دراسة اجتماعية في أجزاء: الجزء الثامن: المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
أسامة خليفة
باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
في معظم الثقافات وجد أن الرجال يهتمون بالشأن السياسي والنساء يقفن إلى جانب الرجل سياسياً، التغيرات الاجتماعية في المجتمعات الصناعية الحديثة قد أبعد قليلاً هذا الاختلاف في الجنس، لكن تأثير التقاليد بقي واضحاً تماماً، واعتبرت الثقافة المجتمعية السائدة والعادات والتقاليد والموروث الثقافي، الذي يحط من قدر المرأة مقارنة بالرجل، هي أهم المعيقات التي تواجه مشاركة المرأة في الشأن العام. وتزداد العقبات والتحديات التي تواجه الأنشطة النسائية التي تعزز من مشاركتهن السياسية، بعوامل تخص المرأة ولا سيما في البلدان الأقل نمواً وفي الدول التي لم تُقم بعد على أسس الدولة المدنية الديمقراطية، التعددية، دولة المواطنة والمساواة بين المواطنين، والمساواة بين الرجل والمرأة، منها: قلة الوعي بمفهوم المشاركة السياسية، وضعف فهم النساء لحقوقهن وأدوارهن، ومحدودية اهتمام النساء بالمشاركة السياسية، وضعف الثقة بالنفس لدى النساء للمشاركة في الحياة السياسية، ضعف دور المرأة في بناء وتأسيس جماعات الضغط من أجل إشراكها في صنع القرار.
في الحالة الفلسطينية يتلازم المساران الوطني والاجتماعي مما يوجب تركيز الاهتمام على مصالح وحقوق ومكانة النساء والشباب، إذ ينبغي التقدم والسير نحو أهداف النضال الوطني التحرري مع تعزيز الديمقراطية السياسية والاجتماعية، وتعميق مسارها أثناء مرحلة التحرر الوطني، وامتداداً بعد مرحلة البناء الوطني التي تعقبها.
لكن الواقع السياسي والاجتماعي الفلسطيني أعطى أولوية للبرامج الوطنية على حساب البرامج الاجتماعية، وهنا يجب أن ندرك أن انتصار حركة التحرر الوطني الفلسطينية وتحقيق أهدافها في الاستقلال لا يقود تلقائياً إلى انتصار أهداف الديمقراطية سياسياً واجتماعياً بما يلبي مصالح القوى الاجتماعية التي قاومت الاحتلال وحققت الانتصارات ومنها قطاع المرأة، ومن هنا تختلف المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية عن المشاركة السياسية للمرأة العربية، في طبيعة هذه المشاركة ونوعيتها وزخمها في مواجهة الاحتلال والاستيطان، إن النضال من أجل تطوير الديمقراطية الفلسطينية يقع في صلب مغالبة الاحتلال والانقسام والبنى المحافظة في الحركة الوطنية وهو نضال شامل وعام ينخرط فيه الشعب الفلسطيني بأسره بكل فئاته الاجتماعية في الوطن والشتات، ويصطدم النضال من أجل الديمقراطية الفلسطينية بسياسة الاحتلال بعدائه المستحكم للوطنية الفلسطينية، ومحاولاته المعلنة لتعطيل الممارسة الديمقراطية بزرع العقبات أمام إجراء الانتخابات التشريعية، فيما لو شاركت فيها جميع القوى الفلسطينية، إضافة إلى رفضه إجراء هذه الانتخابات في الجزء المحتل من القدس عام 67.
تأثرت طبيعة مشاركة المرأة ودورها في المجتمع بإقامة السلطة الفلسطينية بما طرأ على النظام السياسي الفلسطيني من تغيرات، على الرغم من اقتصار ولاية السلطة على الحكم الإداري الذاتي على السكان، إنما حظيت بصلاحيات واسعة في إدارة الشأن المجتمعي الداخلي، ما وضع – بدوره – عموم الحركة الوطنية الفلسطينية أمام مهام ديمقراطية مستجدة، لم تكن مطروحة، فيما مضى، على هذا المستوى من الشمول والاتساع، والأهمية والتأثير المباشر على مسار النضال الوطني التحرري.
إن قيام السلطة الفلسطينية، بما ترتب على ذلك من تحديات، لعب دوراً ً مهما في تسريع وبلورة وتعاظم الوعي في صفوف المناضلات والمناضلين بضرورة وأهمية إيلاء المحور الديمقراطي في برنامج العمل، بشقيه السياسي والاجتماعي، ومزيدا ًمن الاهتمام، بالتوازي والتكامل مع المهام الوطنية المباشرة المتمثلة بمقاومة الاحتلال والاستيطان. ومما لا شك فيه، أن هذا الوعي كان في طريقه إلى التشكل، بفعل، وبنتيجة المراكمة النضالية الناجمة عن الانخراط في صفوف ونضالات الحركة الجماهيرية، بمختلف فئاتها الاجتماعية.
إن ربط التحرر الوطني بالديمقراطية السياسية والاجتماعية واستتباعا بقضايا التنمية البشرية والانسانية، وقضايا التطوير المجتمعي، وفي القلب منها قضية المرأة، يؤدي إلى استنهاض المشاركة المتكافئة والفاعلة لكافة شرائح وفئات الشعب في العملية الوطنية، بما في ذلك الدمج في الحياة النضالية اليومية لقضايا وحقوق القطاعات وبالذات النساء والشباب المستبعدة – بهذا القدر أو ذاك - من المشاركة الفعلية في صياغة السياسة النافذة في المجتمع والحركة الفلسطينية عموماً، بالقدر الذي يتناسب وثقلها الاجتماعي ودورها الكفاحي.
إن تطوير بنى مجتمعنا الفلسطيني يقوم على تكريس مشاركة نصف المجتمع، مما يتطلب تطويرا ً مؤسساتياً، وثقافياً، وقانونياً في النضال السياسي اليومي، ليس على قاعدة الاستدعاء من محطات قيادية عليا تغيب عنها المرأة، بل انطلاقا من مراكز عمل ديمقراطية تتحمل فيها المرأة بشكل منصف، وبلا تمييز كامل مسؤولياتها بالتوازي مع واجباتها.
فرضت الظروف التي مرت بها القضية الوطنية، ضرورة تعزيز قدرة المرأة على المشاركة واتخاذ القرار على كافة المستويات، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية أحد أهم القضايا التي يفترض العمل على تطويرها في المجتمع الفلسطيني، فواقع الصراع مع العدو الصهيوني أتاح مجال العمل السياسي أمام المرأة الفلسطينية للمشاركة في النضال الوطني والذي أحدث بعض التغيرات الاجتماعية التي أدت إلى تعزيز وتصعيد الانتفاضة، من خلال شمولية المشاركة الاجتماعية والانخراط في المواجهات مع جيش الاحتلال، حيث لم يميز الاحتلال في جرائمه بين المرأة والرجل، لكن بالعموم اتسمت مشاركتها بدرجات متفاوتة تتراوح ما بين المواجهة العنيفة، والمواجهة البسيطة، حيث يطغى شكل المشاركة البسيطة لدى الإناث على المشاركة العنيفة مقارنة بمشاركة الذكور، وهذا الاختلاف لا يقتصر على تأثير واقع الاحتلال في تحديد أشكال مشاركة المرأة، بل إن للمتغيرات الأخرى أهمية كبرى، من متغيرات أسرية وتعليمية واجتماعية واقتصادية وسياسية تؤثر سلباً أو إيجاباً في المشاركة السياسية للمرأة، والتي أثرت على دورها بشكل عام وعلى دورها في عملية صناعة القرار سواء داخل الأسرة، أم في البيئة المحلية، أم في الأحزاب، أم في المجتمع.
ويدور جدل حول أثر سياسات الاحتلال على المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، فحسب دراسة لمشاركة المرأة، يرى البعض أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المرأة الفلسطينية عززت دورها السياسي، بينما يرى آخرون أن إجراءات الاحتلال بحق النساء، عززت الاتجاهات المجتمعية الداعية إلى عدم مشاركة المرأة في الأنشطة السياسية خوفاً عليها، فالاحتلال يتبع سياسة الاستهداف الجسدي للنساء في الحروب والاجتياحات العسكرية مما أثر على قيم واتجاهات المجتمع تجاه مشاركة المرأة السياسية، حيث العادات والتقاليد لا تسمح بإهانة المرأة الفلسطينية، وشراسة الحصار والاحتلال، جعلت الكثير من المواطنين يخشون على المرأة من التعرض للإهانة والإذلال والاعتقال والمضايقات من جنود الاحتلال، كما تؤثر صعوبات التنقل وغلق المعابر بين المناطق الفلسطينية التي يتبعها الاحتلال، على المشاركة السياسية للمرأة وبالتالي أضعفت الحركة النسوية الفلسطينية.
التنشئة الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني، رسخت العادات والتقاليد والثقافة الذكورية في أذهان الناس، وعززت المعايير الاجتماعية والثقافية التي تربط المرأة بالأدوار التقليدية وتصورها على أنها ضعيفة، وهي صورة بارزة في الثقافة المجتمعية أي ثقافة المجتمع بأكمله يتبناها الرجال والنساء، رغم أنها تستعبد المرأة، وتنظر هذه الثقافة إلى دورها محصوراً في حدود البيت والأسرة ، وعزلها عن البيئة المحيطة الأوسع، وتعلي من شأن سلوك المجتمع الذكوري، الذي يعلن سيادة الرجل على المرأة، وهو عامل هام جداً في ضعف مشاركة المرأة السياسية وعدم قيامها بدور أكثر فاعلية، يضع المجتمع الذكوري الأبوي المرأة في منزلة أدنى من الرجل وتعطيه سلطة وهيمنة، حيث يبنى نظام فرض القوامة الذكورية على تبعية المرأة الاقتصادية والسياسية للرجل، وهذه التبعية تتضاعف بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، ويتطلب تخليص المرأة من التبعية الاقتصادية والسياسية للرجل تمكينها اقتصادياً، فالاستقلال الاقتصادي للمرأة أساس الحضور النسائي السياسي، وهذا الحضور هو الذي يطور دور المرأة ويطور قدراتها من خلال المشاركة في الحياة العامة والتصدي للقضايا والمشكلات الاجتماعية، والتصدي للاحتلال وممارساته، وفي مجرى دورهن في النضال الوطني يتطور دورهن السياسي المتقدم، وتتشكل لديهن الخبرة السياسية اللازمة لحضور المرأة في قيادات الأحزاب، وفي منابر الإعلام، وعلى مقاعد المجالس التمثيلية، وبالتالي المشاركة في صنع القرار.
لقد جذبت فصائل العمل الوطني المرأة والفتاة الفلسطينية إلى إطار التنظيم، لتشارك من بين صفوفها في العمل المقاوم، وفي العمل السياسي، لكن بقي التواجد النسوي في الأحزاب والفصائل لفترة طويلة ضعيفاً وبقي تمثيلهم في الهيئات القيادية محدوداً جداً، وبقيت مشاركة المرأة ضمن الأحزاب والمنظمات السياسية بما فيها الأحزاب اليسارية التي قد تكون أفضل حالاً من القوى الأخرى، إلا أن تمثيل المرأة الفلسطينية في الحركة الوطنية لا يتناسب مع حجمها وتضحياتها وقدراتها، فهي لا تلعب دوراً رئيسياً في عمليات صنع القرار ورسم السياسات والبرامج الحزبية، وقيادة هذه المنظمات، وما هذا إلا صورة عن الواقع الذي تعيشه المرأة داخل المجتمع.
تناول البرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مسألة المرأة، ولاحظ تأخر الوعي بوجود قضية أساسية، مستقلة، وذات بعد استراتيجي، قضية قائمة بذاتها في مرحلة التحرر الوطني، حيث تخلَّفت النصوص الموجهة للعمل في قطاع المرأة عن برامج عمل منظمات الجبهة الديمقراطية في الأقاليم، أي أن الأداء تقدم على أسلوب تناول قضايا المرأة في البرنامج السياسي، لفترة طويلة من الزمن، فقد شهد البرنامج السياسي، على امتداد تاريخ الجبهة الديمقراطية، صيغتين:
الصيغة الأولى: أنجزتها اللجنة المركزية الثانية عام 1975، بناء على تفويض من الكونفرنس الوطني العام الأول 1971، أي بعد ست سنوات على تأسيس الجبهة الديمقراطية، وقد خضعت هذه الصيغة للمراجعة والتدقيق، مرتين: الأولى، على يد المؤتمر الوطني العام الثاني 1981، والثانية، أجراها الكونفرنس الوطني العام الثاني 1991، لم تتناول هذه الصيغة للبرنامج السياسي موضوع المرأة، إلا في إطار حق المرأة – أسوة بسائر الفئات الاجتماعية – في إقامة منظمتها الجماهيرية: ضمان حق النساء والطلبة والمعلمين والشبيبة، وسائر فئات الشعب في إقامة منظماتهم الجماهيرية والمهنية المستقلة. أما المؤتمر الوطني العام الثاني 1981، فقد اقتصر التعديل الذي أجراه، على ما يلي: النضال من أجل حقوق المرأة وتطوير دورها في النضال الوطني. أما الكونفرنس الوطني العام الثاني 1991، فلم يتطرق إلى هذا الموضوع البتة.
الصيغة الثانية، أتت على يد المؤتمر الوطني العام الثالث في العام 1994، أي بعد 19 عاماً على الصيغة الأولى، وربع قرن على تأسيس الجبهة الديمقراطية، وخضعت هذه الصيغة للتعديل في ثلاث محطات: محطة اللجنة المركزية السابعة 2006، وبالمصادقة اللاحقة للمؤتمر الوطني العام الخامس 2007، ومحطتي المؤتمرين السادس 2013، والسابع 2018.
الصيغة الثانية للبرنامج السياسي 1994، تناولت موضوع المرأة في الفصل الثاني، الفقرة 7، ضمن المهمات النضالية المطروحة على جدول أعمال منظمات الجبهة في الضفة والقطاع، كما يلي: الدفاع عن حرية المرأة وحقوقها في المساواة، ومن أجل تعزيز مكانتها الاجتماعية، ودورها في النضال الوطني، وتشجيع انخراطها في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والنضال من أجل حق النساء العاملات في المساواة والرعاية الاجتماعية.
يلاحظ في هذه الصيغة، ما يلي: المساواة ليست مبدأً أساسياً، مستقلاً، قائماً بذاته، أو حقا ً طبيعياً تُشتق منه سائر الحقوق، بل حقوق تشتق من حرية المرأة، دون تعريف كاف لما هو المقصود بهذه الحرية، أي ما هو مضمونها القانوني، السياسي، والعملي.
الهدف من هذه الحقوق، أي ما ترمي إليه، هو تعزيز مكانة المرأة الاجتماعية ودورها في النضال الوطني الأمر الذي يحول الحقوق إلى واجبات. كذلك، فإن الهدف من حقوق المرأة في المساواة، هو تشجيع انخراطها في كافة
مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إذن، هو هدف تحفيزي، يلقي على عاتق المرأة أعباء، لا يقابلها نص كاف، يقطع بمضمون هذه الحقوق.
تعديلات اللجنة المركزية 2006 بمصادقة المؤتمر الخامس 2007، لم تشمل ما يتصل بموضوع المرأة، وبالمقابل، فقد أتت تعديلات المؤتمر الوطني العام السادس 2013، لتحدث تغييرا ً هاماً في الإطار العام لقضية المرأة: ففي الإطار العام، استجدت الصياغة التالية لمقدمة الفصل الثاني من البرنامج السياسي: إن المرحلة الراهنة، التي يمر بها النضال الوطني الفلسطيني، هي مرحلة تحرر وطني ذات مهام متداخلة وطنية، من جهة، وديمقراطية سياسية واجتماعية، من جهة أخرى، وبناء نظام سياسي ديمقراطي يحترم التعددية السياسية والحزبية والحريات العامة والمساواة وحقوق المواطنة، وصولاً إلى دولة مدنية ديمقراطية تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، وبين المرأة والرجل. وهو أمر يجري للمرة الأولى في نص البرنامج السياسي، وبهذا الفرز الواضح ما بين نمطين من المهام – وإن تداخلا – تحت عنوانين مستقلين في البرنامج، كما نلاحظ الإشارة الواضحة إلى هدف الدولة المدنية الديمقراطية، التي تقوم على مبدأ المواطنة، والمساواة بين المواطنين، وبين المرأة والرجل.
وفي صلب الموضوع، أي موضوع المرأة، أتت الفقرة 4 من عنوان ثانياً: على صعيد النضال الديمقراطي السياسي والاجتماعي، في الفصل الثاني، لتنص على ما يلي: تمكين المرأة من نيل حقها في الحرية والمساواة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز دورها في الشأن السياسي، وفي مؤسسات صنع القرار عبر تطوير القوانين والنظم الانتخابية على قاعدة التمييز الإيجابي، وتنقية التشريعات والقوانين الفلسطينية من كافة أشكال الإجحاف والتمييز ضد المرأة، وسن قوانين عصرية للأسرة والأحوال الشخصية، تحفظ حق المرأة وتضمن لها المساواة مع الرجل.
تجدر الإشارة إلى الإضافة التي أدخلها المؤتمر السادس على مقدمة النظام الداخلي، التعريف والأهداف، بحيث باتت المرأة كقطاع اجتماعي مستقل، مستهدفة بالعضوية الحزبية، كون مسألة المرأة قضية مكتملة الأركان، وقضية قائمة بذاتها في برنامج العمل الوطني، كما في برنامج البناء الحزبي المحض.
ضمن هذا المسار المتصاعد أهمية، موقعا ًومكانة في البرنامج السياسي، أتت تعديلات المؤتمر الوطني العام السابع 2018، لكي تسجل المزيد من التقدم في هذا المضمار، حيث استعادت مقدمة الفصل الثاني، كما والفقرة الخاصة بحقوق المرأة العاملة، نفس النص الذي ورد في صيغة المؤتمر السادس 2013، وأعادت صياغة الفقرة 4، على النحو التالي:
الدفاع عن مكتسبات وحقوق المرأة ضد التمييز والتهميش والعنف، من أجل الحرية والمساواة التامة مع الرجل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، والنضال من أجل: مشاركة المرأة في المجال السياسي، وفي مؤسسات صنع القرار، عبر تطوير القوانين والنظم الانتخابية على قاعدة التمييز الإيجابي. واستبدال عبارة تعزيز دور المرأة في الشأن السياسي، بالنص الواضح: مشاركة المرأة في المجال السياسي.
وإضافة فقرة كاملة عن مواءمة التشريعات الفلسطينية مع الالتزامات التي تنص عليها اتفاقية سيداو.
السؤال الذي يطرح هنا، هل المرأة القيادية في الأحزاب والفصائل أو في المجالس التمثيلية انتخبت من قبل المرأة وهل المرأة القيادية أو المنتخبة تدافع عن حقوق المرأة؟.
لم تبذل النساء المنتخبات أو القياديات، الجهد الكافي لحل المشاكل التي تواجه النساء، ولم يحاولن تعزيز العمل المشترك مع النساء في المجتمع من أجل إقرار سياسات وقوانين تدعم حقوق المرأة بالمساواة، أو برفع نسبة الكوتا النسوية، حيث يرى البعض أن جزءاً من هؤلاء النساء لم تفرزهن القاعدة النسوية الفلسطينية، وكثير منهن غير معروفات للناس ولجموع المرأة، كما أن الكثيرات ممن فزن بالانتخابات أو الموجودات في الأحزاب، لا يشعرن بأنهن موجودات بفضل الدعم النسوي لهن، بل نتيجة قرارات اتخذها الرجال من صناع القرار، سواء في الحزب أو العائلة أو الهيئات التمثيلية، وكن يمثلن مصالح الأحزاب التي ترشحن عنها، أكثر من كونهن نساء يدافعن عن حقوق المرأة.
لقد خاضت الحركة النسوية الفلسطينية غمار الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأولى والثانية، والتي تؤشر على حماس ودافعية الحركة النسوية لأن تلعب دورها الطبيعي داخل الحركة السياسية الفلسطينية، ورفضها لأي إقصاء متعمد أو غير متعمد بالانضمام والمشاركة في الحياة السياسية العامة، فبرغم كل التحديات التي واجهتها خلال هذه المشاركة، إلا أنها فازت بخمس مقاعد داخل المجلس التشريعي من أصل 88 مقعداً ً في عام 1996، و17 مقعدا ً من أصل 132 مقعدا ً في عام 2006.
وفي موضوع تمكين المرأة من نيل حقها في الحرية والمساواة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز دورها في المجال السياسي، وفي مؤسسات صنع القرار عبر تطوير القوانين والنظم الانتخابية على قاعدة التمييز الايجابي، وتنقية التشريعات والقوانين الفلسطينية من كافة أشكال الإجحاف والتمييز ضد المرأة، وسن قوانين عصرية للأسرة والأحوال الشخصية، تحفظ حق المرأة وتضمن لها المساواة مع الرجل، وتطوير القوانين والتشريعات الكفيلة بتعزيز مشاركة المرأة السياسية، ورفع تمثيلها في مراكز صنع القرار، وهي مطالبة بتبني استراتيجيات واضحة تضمن تحقيق حقوق النساء وإنصافهن.
أكدت وثيقة إعلان الاستقلال على تمتع النساء كما الرجال بجميع الحقوق على مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز، إلا أن الفجوة تبقى كبيرة في التطبيق والإجراءات، التي يجب أن توضع للتأكد من مشاركة أكبر للنساء، وضمان الالتزام بتطبيق القوانين التي تكفل للنساء التمتع بشكل كامل بالحقوق.
أكد القانون الأساسي الفلسطيني المعدل عام 2005، على مجموعة من الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، التي يجب أن تتمتع بها النساء، خاصة حقها في المساواة، وأكد أيضاً في المادة التاسعة، بأن جميع الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة، وفر القانون الأساسي المساواة لجميع الأشخاص داخل المجتمع، إلا أنه في الواقع يوجد إقصاء واضح لدور المرأة في المشاركة في عمليات صنع القرار وإدارة الأزمات وصنع السلام، من الأمثلة على ذلك غياب دعم الحكومة للمؤسسات النسائية.
لقد صرح القانون الانتخابي رقم 13 لعام 1995، على عدم التمييز بين الرجال والنساء، كما أكدت المادة 12 على ضرورة التمتع بالحقوق القانونية، وأكدت على الحق في الترشح للمجلس التشريعي، بغض النظر عن الجنس ذكر أو أنثى، استمر الجدل على قانونية وفعالية نظام الكوتا، كنظام يضمن للمرأة حقها في الوصول إلى جزء من دورها في المشاركة السياسية، حيث ترى مجموعة من قيادات الحركة النسوية أهميته، في ظل مجتمع لا يؤمن بقدرة المرأة على إحداث التغيير، باعتباره أداة لضمان مشاركة المرأة السياسية، بينما يرى جزء آخر أنه ينافي بعض القوانين التي أقرها القانون الأساسي وقانون الانتخابات، في حين أن مجموعة ثالثة رأت بأن نظام الكوتا لم يعط المرأة الحد الأدنى من حقوقها، فهو لم يراع حجم المقاعد المتنافس عليها، حيث خصص عدد محدود من المقاعد للمرأة، دون مراعاة لنسبة ما تمثله هذه المقاعد من المجموع العام، لكي تكون مؤثرة في الحراك السياسي.
في تشرين الأول/أكتوبر 2000، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 1325 بالإجماع، يعتبر القرار الإطار القانوني والسياسي التاريخي الذي يعترف بأهمية مشاركة المرأة وإدماج المنظور الجندري في مفاوضات السلام، وعمليات حفظ السلام، وبناء السلام بعد انتهاء الصراع، والتخطيط للبرامج الإنسانية، ويدعو القرار 1325 إلى مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار.
هذا القرار يسمح للحركة النسوية الفلسطينية، مطالبة مجلس الأمن والأمين العام بتوفير الحماية للنساء الفلسطينيات من الاحتلال وعنفه، والمطالبة ببعثة لتقصي الحقائق، لتحديد الأسباب التي تعرقل تنفيذ القرار في الأراضي المحتلة، ويمكن استخدام القرار للمطالبة بمساءلة إسرائيل على جرائمها.
وفي العام 2011، عقد المؤتمر الأول للائتلاف الوطني لتطبيق القرار الأممي 1325 في فلسطين، وقد هدف المؤتمر إلى بلورة خطة عمل وطنية لتطبيق القرار الأممي 1325 من أجل ضمان حماية وأمن النساء الفلسطينيات المناضلات تحت الاحتلال، ومن أجل مشاركة فاعلة لهن لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق