لبنان يرفض الفصل السابع وعدم التنسيق مع الجيش عشية التصويت على التجديد لليونيفيل


 اشارت صحيفة "الديار" الى ان لبنان يترقّب جلسة التجديد للقوة الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان، فيما تواصل الدبلوماسية اللبنانية والبعثة اللبنانية الدائمة في نيويورك الاتصالات وهي تسابق الساعات مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن للتخفيف من شدّة مسودة مشروع القرار الذي قدّمته فرنسا، وتوافق عليه الولايات المتحدة الذي سيصوّت عليه يوم الأربعاء في 30 آب الجاري.

وتساءلت الصحيفة :"هل سيتمكّن لبنان من تثبيت رفضه لتحويل مهمّة اليونيفيل من الفصل السادس الى السابع، كون القرار يُتخذ بناء على طلب الحكومة اللبنانية؟ وهل من خلال تحفّظه يستطيع عدم تنفيذ هذا القرار المجحف بحقّه، أم أنّ بعض الدول الصديقة التي يعوّل عليها ويتابع معها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب الموجود حالياً في نيويورك اللقاءات والمناقشات ستتمكّن من إنقاذ لبنان من هذا الخطر المُحدق على استقراره قبل جلسة قرار التجديد المرتقبة؟!

واعتبرت الصحيفة انه "في الواقع، لا قدرة للبنان على إشهار الفيتو في وجه هذا القرار رغم إعلان بوحبيب باسم لبنان رفضه له، كونه ليس من الدول الخمس الدائمة العضوية... ولكن هل تفاجئه إحدى هذه الدول روسيا أو الصين باستخدام حقّ النقض منعاً لتمريره؟! حتى الآن لا شيء مؤكّد كون الفيتو يُستخدم لدى تبادل المصالح، ولا يبدو أنّ كلّ من الدولتين بحاجة الى صوت لبنان في ملف معيّن في المرحلة المقبلة.

وفي تفاصيل ما ينتظر لبنان بعد أيّام، تقول مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع لصحيفة "الديار" أنّه ظهرت أخيراً النيات المبيّتة من مسودة مشروع قرار التجديد للقوّة الدولية العاملة في جنوب لبنان المقدّمة من قبل فرنسا، والتي تحاول الولايات المتحدة الأميركية الاستفادة من نصّها قدر الإمكان لتأمين أمن إسرائيل في المنطقة الجنوبية الحدودية، ولنزع سلاح حزب الله على المدى البعيد. ولهذا فإنّ قرار التجديد السنوي لليونيفيل في مجلس الأمن لن يمرّ على خير هذه السنة، ولن يأتي بالتالي لمصلحة لبنان. فالتعديلات التي يطالب بها وتتعلّق بـ "صدور قرار يضمن حرية حركة اليونيفيل بالتنسيق مع الحكومة والجيش اللبناني من أجل نجاح مهمّتها وحفظ الاستقرار في جنوب لبنان والمنطقة"، قد تعدّتها مسودة المشروع كثيراً لتصل الى صيغة «إعطاء الشرعية لنقل ولاية «اليونيفيل» من الفصل السادس، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006، والداعي الى حلّ النزاع بالطرق السلمية، الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو الى فرض القرار بالقوّة. هذا الفصل الذي طالما هدّدت الولايات المتحدة لبنان باستخدامه، والذي رفضه لبنان في السابق ولا يزال يصرّ على رفضه، كون التجديد للقوّة الدولية، يأتي بطلب من الحكومة اللبنانية.

وتقول المصادر انه لا يمكن أن يتمّ إدخال تعديلات على قرار تجديد ولاية "اليونيفيل" وإقرارها بشكل ينسف مهامها الأساسية، ويجعلها قوّات ردع دولية تستخدم القوّة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، في الوقت الذي يطالب به لبنان بضرورة الحفاظ على الاستقرار في الجنوب والمنطقة. فالتشدّد في مجلس الأمن والتوجّه الى اعتماد الفصل السابع، وفق الصيغة المتداولة، بما يمنح «اليونيفيل» فرض احترام القرار 1701 بالقوة، على ما أضافت، يعني دخول لبنان في فوضى أمنية، ومخاطر هو بغنى عنها في الوقت الراهن، لا سيما بعد أن بدأ الحفر في حقل «قانا» في البلوك 9 الذي يستلزم الاستقرار لكي تستكمل الشركات المشغّلة عملها في المنطقة البحرية اللبنانية بكلّ هدوء.

وذكّرت أنّه بناء على إصرار لبنان وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا لدى اتخاذ القرار 1701، على التخلّي عن الإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح بعملية قوية لحفظ السلام من قبل الأمم المتحدة. ولكن النصّ بقي يحمل قواعد اشتباك قوية لقوّة الأمم المتحدة، وتقودها فرنسا في كلّ عام قبل أشهر من اتخاذ قرار التجديد لليونيفيل.

ويجدر هنا التذكير ببنود هذا القرار الأممي الذي أضاف الى المهمّات السابقة للقوة الدولية بعد تعزيزها (في العام 2006) مهمّة وقف الأعمال العدائية، والتعاون مع القوّات المسلّحة اللبنانية لتحقيق انتشارها في جنوب لبنان، وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي الى ما وراء الخط الأزرق. كما طالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكلّ هجماته و إسرائيل الوقف الفوري لكلّ عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كلّ قواتها من جنوب لبنان. ودعا إسرائيل ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى. ولهذا فإنّ تطبيق بنود هذا القرار من قبل «اليونيفيل» بالقوّة سيجعلها طرفاً بين الطرفين المتنازعين.

واعتبرت الأوساط نفسها أنّ كلّ الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة، تريد الولايات المتحدة والدول الموالية لها استثمارها في قرار التجديد لليونيفيل، بدءاً من حادثة العاقبية التي حصلت في كانون الأول الماضي وأدّت الى مقتل جندي إيرلندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، الى الاعتداء السافر للعدو على القسم اللبناني من بلدة الغجر وإقامة السياج الشائك حوله لضمّه، وما تلاه من نصب "حزب الله" لخيمتين في كفرشوبا، وما حصل في مخيم عين الحلوة من اشتباكات مسلّحة على خلفية اغتيال مسؤول الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي مع مرافقيه، وصولاً الى حادثة عين إبل الواقعة ضمن نطاق عمل اليونيفيل في الجنوب، والتي راح ضحيتها المسؤول في «القوّات اللبنانية» الياس الحصروني، وحادثة الكحّالة الأخيرة التي أظهرت نقل شاحنة من الأسلحة تابعة لـحزب الله.

وعن القول إنّ مسودة المشروع لم تأخذ بالتعديلات اللبنانية التي تطالب بالعودة الى القرار الذي سبق العام الماضي، وبشطب فقرة «حرية حركة «اليونيفيل» من دون طلب أي إذن مسبق وقيامها بدورياتها بشكل مستقلّ»، أي بمعزل عن الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني ضمن نطاق عملها، أكّدت الأوساط عينها أنّ المفاوضات تتناول صيغة القرار، ما يعني أنّه يُصار الى تغيير عبارة من هنا، وأخرى من هناك قبل جلسة 31 آب الجاري. غير أنّ ما يريده لبنان لم يتحقّق بعد. ولهذا يُخشى من أن يتمّ التصويت على مسودة المشروع وفق صيغتها النهائية التي يرفضها لبنان. عندئذ ستبدأ المواجهة، وقد لا يقبل لبنان تنفيذ القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن خلال جلسة التجديد لليونيفيل... علماً بأنّ القوة الدولية لم تُطبّق فعلياً على الأرض، ما اعتمده القرار السابق عن حرية حركتها بمعزل عن الجيش اللبناني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق