شهدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مسيرات ووقفات داعمة للمقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى توزيع الحلوى ابتهاجاً بإطلاق عملية "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات غلاف غزة، صباح السبت الماضي، وما زالت مستمرة حتى اللحظة، وما حققته من بطولات ومستوى تنسيق وتدريب أذهل العالم، وفاجأ العدو والصديق،حيث أسفرت العملية عن قتل وجرح وأسر مئات الجنود والمستوطنين، والمتابع لما يحدث ميدانياً يلحظ بسهولة مدى التخبط الصهيوني، سواء على المستويين السياسي والعسكري، أو على الصعيد الإعلامي في ذكر الأرقام، فبين اللحظة والأخرى يتغير العدد بشكل لافت، لأن كشف الحقيقة قد يصدم الرأي العام ويعكس غضباً ضد الحكومة، وتشير المعلومات الأولية و- حسب اعترافات العدو- عن مقتل أكثر من 800 جندي ومستوطن، وأسر حوالي 380، وجرح أكثر من2492.
هذه المعركة النوعية أثلجت صدور وقلوب اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، ورفعت من روحهم المعنوية، وعززت الإيمان بإمكانية التحرير وتحقيق العودة، معتبرين في أحاديثهم ل" بوابة اللاجئين"، أن ما حصل هو نقطة تحول في تاريخ الصراع مع العدو، ووضع القضية الفلسطينية .
ففي مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، انطلقت مسيرات شعبية، رغم حالة التوتر التي سادت المخيم لأشهر، احتفاءً بعملية المقاومة، وتحدث الشاب هلال علي علي، قائلاً: "نحن نتابع عن كثب ما يحصل في غزة، ونفتخر ونعتز بما يقوم به أبطال المقاومة الفلسطينية، لقد أعادوا لنا الحياة، وأثلجوا قلوبنا"، مؤكداً أن "كل احتلال إلى زوال، عاجلاً أم آجلاً، والصلاة في المسجد الأقصى باتت قريبة بإذن الله، ونحن في المخيمات لا نملك سوى الدعاء، ونؤكد أن المقاومة هي الطريق الوحيد لنيل حقوقنا، ومقاومتنا تستحق كل الدعم، من أجل الحرية".
ومن مخيم البص رأت سماح صليبي: إن "ما قامت به المقاومة الفلسطينية يسجل في التاريخ، لقد أعادت الفرحة إلى قلوبنا، فلا يمكن وصف السعادة التي عمت المخيم، كنا بحاجة إلى مثل هذا الحدث العظيم"، مطالبة "بدعم المقاومة بكل السبل المتاحة، للإسراع في الإفراج عن الأسرى، وفك الحصار عن قطاع غزة"، مضيفة: أنه "على الدول العربية والإسلامية أن تقف إلى جانب مقاومتنا، وأن تتوحد وتوقف عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب".
فرحتنا كانت كبيرة بوحدة المقاومين ميدانياً
من جانبه عبر، مسؤول "جمعية الشفاء للخدمات الطبية الإنسانية"، في مخيم شاتيلا، محمد حسنين، عن فرحته، قائلاً: "الفرحة لا توصف، ولا يوجد أي كلام يعبر عما نشعر به، فالمسيرات لم تهدأ منذ بدء المعركة، بالإضافة إلى توزيع الحلوى، ونصب حواجز محبة"، مشيراً إلى أن "فرحتنا كانت كبيرة، خاصة وأن هذه المعركة كانت بمشاركة جميع التنظيمات، وكانوا جميعهم موحدين تحت علم فلسطين"، موضحاً أن "فرحتي فرحتان، وذلك بسبب ذكرى استشهاد أخي الشهيد حسن حسنين، والشهيد شادي الأنس، في عام ٢٠٠١، عند الحدود اللبنانية الفلسطينية، أثناء مسيرة العودة".
ولفت إلى أن "هذه أول فرحة بهذا الحجم في تاريخ الشعب الفلسطيني خاصة، والأمة العربية والإسلامية عامة، فدائماً كان العدو الصهيوني يعتدي علينا ويغتصب أرضنا، وينكل بأسرانا، ونحن بسبب هذا الاحتلال ما زلنا لاجئين، ففي هذه اللحظة شعرنا أننا أخذنا جزءاً من حقنا، وبعد تآمر كل العالم علينا، بفضل الله وبفضل مقاومينا وشعبنا الجبار انتصرنا والنصر الكبير بعودتنا قادم لا محالة".
انتظرنا مثل هذا اليوم بفارغ الصبر
بدورها، قالت سلام الخطيب، من مخيم الرشيدية، أن "الاحتفالات عمت المخيم بأكمله، وكأن الدنيا عيد، وهو فعلاً كذلك، كنا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، أن تدخل المقاومة براً، والحمدلله أن هذا اليوم جاء، والمقاومة استطاعت أن تقهر "إسرائيل"، وأن تفرح قلوب الفلسطينيين في كل مكان، مبينة أن "العدو كان يراهن دائماً على أن الأجيال القادمة ستنسى فلسطين، لكن اليوم أثبتنا لهم، أن الجيل الجديد يولد وعشق فلسطين يجري في دمه، والعالم كله مذهول بالعمل الجبار الذي صنعته مقاومتنا رغم الحصار، ونحن نأمل أن يكون هناك تحرك من الدول العربية وأن تدعم مقاومتنا، لأن المسألة هي مسألة دينية قبل أن تكون وطنية، فالمسجد الأقصى هو مسرى نبينا، وسنصلي قريباً به إن شاء الله".
أما ربيع فارس، ابن مخيم نهر البارد، شمال لبنان، قال: إن "تلقي خبر عملية "طوفان الأقصى" كان صدمة جميلة، فاستفقنا على أخبار تسر القلب والروح، من اقتحامات، وعمليات تسلل، وخطف وقتل، وهذا العمل العظيم الجبار أكد لنا أن التحرير بات قريباً، فكانت فرحة لا توصف، عمت جميع المخيمات الفلسطينية"، مبيناً أن"مخيم نهر البارد لم ينم منذ بدء المعركة، والأهالي يجولون بسياراتهم في الشوارع محتفلين بما حصل على أصوات الأناشيد الوطنية الحماسية، وهم يتابعون ما يجري لحظة بلحظة، تغمرهم مشاهد الانتصارات وقتل وأسر جنود العدو، معتبرين أن خيار المقاومة أثبت جدواه. إنهم يعيشون فرحة لا توصف بهذا الإنجاز الكبير للمقاومة الفلسطينية من "سرايا القدس" و"كتائب القسام"، وكافة الأجنحة العسكرية، وإن شاء الله ستكون الفرحة الكبيرة بتحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وتحرير كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة".
الأمل كبير بأن تطوي هذه المواجهة المشرّفة ضد العدو، كل الصفحات السوداء والخلافات والصراعات الجانبية في المخيمات الفلسطينية، وآخرها في مخيم عين الحلوة، وتكون وجهة كل البنادق نحو هدف واحد ضد كيان الاحتلال، من أجل تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني المغتصب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق