محمود موالدي
احتضنت مدينة جدة في المملكة العربية السعودية القمة العربية الثانية والثلاثين، وهي القمة العربية المختلفة بمضمونها وبعدها وحضورها، فبعد غياب ثلاثة عشر عاما للوفد الممثل للجمهورية العربية السورية عن القمم العربية السابقة، شكل حضور الرئيس بشار الأسد ممثلا لسورية تحولا جوهري للموقف العربي الرسمي، وهو انعكاس للتحولات الكبيرة التي سادت المنطقة في عهدة التسويات والمصالحات برعاية وترحيب من قطب الشرق الواعد، فما تعيشه المنظومة العربية منذ عقود من تجاذب الدول الكبرى وتنفيذ فعلي لمصالح الغرب وتقييد فعلي لأي فاعلية عربية، فالهوا الأمريكي إن كان خافتا في هذه القمة بحضور الرئيس الأوكراني ( زيلينسكي ) إلا أنه خافت من جهة الطرح والمضمون المعلن في القمة وبيانها الختامي، وما شكلته الكلمات من ترحيب بالوفد السوري والقضية الفلسطينية والأزمات العربية المتفرقة والمصالحة الإقليمية يدل على جردة حساب سياسية للمنظومة العربية بعد سياسة عقد كامل من دعم لما سمي بقوى التغيير، لقد أقفل باب الفوضى العربية، وفتحت أبواب الفرص واستثمار المتغيرات الإقليمية والدولية وإعادة الترتيب للبيت العربي وأولوياته، إن التحول السياسي للمنظومة العربية في ظل المتغيرات العالمية يجعل الأمل خجولا حول مستقبل الخطاب السياسي العربي الذي لن يخرج عن دائرة الروتين المعتاد والمجاملات دون فعل حقيقي على أرض الواقع، بالحقيقة إن هذه القمة فرصة جديدة لتغيير الأبجدية السياسية العربية بعد ما شابها الكثير من الأمركة، كما أنها فرصة اقتصادية من جهة توازن الشرق بالغرب والاستثمار غير الريعي للعرب، فالإنتاجية تكمن بخصوبة التنمية وامتدادها بالبنية التحتية الضرورية لمواكبة التطور الاقتصادي الشرقي، فإذا كانت الفرص تخص الحكومات العربية بشقها العام فإنها أيضا فرصة للحكومة السورية والقوى السياسية المختلفة للاستفادة من هذا المناخ المريح في الداخل السوري ، واعتماد آلية الإصلاح السياسي والتي يتعزز من خلالها الجبهة الداخلية وصيانة التعددية السياسية في الوطن السوري والتمهيد لعقد سياسي جديد يجمع نقاط القوة ويتلافى نقاط الضعف الداخلي، فالحرب على سورية وإن انتهت عربيا إلا أن وجود الاحتلال الأمريكي والتركي يحتم على الشعب السوري وحكومته اعتماد المقاومة الشعبية أولوية قصوى في هذه المرحلة لتخلص من الاحتلال ومفرزاته وأدواته
فهل ستكون حقا فرصة للتغيير نحو قواعد سياسية جديدة حاكمة لعقد سياسي جديد...؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق