الواطي»، وصمودهم راسخ على الأرض الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، في شهر آذار نمتدّ في الأرض، في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا، مواعيد غامضةً، واحتفالاً بسيطاً.
على أرض الكرامة، شرق نهر الأردن، جرت أحداث معركة الكرامة، عقب عمليات فدائية نوعية استنزفت جيش العدو ومستوطنيه ومنشآته في الضفة الغربية خلف النهر وداخل أراضي العام 1948، شنت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي –مكونة من أربعة ألوية ووحدات مدفعية وأربعة أسراب من الطائرات القاذفة، إضافة الى طائرات عمودية، وقوة قوامها خمسة عشر ألف جندي- عدواناً للقضاء على العمل الفدائي، والتي عبّر مسؤولون إسرائيليون عن أهداف العدوان في عدة تصريحات، بأنهم سيقومون بهجوم عبر نهر الأردن لتدمير قوة المقاومة الفلسطينية، في محاولة لاحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني، تمنع عمليات الفدائيين الفلسطينيين.
آذار كان شاهدُ المذبحة، وشهيد الخريطة، في عملية «السور الواطي»، حشدت إسرائيل ما يقارب 30 ألف جندي وكل أنواع العتاد وآلة القتل التي تمتلكها، لتتبع سياسة الأرض المحروقة، على جنين البطولة ونابلس الفداء وبافي المناطق الفلسطينية، امتنعت عن اقتحام غزة خوفاً من بسالة مقاتليها وما سيوقعونه من قتلى في صفوف جيشها، مَرّ الرصاصُ على قمر ليلكيِّ فلم ينكسر، في شهر آذار كان التراب يمشي دماً طازجاً في الظهيرة، قالت الكرامة كما قالت جنين وغزة: أنا الأرضُ في جَسَدٍ، لن تمروا، أنا الأرض في صحوها، لن تمروا، أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها، لن تمروا، لن تمروا.
كانت المعركتان كلتاهما أيضاً مرحلة جديدة تختلف عما سبقها، فشل الإسرائيليون فيهما تحقيق أهداف سياسية، من خلال هجمة شرسة لجيش يدعي أنه لا يقهر، استنفر لها كل أسلحة الدمار التي يملكها، كان الهدف الرئيسي من عملية «السور الواطي» هو القضاء نهائيًا على الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وإنهاء العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل لكن طوال فترة العملية لم تنجح في خفض عددها، ما جرى خلال عملية «السور الواطي» سيما تلك المعارك البطولية في مخيم جنين وحي القصبة في مدينة نابلس أفرز انحيازاً كبيراً لخيار المقاومة فلسطينياً، وكانت معركة الكرامة أيضاً دافعاً كبيراً للشعب الفلسطيني للاستمرار في المقاومة، وشكلت نقطة تحول في الصراع العربي الفلسطيني-الإسرائيلي، كرست بشكل كبير الهوية الوطنية الفلسطينية، وانطلقت المظاهرات تستقبل الشهداء الذين ارتقوا في هذه المعركة، وجذبت أنظار العالم وازداد اهتمام الصحافة العالمية بالفدائيين الفلسطينيين، وفيها قال الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات: «إن معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي».
تكتسب معركة الكرامة أهمية كبيرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، فقد جاءت بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران/يونيو 1967، احتلت إسرائيل خلالها ما تبقى من فلسطين الانتدابية واحتلت هضبة الجولان وسيناء، هزت هذه الحرب الثقة بالأنظمة وجيوشها، وطرحت على الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة بأيديهم، ونبذ السياسة الانتظارية المعتمدة على دور حاسم للجيوش العربية في تحرير فلسطين.
كانت معركة الكرامة أول هزيمة لجيش العدو المنتشي بما أحرزه في حزيران 67، اشتبك الفدائيون مع القوات الإسرائيلية، وشاركت مدفعية الجيش الأردني في المعركة، مما اضطر الإسرائيليون إلى الانسحاب الكامل تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم في أرض المعركة، دون تحقيق أهدافهم، مما أعطى العمل الفدائي الفلسطيني تأييداً شعبياً كبيراً فلسطينياً وعربياً مكّن الفصائل الفلسطينية من السيطرة على الساحة السياسية الفلسطينية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، وبذلك اعتبرت نقطة تحوّل باتجاه تكريس خيار «حرب التحرير الشعبية» ضدّ الاحتلال الاسرائيلي.
سيّدتي الأرضَ في شهر آذار تستيقظ الخيلُ، فمعركة الكرامة كانت دافعاً كبيراً للشعب الفلسطيني للاستمرار في المقاومة، وشكلت نقطة تحول في الصراع العربي الفلسطيني -الإسرائيلي، فتطوع آلاف الشباب الفلسطيني والعربي للانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية، فحقّ للفلسطينيين الاحتفال في الحادي والعشرين من آذار من كل عام بذكرى معركة الكرامة مع عيد الأم وأخص الأم الفلسطينية بالتحية لصمودها وعطائها.
هذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس، لقد شكلت حملة «السور الواطي» محطة بارزة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني نحو الاستقلال والعودة بكل ما حملت في طياتها من وقائع ومعان ودروس واستخلاصات ونتائج ميدانية وسياسية، فحملة «السور الواطي» ليست مجرد عمل عسكري ينظر له معزولاً عن سياقه التاريخي وعن مقدماته واستحقاقاته الفلسطينية، ولا باعتبارها حملة منفردة قائمة بذاتها بل بصفتها افتتاحاً لفصل جديد في المواجهة لم تسدل ستائره بعد ومازال مستمراً، لقد أوقعت الحملة العدوانية خسائر بشرية ومادية فادحة، وهي نجحت في تفكيك ـأجهزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية، وكشفت هشاشة بنيتها وألحقت أضراراً بالغة بالقاعدة المادية الضرورية لاستئناف أدائها لوظائفها، ولكنها لم تنجح في إخماد جذوة الانتفاضة وإن تكن قد أضعفت زخمها، ولا في استئصال المقاومة وإن كانت سددت ضربات موجعة لبنيتها التحتية، وعملت على عزل الرئيس الفلسطيني في محاولة لقطف الثمار السياسية للحملة العدوانية العسكرية، وواصلت إسرائيل ملاحقة أهدافها على المحورين العسكري-الأمني أولاً والسياسي ثانياً، على الصعيد العسكري واصل جيش الاحتلال استباحة مناطق (أ) بتوغلات متكررة تهدف إلى اعتقال أو تصفية كوادر المقاومة ومواصلة تدمير ركائزها، أو إلى مجرد إثبات الحضور، وتأكيداً لما أعلنه قادة جيش الاحتلال بشأن التعامل مع مناطق (أ) كما لو كانت مناطق (ب)، أي تولي المسؤولية الأمنية المباشرة في جميع المناطق الفلسطينية، دون اكتراث لترتيبات اتفاقية أوسلو التي أدخلت التقسيمات الثلاث المعروفة (أ، ب، ج) ضمن تقاسم وظيفي أمني-مدني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال، ومن هنا كانت السلطة نقطة الضعف الوحيدة في البنية الفلسطينية التي نجحت عملية «السور الواطي» في اختراقها، وكشفت الخلل في بنى السلطة وأدائها، هذه البنى التي أقيمت على أساس افتراض أن عملية التفاوض وفق صيغة أوسلو تقود إلى تسوية سياسية تضمن قيام دولة فلسطين، فكانت النظرة إلى الانتفاضة والمقاومة كعوامل ضغط تكتيكية لتحسين المواقع التفاوضية، لذا فإن فترة الانتفاضة لم تشهد عملاً ملموساً لإعادة صياغة هياكل السلطة بما ينسجم مع متطلبات معركة مديدة، ويؤمن مقومات الصمود في المجابهة، بينما كانت وظيفة الكفاح المسلح ومهمة قيادة المقاومة في مرحلة الكرامة استنهاض الجماهير التي هي وحدها القادرة على صنع الانتصار، ضمن إطار حرب الشعب طويلة الأمد، والتي لا تعني فقط حمل السلاح من قبل طليعة متقدمة بل هي تعني أولاً وقبل كل شيء تعبئة الشعب وتنظيمه والزج بكامل طاقاته في المعركة.
إن غياب الجاهزية لدى السلطة لا يعود لافتقادها العناصر التي تتيح التوصل إلى تقدير الموقف بالشكل الصحيح، بل إلى غياب التوجيه السياسي الذي يسمح بذلك ويفرج عن قرار المواجهة المنظمة للعدوان، وهذا ما لم تكن السلطة مهيأة له بحكم نمط تكوينها ونزوعها للاستعاضة عن المعطيات الملموسة بما يترتب عليها من مهام، بالوعود الفارغة وما ينجم عنها من أوهام تقود إلى مآسٍ وانعكاسات خطيرة على القضية الوطنية الفلسطينية، فقد انطلى على السلطة ما نقل إليها من الإدارة الأمريكية حول محدودية العملية، واختزالها على حدود عمليات «التنظيف والمصادرة والاعتقالات»، في ضوء ذلك قررت السلطة تمرير مخطط شارون طالما أنه عابر ولا يختلف نوعياً عما سبق من عمليات، بدلاً من إعلاء اليقظة وتنظيم عمليات المواجهة، تلك المواجهة التي لم تبدأ على نحو منظم إلا على أبواب نابلس (القصبة) وجنين ( المدينة والمخيم)، أي بعد أن أحرز العدو تقدماً واضحاً في الميدان.
لقد كانت القوى الوطنية والإسلامية على معرفة بأوضاع السلطة وثغراتها وجوانب الضعف في أدائها، وبالتالي كان بإمكانها اجتراح خطتها مع إدراكها لهذه المعطيات وللسلوك المتوقع من السلطة من أجل التعويض عن الثغرات والنواقص بتحسين أدائها وتطوير تقديماتها في المجالين المدني والعسكري، وما جرى في مقر الأمن الوقائي في بيتونيا بسقوط المقر ووقوع المقاومين المحتجزين في سجون المقر بيد الإسرائيليين، أثار الخلاف على من يتحمل المسؤولية بين مراكز القوى في السلطة بخلفية الحصص والنفوذ، وليس بين خطين وتصورين حول كيفية خوض المواجهة، هذا أيضاً يذكرنا بحدث وقع أيضاً في مارس/آذار 2006 ، تحديداً يوم الرابع عشر منه، حين اقتحمت قوة إسرائيلية سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، وأقدمت على اختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي، وخلية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.
هذا الخلل الذي لمسه الجميع بالأصابع الدامية كان حافزاً لارتفاع الأصوات في أوساط قطاعات اجتماعية واسعة أثناء الاجتياح وبعده، بالدعوة إلى مواجهة جريئة وشاملة لأوضاع البيت الوطني الفلسطيني بما يضمن إعادة بناء السلطة على أسس جديدة بعد الانهيار الذي أصاب بناها، وازدادت هذه المطالبات إلحاحاً في ضوء بروز الميل مجدداً لدى قيادة السلطة للعودة لنهج التنازلات والانحناء أمام الإملاءات الأميركية والابتزازات الإسرائيلية كما تمثل ذلك في ثلاث محطات بارزة سجلت كل واحدة منها سابقة أكثر خطورة من سابقاتها:
المحطة الأولى: هي «اتفاق المقاطعة» الذي تم بموجبه تم فك الحصار عن مقر الرئاسة، والانسحاب من مدينة رام الله- البيرة، مقابل ثمن سياسي _أمني فادح.
المحطة الثانية: هي اتفاق «كنيسة المهد» الذي سجل سابقة أكثر خطورة بإبعاد مناضلين مطلوبين لإسرائيل إلى خارج الوطن، وإبعاد آخرين إلى قطاع غزة بما يرمز له من خلق تمايز بين شقي الوطن بحيث ينطبق على الضفة ما لا ينطبق على القطاع وما ينطوي عليه ذلك من تمزيق للوحدة الإقليمية.
المحطة الثالثة: هي بيان الإدانة لعملية «رشيون ليتسيون»، الذي لم يكتفِ بشجبها ووصفها بالعملية الإرهابية، وسجل سابقة خطيرة بوضع التعهد بمكافحة الإرهاب الفلسطيني في سياق الالتزام بالتحالف مع الولايات المتحدة في حربها المعلنة على الإرهاب الدولي! وقد استكمِل هذا الإعلان بخطوات عملية لشن اعتقالات ضد مناضلي المقاومة في قطاع غزة، في الوقت الذي كانت فيه الدبابات الإسرائيلية تتأهب لاجتياح القطاع.
هذه التنازلات هي استئناف للسياسة العقيمة التي امتحنتها وحكمت عليها بالفشل تجربة السنوات التي سبقت مؤتمر شرم الشيخ 16-17/10/2000، فالاستجابة الجزئية للضغوط الأمريكية والاملاءات الإسرائيلية تفتح شهية الحلف المعادي لمزيد من الضغوطات والإملاءات وتمهد الطريق أمام العدوان وهي فوق ذلك تنال من الجاهزية الوطنية للمجابهة، وتسيء إلى معنويات الجماهير وتفاقم التوتر في المجتمع، وتزرع الانقسام بين أبناء الشعب الواحد.
على عكس هاتين الحادثتين -سجن أريحا ومقر الأمن الوقائي في بيتونيا- أبرزت ملحمة جنين حيوية وفعالية التصدي للاجتياح رغم محدودية القدرات التسليحية، كما أظهرت جسامة الخلل المتمثل بغياب خطة للتصدي توظف في خدمتها كل إمكانيات السلطة والفصائل والمجتمع، لقد كان صمود المجتمع الفلسطيني وبعض مواقع المقاومة البطولية بوجه الهجمة العاتية ملحمة حقيقية لكنها تحققت بتضحيات ومعاناة كان من الممكن الحد من جسامتها لو توفرت الحدود الدنيا من الجاهزية لمواجهة هجوم كان مرئياً ومتوقعاً.
لقد كانت المرحلة الأولى(أ) من عملية «السور الواطي» اجتياح كافة مدن الضفة الغربية، وإحكام قبضة الاحتلال عليها بالعزل والإغلاق والحصار، وتبعتها بالمرحلة الثانية (ب) من عملية السور الواطي بالشروع في إقامة الجدران والمناطق العازلة، تحت ذريعة وباسم «المناطق الآمنة» التي تحول المناطق الفلسطينية إلى معازل تجسد أبشع صور الأبارتهايد، وبناء أسوار الأمر الواقع كخارطة وحدود لأي تسوية نهائية للصراع، وفي هذا السياق أيضاً عملت الحكومة الإسرائيلية على ترسيم وعسكرة نظام فصل عنصري بفرض التعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية من خلال اشتراط حصول المواطنين على تصاريح خاصة من هذه الإدارة للتنقل بين أنحاء الأراضي الفلسطينية، حيث تبدو الضفة الغربية وقد تحولت إلى أكثر من ثمانية معازل تفصل بينها الحواجز العسكرية والطرق الالتفافية الخاصة بالجيش والمستوطنين.
إن حملة « السور الواطي» العدوانية لم تنجح في تحقيق أهدافها السياسية، والمعركة من أجل إحباط هذه الأهداف مازالت مستمرة ومفتوحة على أفق الانتصار وإنجاز الحقوق الوطنية.
فيا وَطَنَ الأنبياء...تكاملْ!
ويا وطن الزارعين .. تكاملْ!
ويا وطن الشهداء.. . تكامل!
ويا وطن الضائعين .. تكامل!
فكلُّ شعاب الجبال امتدادٌ
لنشيد التراب.
المراجع:
كتاب: «السور الواقي» من سلسلة الطريق إلى الاستقلال التي يصدرها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»، الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الطبعة الأولى آب/أغسطس 2003.
«قصيدة الأرض» محمود درويش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق