وكالة القدس للأنباء - ميرنا روحي الحسين
تتناسل تداعيات الاشتباكات الدامية التي اندلعت في عين الحلوة بين حركة «فتح» و"تجمع الشباب المسلم" منذ 30 تموز الماضي، لتولد تحديات مختلفة إنسانية وتربوية وصحية وحياتية، وتكشف كل يوم عن وجه جديد يزيد من معاناة أهالي المخيم النازحين منهم والصامدين بين الدمار والبيوت المحروقة والخراب.
أحد هذه التحديات هو ارتفاع أسعار إيجار الشقق السكنية في مدينة صيدا. حيث تحوّلت هذه المعاناة إلى مسألة تجارية بلا إحساس مع عائلة نازحة نازح تدمر بيتها أو احترق، وهو ما أدى الى موجات نزوح غير مسبوقة من المخيم واضطرارها للبحث عن حل من بين أربعة خيارات: البقاء في المخيم على الرغم من المخاطر، أو اللجوء إلى أقاربهم وأصدقائهم في أماكن أكثر أمناً، أو اللجوء إلى مراكز الإيواء التي تديرها وكالة "الأونروا" في صيدا أو سبلين، أو البحث عن شقق للإيجار، ولكن المفاجأة كانت في ارتفاع أسعار الإيجار إلى ثلاثة أضعاف وأكثر.
في هذا السياق، قالت اللاجئة الفلسطينية، أم خليل، وهي نازحة من سوريا إلى مخيم عين الحلوة بعد أحداث مخيم اليرموك في حديثها لـ"وكالة القدس للأنباء"، "هذه نكبتي الثالثة، فالأولى كانت حين خرجت من فلسطين، وكان عمري 3 أشهر والثانية من مخيم اليرموك بعد أحداث سوريا، والثالثة في الوقت الحالي من مخيم عين الحلوة، تعبت ولم أعد أحتمل، بيتي متضرر بشكل كبير، لا عفش ولا ثياب بداخله، حرق بشكل كامل، ولم يتبق منه إلا الخشب المحروق، ما أجبرني على الخروج من المخيم، خاصة وان الوضع الأمني بداخله غير مستقر".
وأضافت أم خليل: "صعقت بغلاء أسعار المنازل خارج المخيم، وأنا ما زلت داخل صيدا، المنزل الذي كان أيجاره ما يقارب ال 100$ أصبح بعد أزمة عين الحلوة اليوم يعادل 400$ والمنزل الذي كان يقارب أيجاره ال 300$ أصبح اليوم ب 700$، بالإضافة إلى أن مالك العقار يطلب منا دفع أيجار سلف ل 3 أشهر، وهناك أشخاص طلبوا 6 شهور، علماً أن المنزل يحتاج لدهان وإعادة صيانة".
وبحرقة تتحدث أم خليل لوكالتنا عما يحدث معها، وتقول: "وصل الحال بأن يشترط علينا صاحب المنزل عدد الأشخاص أو الأطفال الذين سيتواجدون داخل المنزل، ويشترط أيضاً عدم إمضاء عقد عند كاتب العدل كي يتلاعب بأسعار إيجار المنزل دون حسيب أو رقيب".
مطالبة بإنهاء الاقتتال والعودة للمنازل
وطالبت النازحة الفلسطينية من "عين الحلوة" خلال حديثها لوكالتنا: "أن تحل هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن وبشكل جذري كي تنتهي المشكلة إلى الأبد، وكي نعود إلى منازلنا سالمين، ونطالب بالإسراع في عملية ترميم وإعادة إعمار المنازل التي دمرت بشكل كامل ومسحت عن بكرة أبيها".
من جانبها قالت النازحة الفلسطينية أم مريم "60 عاماً"، أثناء حديثها لـ"وكالة القدس للأنباء": " هذه المرة الثالثة التي يتضرر فيها منزلي بسبب الأحداث داخل المخيم، أعيش بهذا البيت أنا وزوجي العاجز والمقعد منذ 12 عاماً، حيث أسكن في حي الطيرة، وفي كل مرة أتنقل من جمعية إلى أخرى كي أطالب بإعادة ترميم منزلي، وتتم العملية بعد معاناة طويلة".
وقالت أم مريم: "هذه المرة لا أريد ترميم منزلي، ولا إعادة إعماره، ولا أطالب بالتعويضات أريد فقط أن أعيش مع زوجي في دولة آمنة، فأنا لم أعد صغيرة وأريد أن أعيش ما تبقى من عمري بسلام، لذا راودتني فكرة الهجرة" .
وختمت حديثها لوكالة القدس للأنباء بقولها: "يصعب علينا ترك المخيم بالتأكيد، ولكن لم نعد نحتمل، فأنا طيلة فترة الاشتباكات أتنقل مع زوجي المقعد من مدرسة إلى أخرى وفي ليلة الاشتباك الأولى نمت على شاطىء البحر".
لا شك أن عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان، التي تحتضن في جنباتها ما يزيد عن 100 ألف نسمة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والنازحين الفلسطينيين من سوريا مؤخراً، هي عنوان للبؤس والحرمان والمعاناة لسكان قُدّر لهم أن يكون لجوأهم وإقامتهم في هذا المخيم. ولا شك أن الأحداث الأمنية التي حصلت، وتحصل، جعلت المخيم كله على فوهة بركان. وما أن يتجاوز المخيم حدثاً أمنياً أو أزمة طارئة، بعد جهود مضنية يبذلها الحريصون على أمن المخيم وسكانه ووجوده، إلا وتبدأ أزمة أمنية أخرى تعيد المخيم إلى دائرة الخطر من جديد.
والسؤال إلى متى سيبقى حال مخيم عين الحلوة هكذا؟ وعلى من تقع مسؤولية إنقاذ المخيم؟.. وإعادة إعماره ليبقى عاصمة للشتات الفلسطيني، وحافظا لحق العودة الذي تريد القوى الاستعمارية الظالمة، وأدواتها من دول مطبعة وأجراء تصفيتها خدمة لكيان العدو الصهيوني؟..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق