محمد دهشة - نداء الوطن
أثار القرار التي اتخذته "الأونروا" بإطلاق مشروع "التحقق الرقمي" للاجئين الفلسطينيين في لبنان في مجال المساعدات الإنسانية بهدف تعزيز المساءلة في ما يتعلق بتقديم الخدمات وحسن استخدام الموارد، اعتراضاً في الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية، على اعتبار أنّ تطبيقه بدأ من دون موافقتها النهائية من جهة، ولما يُمكن أن يحمله من مخاطر أمنية من جهة أخرى.
وأوضحت المديرة العامة للوكالة في لبنان دوروثي كلاوس أن القرار يهدف من خلال إنشاء آلية على إيصال الدعم لمستحقي المساعدات النقدية المقيمين حالياً في لبنان، والذين هم على قيد الحياة خصوصاً أن 80% من لاجئي فلسطين في لبنان يعيشون في فقر مدقع. وقالت في رسالة مصورة أن هذه الآلية ستساعد في التحقق من كل الأشخاص الذين ربما تلقوا مساعدات نقدية وهم خارج لبنان ويستهلكون الموارد المخصصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين هم بأمسّ الحاجة إلى المساعدة، وأن العملية تعتمد على تطبيق قامت "الأونروا" بتطويره على مدار العامين الماضيين ويتطلب أن يكون لدى اللاجئ هاتف ذكي وبطاقة هوية أو جواز سفر خاص.
بينما الاعتراض الفلسطيني جاء على اعتباره التفافاً على مشروع مسح "بصمة العين" الذي طرحته "الأونروا" عام 2021 على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها، وفي لبنان أولاً، إلا أنه تم رفضه وأثار قلق الفلسطينيين حول توقيته وأهدافه. علماً أن كلاوس اجتمعت مع "هيئة العمل المشترك" الفلسطيني في لبنان وطرحت هذا الموضوع ولم يتم إعطاء الموافقة النهائية وبقيت عليه تحفّظات.
وتخشى مصادر فلسطينية عبر"نداء الوطن" أن يتجاوز "التحقق الرقمي" عملية الإحصاء إلى توظيفات سياسية وأمنية بعد تجديد اتفاق الإطار بين "الأونروا" والولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأنه يطبق في لبنان فقط من دون بقية الأقطار، وكونه يأتي بعد نقل الأرشيف من رئاسة الوكالة في عمان إلى مقر "الإسكوا" في بيروت، مستغربة قدرة الوكالة على توفير موازنة لبناء المشروع في وقت تتذرع فيه بالعجز المالي لتوفير أدنى متطلبات اللاجئين.
ويقول الكاتب والباحث في الشؤون الفلسطينية علي خليل إن كل مشروع يتضمن احصاء في الأعداد وتقسيم اللاجئين بين مقيم ومسافر، ينظر إليها هؤلاء بعين الريبة والشك نظرا لاستمرار محاولات تصفية حق العودة وفرض التوطين، وما رفع نسبة الاعتراض اتخاذ المديرة العامة كلاوس القرار من دون العودة النهائية إلى مسؤولي القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية.
ويوضح خليل أن مخاطر المشروع تكمن أيضاً في إعادة تعريف اللاجئ، فتسقط الصفة عن غير المقيم في لبنان، وبين مسجل وآخر غير مسجل، وبين مقيم ومغترب، أي لا ضمانات على إبقاء صفة لاجئ عن غير المقيم، وبالتالي إمكانية شطب اسم أي فلسطيني خارج لبنان، ناهيك عن قيامه على فكرة الأرقام والخشية من تسييسها، مثلاً بين فلسطينيين مجنسين في الخارج وبين فلسطينيين مقيمين في لبنان، علماً أن "الأونروا" غير معنية بمكان إقامة اللاجئ.
وتساءل إذا كان هدف "الأونروا" تحديد الاحتياجات الإنسانية للاجئين، فلماذا لا تعتمد أسلوبا آخراَ لإحصاء الحالات الاجتماعية في لبنان، وهو أمر بسيط لأن لديها الطواقم الفنية المدربة مع تطوير برنامج الأمان الاجتماعي المعتمد، ليتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، على أن الأخطر في المشروع أنه سيقوم بإلغاء رقم العائلة من بطاقة الإعاشة 1-00، ويصبح المعتمد رقم لكل فرد 2-00 وهذا يعني تفكيك العائلة خاصة وأنه إجباري وشرط لكل لاجئ يريد الحصول على المساعدة المالية مع أنها لا تشمل شريحة واسعة ما بين 19-59 أو أي خدمة صحية، تعليمية، أو غيرها من خدمات "الأونروا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق