العربي الجديد -انتصار الدنان
ويتحدث عبد الرحمن البالغ عشرة أعوام ويتعلم في الصف الثالث الأساسي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "يافا تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي مثل صيدا، وأن المدينتين تتشاركان معالم البحر والقلاع الأثرية".
عموماً، يعرف عبد الرحمن، رغم صغر سنه، معلومات كثيرة عن مدينة صيدا التي يعيش فيها، في حين يجهل الكثير عن مدينة يافا التي يتحدر منها بسبب اللجوء. وبدأت قصته بالتفكير جدياً في العمل مرشداً سياحياً حين أصيب والده بمرض القلب، واضطر إلى تلقي علاج طويل الأمد جعله يتوقف عن العمل. يقول: "قررت البحث عن عمل لمساعدة عائلتي في المصروف، وكانت جولات السياح في المدينة تشد انتباهي، فصرت أسير معهم خلال تنقلهم مع المرشد السياحي الذي يختارونه في الأماكن الأثرية المختلفة، وأتعلم من هذا المرشد معلومات عن القلعة البحرية وخان صاصي والمسجد العمري. وحفظت شيئاً فشيئاً هذه المعلومات قبل أن أبدأ في عرض خدماتي على السياح الذين أراهم في المدينة، وأرافقهم في جولاتهم، وأعرّفهم بالمعالم والأماكن الأثرية والتاريخية والخانات والمتاحف. وهكذا تبلورت في ذهني فكرة أن أعمل مرشداً سياحياً في المستقبل".
وكان عبد الرحمن يتلقى تعليمه مع أشقائه الثلاثة في مدرسة عكا التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بساحة باب السراي في صيدا، ثم انتقل إلى مدرسة خاصة في المدينة بهدف تحسين مستواه في اللغة الإنكليزية، باعتباره أمراً ضرورياً للتحدث والتواصل مع السياح الأجانب الذين يريد أن يعمل معهم.
ويخبر أنه يعرف قصصاً كثيرة عن مدينة صيدا ومتاحفها وكنائسها، وأنها تعتبر أكثر منطقة تضم متاحف في لبنان، وتشتهر بأكلاتها وحلوياتها اللذيذة، وأن أبو حسن الهبش و"سيفوا" بين صانعي الحلوى الأكثر شهرة في سوق المدينة.
ويذكر أنه يقصد القلعة البحرية حين ينتهي الدوام المدرسي وخلال أيام العطل الأسبوعية والرسمية والأعياد، ويبحث عن سياح أو ينتظر أن يأتوا إلى هذا المكان أو خان الإفرنج الموجود في الشارع المقابل للقلعة البحرية، ويقول: "أعرف هؤلاء السياح من ملامحهم لأنني أحفظ وجوه أهل المدينة، وعندما ألتقيهم أعرّفهم بنفسي، وأسير معهم في جولتهم، وأشرح لهم معلومات عن القلعة البحرية وخان صاصي والحمّام الجديد والمتحف وخان الصابون، كما أرافقهم إلى الأسواق الشعبية للمدينة ومعالمها الأثرية والتاريخية، فهم يرغبون في زيارة هذه الأماكن، وأبرزها كنيسة الأرثوذكس وخان صاصي وقصر دبّانة ومتحف عودة وساحة باب السراي، إضافة إلى القلعتين البحرية والبرية وخان الإفرنج".
يضيف: "حفظت أيضاً قصص المتاحف من مرشدين، علماً أن بعضهم لا يقبلون وجودي معهم، لكن آخرين لا يمانعون ذلك. وفي كل الأحوال، أنا مصر على الاستمرار في انتظار السياح والسير معهم في جولاتهم كي أتعلم المزيد عن المدينة، وأتقدم في مهنة المرشد السياحي التي أريد أن أتقنها وأمارسها في المستقبل".
وعن احتمال شعوره بالخوف من مرافقة غرباء يتوافدون إلى المدينة، يقول عبد الرحمن:" لا أخاف من أحد لأن أولاد المدينة والسوق يعرفونني وأنا أعرفهم، وهم موجودون دائماً في السوق، لذا أشعر بطمأنينة في كل تنقلاتي".
وعن تلقيه أموالاً من السياح الذين ينضم إلى جولاتهم ويوفر معلومات عنها، يقول عبد الرحمن:" أنا لا أطلب المال من أي سائح قادم، وبعضهم يعطيني أجراً عن سيري معهم، وآخرون لا يفعلون ذلك. أحب هذه المهنة، وأكثر مدينة صيدا التي أحفظ معالمها عن ظهر قلب، وأرغب أيضاً في أن أتعلم أكثر عنها".
ويعتبر عبد الرحمن نفسه مرشداً سياحياً جيداً، ويفتخر بذلك، وبأنه يُعرف في سوق صيدا باسم "المرشد السياحي الصغير". ويُشير إلى أنه يحب يافا أكثر من كل شيء رغم أنه لم يرها، ويعرف أن مدينة حيفا مشهورة أيضاً، وأن شاطئها يشبه شاطئ مدينة صيدا، ويؤكد أنه سيحاول جمع معلومات عن صيدا ويافا، في حين يتمنى العودة إلى فلسطين، وعندما يحصل ذلك "سأتعلم الكثير عنها، وسأعمل مرشداً سياحياً فيها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق