قد تختلف الحرب الحالية على قطاع غزة عن غيرها من الحروب بأن سياسة مجلس الحرب الاسرائيلي معني باطالة الحرب سواء بعمليات مباشرة كما حدثت في المرحلة الاولى والثانية او التدرج في الطرق العلاجية للقضاء عل حركة حماس والمقاومة التي ستبدأ في المرحلة الثالثة والتي ستأخذ وقتاً اطول وهذا يعتمد على عوامل التحفيز او التثبيط ويعتمد ايضاً على نتائج الحرب في الميدان.
وعملية وقف الحرب تأتي بخيارين اما استسلام احد الطرفين وهذا صعب في الوضع الحالي واما التوافق على وقف الحرب دون انهاء الصراع بسبب الضغوطات الدولية والاقليمية والضغوطات الداخلية الاسرائيلية بالتحديد من اهالي المحتجزين الاسرائيليين مع الاخذ بعين الاعتبار ان مجمل الشارع الاسرائيلي مع قرار استمرار الحرب والقضاء على المقاومة الفلسطينية.
واذا لم تتوقف الحرب واتباع استراتيجية اطالة امدها يعني تفكيك المقاومة الى مجموعات ومن ثم الى افراد وهؤلاء ان استمروا يعني البدء بالعمليات الاستشهادية او استسلامهم او اغتيالهم من خلال التدرج في المرحلة الثالثة والتي تُعتبر علاج وتطهير نهائي للجيوب العسكرية في القطاع ومهما كان الصمود والثبات للمقاومة الا ان اطالة الحرب هي استنزاف للطرفين ولكن ليس لصالح المقاومة الفلسطينية بعكس ما يتم الاشارة اليه ان اطالة الحرب ستكون ضد اسرائيل وبالتحديد ان تعنت نتنياهو وغالانت نحو استمرار الحرب يعني المُضي قُدماً رغم الخسائر البشرية والاقتصادية والضغوطات الداخلية والخارجية، وعدم التباحث لليوم التالي للحرب يعني حتى اللحظة سائرون في تنفيذ المهمات في القطاع.
بقاء معادلة اطالة الحرب على القطاع:
ترتكز هذه المعادلة على أكثر من عامل: أولاً، عدم القدرة على تنفيذ الاهداف المتمثلة على القضاء على حماس. ثانياً، عدم تدخل بشكل مباشر من احدى جبهات المثلث المتمثلة بحزب الله والجبهة اليمنية والكتائب الاخرى في سوريا والعراق بمعنى بقاء تلك الجبهات ضمن المُشاغلات وليس نطاق الحرب الشاملة. ثالثاً، عدم تطور الداخل الاسرائيلي الى حالة من عدم الاستقرار نتيجة اطالة الحرب على القطاع. رابعاً، فشل المبادرات التي تُقدم لوقف اطلاق النار، خامساً،استمرار الضوء الاخضر الامريكي حتى تنفيذ الاهداف، سادساً، تماسك الائتلاف اليميني الحالي الذي سيبقى حتى تنفيذ القضاء على الجناح العسكري للمقاومة في القطاع.
واذا بقيت الحرب مُقتصرة بين الجيش الاسرائيلي والمقاومة يبقى التصعيد بين الجانبين محتملاً ما يعني بأن الافق الزمني لنهاية الحرب غير وارد لن تتوقف الا بانتصار اسرائيل وتحقيق معادلة المسافة صفر والنتيجة صفر.
التدرُج في العمليات القادمة لاطالة الحرب:
لن تجتاح اسرائيل جميع القطاع برياً لتفادي الخسائر البشرية في صفوف الجيش الاسرائيلي بل ستعمل على "تجزئة عملية الاجتياح" وفق مقتضيات نتائج الميدان وهذا يعني استمرار المواجهة بين الجيش والمقاومة قد تستمر اسابيع او اشهر.
عوامل تقصير امد الحرب:
هناك محاولات حثيثة للبدء في ترسيخ مبادرات مثل المبادرة المصرية والتي تعتبر ايجابية اذا تم التوافق عليها من جميع اطراف الفصائل الفلسطينية المنضوية في منظمة التحرير وفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع فيها مراحل مُتدرجة واي افشال في احدى مراحلها من اسرائيل يعني رمي الكرة في ملعبها بالتحديد انها معنية في استغلال أي رفض من الفصائل للمُبادرة حتى تُطيل الحرب على القطاع وعامل الزمن لصالح اسرائيل، اما اذا تم التوافق على المبادرة بين جميع الاطراف ومن ضمنهم اسرائيل يعني وقف الحرب.
اما العامل الاخر في تقصير امد الحرب وهو ضغط الراي الداخلي الاسرائيلي على نتنياهو واعضاء مجلس الحرب الذي حتى اللحظة لم يحققوا اهداف وبالتحديد اخراج الرهائن الاسرائيليين من القطاع، فيما يتعلق العامل المُقصر للحرب وهو الواقع الانساني في القطاع الذي بات يُحرك العالم لانقاذ واقع المدنيين الذين كانوا الضحية في هذه الحرب.
كما ان جنود الاحتياط الذي لم يتم اعطائهم امتيازات للدخول في الجيش يعني البدء في التمرد داخل صفوفه وهذا ينعكس سلباً على مسار الحرب، اما العامل الاهم وهو الولايات المتحدة الامريكية التي باتت تُسرع الوقت لتنفيذ الاهداف حتى لا تتطور الى حرب اشمل لا تريدها اميركا حيث ان اتساع الحرب خارج نطاق الجيش الاسرائيلي والمقاومة الفلسطينية يعني حرب ستمتد الى سنوات طوال لن تقف عند حد الحرب الاقليمية بل اتساعها الى حرب عالمية ثالثة امام التغير في النظام الدولي.
ايران لن تتدخل وان قُتل جميع كوادر الحرس الثوري:
ان انتقام ايران لمقتل الموسوي او قاسم السليماني الذي تم قتله قبل عدة اعوام لن تنتقم بطريقة الحروب المباشرة قد تلجأ لطرق غير مباشرة مثل التهديد البحري او اغتيال اسرائيليين من مختلف تواجدهم في العالم او عمليات فردية هجومية على احدى السفارات الاسرائيلية في العالم او تهديد تكنولوجي، لكن المجمل لن تدخل الحرب لاكثر من سبب:
ما زالت ايران تُحرك القوى المنضوية تحت لوائها وهذا يُبعد الاشتباك المباشر بين ايران واسرائيل ستبقى تدفع حزب الله لتُطور الجبهة الشمالية، كما ان دخول ايران يعني ازدياد العقوبات عليها وهي تحاول رفع العقوبات عن واقعها الاقتصادي، كما ان وجود الجيش الامريكي في المنطقة يُقلق ايران ويُردعها نوعا ما.
لذا ايران ستُحرك الاذرع واذا شعرت بالتهديد المباشر سوف تتخلى عن الحلقة الاضعف وهي حليفها حماس والجهاد الاسلامي وانهاء حكم حماس مقابل ابعاد شبح الحرب المباشر بالمقابل ستحافظ على الجبهة اليمنية واللبنانية لاي دوافع مستقبلية ستُحركهم عند الحاجة حفاظاً على وجودها ومصالحها الاقتصادية والامنية والعسكرية في منطقة الشرق الاوسط.
اسرائيل لن تتخلى طواعية عن تنفيذ اهدافها:
لن تتخلى اسرائيل بسهولة عن القضاء على حماس فعوامل التحفيز ما زالت المُرجحة عن عوامل التثبيط فهي معنية بارجاع اسراها ومعنية بتقسيم القطاع الى مناطق امنية عازلة ومعنية بالتهجير الطوعي ومعنية بتغيير الحكم في القطاع وترسيخ بُعد مدني حسب مقتضيات الامن القومي لاسرائيل.
وطالما التأييد الواسع من الاطياف السياسية في اسرائيل لانهاء حكم حماس والانتقام للخسائر البشرية والنفسية والمادية موجود وتاجيل محاسبة حكومة الحرب عن فشلها او تقصيرها ستستمر الحرب، كما ان الانقسام الداخلي المجتمعي الاسرائيلي لم يكن وليد الحرب الحالية بل وُجد منذ العام 1948 التي تغيرت الطبيعة المجتمعية من اليسار الى اليمين الى اليمن الاكثر تطرف وها هو الان يتغير نحو الاكثر حدة في التديُن نحو تحويل اسرائيل الى دولة يهودية دينية وهناك تاييد من المتشددين لاستمرار حرب غزة باي ثمن حتى يتم القضاء على حماس ومتوافق عليه من الجميع لكن المطالبة الاخيرة من بعض التيارات اليمينية الاخرى بتنحي نتنياهو لانهم يعارضون قيادة الحرب انطلاقا من رؤيتها انه يقودها وفقاً لاجندته السياسية الخاصة وليس "اجندة اسرائيل الامنية" لانقاذ سُمعته والبقاء على السلطة لذا قد تستمر الحرب لمدة عام اذا لم تنجح جهود المبادرات المطروحة.
استمرار الحرب يعني القضاء على حماس ثم التفكر بمرحلة انتقالية بعد السيطرة الامنية الشاملة على القطاع، وهذه المرحلة الانتقالية اذا نجحت اسرائيل يعني تعزيز الرؤية الاسرائيلية وهي ابقاء جزء من قواتها في شمال القطاع مع فرض حصار امني في الجنوب براً جواً بحراً والاكتفاء مع الاطراف المعنية لتخفيف المعاناة الانسانية على السكان المتواجدين في المنطقة الجنوبية وهي تتفق مع الرؤية الامريكية في ترسيخ البُعد الامني الاسرائيلي في القطاع وتختلف فيمن يُدير القطاع بعد انهاء حكم حماس، امام تجاهل اطلاق عملية سلام تُحقق البُعد السياسي للجانب الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق