النشرة
جملة من القرارات المشتركة التي تتعلق بقضايا وشؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان اتخذتها المديرة العامة لوكالة "الأونروا" دوروثي كلاوس مؤخراً، دون العودة النهائية إلى مسؤولي القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، ما أثار الاستياء، على اعتبار أنها إما لم تتشاور معهم فيها أو طلبوا منها التريث قليلاً لأنها تحتاج إلى المزيد من الدرس والإجابة عن بعض الأسئلة والإستفسارات حولها.
تفرد كلاوس في اتخاذ هذه القرارات، أعادت الذاكرة إلى العلاقة المتوترة التي شهدتها الساحة اللبنانية في العام 2006، بين المدير العام الأسبق للوكالة ماتياس شمالي، والقوى الفلسطينية على خلفية قراراته بتقليص الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية دون الرجوع إلى القيادة السياسية الموحدة او الاخذ بمواقفهم وانتهت برحيله من لبنان، حيث تؤكد أوساط فلسطينية لـ"النشرة"، وكأن دوروثي لم تتعلم ممن سبقها.
ووصفت الأوساط، اتخاذ هذه القرارات بهذه الطريقة الفردية بأنها "محاولة إلغاء أو ضرب المرجعية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية والسفارة الفلسطينية ومعها باقي الفصائل الوطنية منها والإسلامية، خاصة وأن تبريرها بالحفاظ على تقديم الخدمات أو انها تعالج مشاكل او تحسن التوظيفات، غير مقنع، بل ويحمل في طيّاته "شبهات" تصل إلى حدّ التصرّف وكأنّها تمثّل الشعب الفلسطيني أو ليس لديه مرجعيّة وسط محاولة اللعب على التناقضات الداخليّة. بينما موقف السفير الفلسطيني أشرف دبور واضح في الدفاع عن الشرعيّة ومرجعيّة منظّمة التحرير ولن يسمح بتمرير أيّ مشروع أو قرار دون التوافق عليه، وهو يلاقي حملة دعم واسناد وتضامن من كافّة المخيّمات من الشمال الى الجنوب ومن مختلف القطاعات والهيئات ولم تتوقف حتى اليوم".
أولى قرارات كلاوس، اعلان "الأونروا" عن إطلاق تطبيق "التحقّق الرقمي" للاجئين الفلسطينيين في لبنان، اعتباراً من اليوم الاثنين 31 من تموز الجاري، في خطوة هي الأولى من نوعها في مجال المساعدات الإنسانيّة، برّرت القرار بأنّه بهدف تعزيز المساءلة في ما يتعلق بتقديم الخدمات وحسن استخدام الموارد، وذلك من خلال إنشاء آلية تحرص على إيصال الدعم لمستحقي المساعدات النقدية المقيمين حاليا في لبنان والذين هم على قيد الحياة خصوصا أن 80% من لاجئي فلسطين في لبنان يعيشون في فقر مدقع.
وأوضحت كلاوس عبر رسالة مصوّرة بأنّ هذه الآلية ستساعد في التحقق من كل الأشخاص الذين ربّما تلقّوا مساعدات نقديّة وهم خارج لبنان ويستهلكون الموارد المخصصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين هم بأمس الحاجة إلى المساعدة وان العملية تعتمد على تطبيق قامت وكالة "الأونروا" بتطويره على مدار العاميين الماضيين ويتطلب أن يكون لدى اللاجئ هاتفا ذكيا وبطاقة هوية أو جواز سفر خاص.
في المقابل، لاقى هذا القرار اعتراضا فلسطينيا على اعتباره التفافا على مشروع مسح "بصمة العين" الذي طرحته "الأونروا" عام 2021 على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها، وفي لبنان أولاً، إلا أنه تم رفضه وأثار القلق حول توقيته وأهدافه. وعلمت "النشرة" أن كلاوس اجتمعت مع "هيئة العمل المشترك" وطرحت هذا الموضوع ولم يتم اعطاء الموافقة النهائية على اعتبار أن عليه تحفظات، ويحتاج إلى درس وإجابة عن بعض الاسئلة، ليتفاجأ الجميع بإصداره وتحديد موعد تطبيقه.
ولم تخف ِالأوساط السياسية الفلسطينية لـ"النشرة"، مخاوفها من عملية "التحقق الرقمي" لانّ لغة الأرقام أخطر من مجرّد عمليّة إحصائيّة، بل لها توظيفات سيّاسية وأمنية تفتح الباب على مخاوف مشروعة، خصوصاً بعد تجديد اتفاق الإطار مع الولايات المتحدة الأميركية، والقيام بعملية نقل الأرشيف من رئاسة الوكالة في عمان إلى مقر "الإسكوا" في بيروت، مستغربة قدرة الوكالة على توفير موازنة لبناء مشروع التحقق الرقمي، في وقت تتذرع بالعجز المالي لتوفير أدنى متطلبات اللاجئين بالاستشفاء الشامل، وتوفير أموال لترميم المنازل الآيلة للسقوط، أو الاستجابة لمطالب أهالي مخيم نهر البارد الذي لم تستكمل إعادة إعماره بعد.
ثاني القرارات، إعلان كلاوس بعد عقد اجتماع ثلاثي جمعها ورئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني الدكتور باسل الحسن، ومستشار وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال خالد نخلة، ورئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان كمال حايك، لمناقشة مسألة تغطية تكاليف استهلاك الكهرباء في المخيمات الفلسطينية الـ12 في لبنان، أنّه "تم التوصل إلى اتفاق بين الجهات لبدء عملية التعاقد مع مزود خدمة لتحصيل الرسوم في المخيّمات، وإثبات أنّ هذه العملية سائرة بالشكل الصحيح بحلول 31 آب 2023".
وقالت "الأونروا" في بيان "في حين أنها ليست مسؤولة عن التكاليف المترتّبة على الإستهلاك الفردي للكهرباء في المخيمات، إلا أنها ترى فجوة إدارية في هذا المجال يجب سدّها لما فيه صالح لاجئي فلسطين في لبنان والحكومة اللبنانيّة المضيفة. ولذلك توافق الوكالة على أنها ستدعم بشكل مرحلي إدارة الترتيبات التي تكفل جباية رسوم الكهرباء في المخيمات وبالتعاون مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وهيئة العمل الفلسطيني المشترك".
بينما على أرض الواقع لم تشارك "هيئة العمل المشترك" في الاجتماع، وتطبيق الإتفاق يحتاج إلى تعاون فلسطيني سياسي وشعبي معا، ودونه عقبات كثيرة في الآلية وستظهر نتائجها تباعا حين المباشرة بالتنفيذ، ما يعني عمليا تجاوز الهيئة، سيّما ومع التشديد من جهة على "ضرورة إيجاد حلّ لمشكلة الكهرباء داخل المخيمات عبر تنفيذ آلية دقيقة يتم الاتفاق عليها بالتنسيق مع "الأونروا" وشركة كهرباء لبنان"، دون ذكر "هيئة العمل المشترك"، ومن جهة أخرى من كلاوس، التي شددت على أنّ الوكالة لا يمكنها تحمّل المزيد من الأعباء، وأنّ الفلسطينيين في المخيمات يريدون تركيب العدادات الفردية ومستعدون لدفع الفواتير.
ثالث القرارات، ما يتعلق بمركز "سبلين المهني" التابع للوكالة حيث اتخذ قرار بإصدار إعلان الدورات للعام الدراسي الجديد 2023/ 2024، والذي يتضمن تقليصات جديدة وإغلاق لدورات الصفائح المعدنية، وأنظمة كهرباء السيارات، وهندسة العمارة بشكل مستهجن بالرغم من حاجة سوق العمل لهم! ومن ناحية أخرى تضمن الاعلان وجود دورات جديدة ضمن نظام الـBP وBT مدة دراستها ثلاث سنوات دون اي خطة واضحة أو تحضير المناهج وتدريب للمعلمين، مما يؤدي الى حالة تخبط ستكون لها العديد من التبعات تتحمل مسؤوليتها ادارة الاونروا ومركز سبلين. خاصة انه في السنة الدراسية 2022-2023 خضع المدربون لدورات متخصصة لتطوير المهارات والمناهج بما يتناسب مع سوق العمل، إلا أن الدورات التي تحولت الى نظام الـBP وBT لن تستفيد مما سبق. وهذا هدر للوقت والطاقة والمال وسوء تخطيط وتخبط في إدارة التدريب في المركز. فأين الرؤية المستقبلية لكل هذه الدراسات؟!.
بالمقابل، رفضت لجنة "موظفي سبلين" في اتحاد الموظفين، إلغاء الدورات بهدف الإلغاء وانعدام دوافع التطوير تحت أي مسمى كان وبحجج وهمية. وعدم مراعاة مصير الموظفين والمساهمة في تطوير المناهج والتي باتت مطلبا ملحا لجميع الأقسام بالرغم من تحويل الدورات الى النظام المذكور بشكل مفاجئ بدون الأخذ بعين الاعتبار الأهداف والأبعاد والتحوّل السريع لهذه الدورات وبدون تحضير أو تجهيز (oreintation) في المدارس للطلاب المتقدمين ولا حتى أساتذة المركز. والتفرد بالقرارات وتهميش دور رؤساء الأقسام بالرأي وما هو مصلحة لكل قسم!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق