رغم أغلبية قضاة محكمة العدل الدولية جاءوا من دول صديقة وحليفة لدولة إسرائيل الا أن صدور قرار بقبول طلب جمهورية جنوب افريقيا فيما يتعلق التدابير الاحترازية ورفض طلب اسرائيل رد الدعوى في القضية المرفوعة من جنوب افريقيا يؤكد أن محكمة العدل الدولية تجاوبت مع الأهداف الإنسانية لمأساة الشعب الفلسطيني وتجاوبت مع مطالب الشعوب التي دعت الى وقف المحرقة بحق الشعب الفلسطيني، وصدور قرار مستعجل باتخاذ تدابير فورية لمنع التدمير في قطاع غزة واتخاذ جميع الإجراءات المنصوص عليها لمنع الإبادة الجماعية في غزة وعلى اسرائيل أن ترفع تقريرا للمحكمة بشان التدابير المؤقتة المفروضة خلال شهر يشير إلى أنه قرار نادر وفريد جسد إجماع الضمير الجماعي الدولي والأخلاقي والمهني لقضاة الدول الكبرى الذين صوتوا لصالح القرار والذي يعبر عن النظر إلى الواقع الانساني، وإشارة اخرى إلى أن إجماع القضاة يشير إلى مهنية واستقلالية وشجاعة القضاة في اتخاذ قرار لم يكن متوقعا بقبوله من الجميع كان التوقع النصف زائد واحد لاتخاذ الإجراءات العاجلة والتدابير الاحترازية وفرض إجراءات طارئة بأن على اسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين لقطاع غزة.
لكن من يحلل بشكل أعمق يلحظ أن الأوامر التي تم إقرارها لم تأخذ الطابع الإلزامي وايضا جاءت لاستجابة لجزء من التدابير الاحترازية التي طالبت بها جنوب افريقيا وان اهم بند طالبت به جمهورية جنوب افريقيا وهو وقف الأعمال العدائية أو العسكرية أو وقف إطلاق النار لم تقره المحكمة والتي أكدت عليه جمهورية جنوب افريقيا مرارا وتكرارا في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية ، وكما إن خروج تصريح من قبل وزيرة خارجية جمهورية جنوب افريقيا " ناليذى بالزور" بأن على الشعب الفلسطيني أن لا يفقد الأمل وكان من المفترض أن يتم وقف إطلاق النار على غزة وأن جميع الاوامر التي خرجت لن تنجح دون وقف إطلاق النار على قطاع غزة ، هذا التصريح إشارة إلى سقوط البند المركزي وهو وقف العدوان على غزة وأن الإجراءات العاجلة التي خرجت فقط لمنع الأضرار بالمدنيين كما أن الأوامر صيغت بطريقة توافقية بحيث لا يتم رفضها من إجماع القضاة نظرا أنها انسانية تمس الواقع المدني والحياتي في القطاع ولم تشمل الطلب الرئيسي لجنوب أفريقيا المتعلق بالوقف الفوري للحرب ولم يتم إدانة اسرائيل بالشكل المباشر رغم مطالبة المحكمة بالشكل الفوري فيما يتعلق الإفراج عن المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، أيضا من يحلل بعمق يرى أنها أوامر ليست بنكهة أو صيغة الجزم أو الالتزام الفوري بل تم إعطاء فترة محددة بأن تقدم اسرائيل خلال شهر تقرير عن مدى قيامها بالاجراءات التي خرجت والتي أشارت اليها محكمة العدل الدولية على اسرائيل وباعتقادي إن اسرائيل ستنفذ هذا القرار بطريقة التوائية من خلال ترسيخ هدنة انسانية والتي تم تسريبها قبل عدة أيام وبالتحديد أن قرار المحكمة العدل الدولية لم تخرج إيضاحات صريحة لوقف إطلاق النار على قطاع غزة وهذا ما كان يقلق الاحتلال فيما يتعلق اخراج قرار صريح وواضح لوقف الحرب على القطاع لذا اسرائيل ستستمر بحربها على القطاع وتوقعي قد يكون بين الفينة والأخرى هدنة انسانية ضمن مرحلية الهدن لتهرب من اي التزامات قانونية ستواجهها مستقبلا وبالتحديد أن الأوامر التي خرجت ستكون أولية لمحاكمة اسرائيل مستقبلا نظرا أن القضية الأساسية التي قدمتها جمهورية جنوب افريقيا حول انتهاك اسرائيل اتفاقية منع الإبادة الجماعية ما زالت قائمة صحيح ستأخذ سنوات إلى حين البت في تلك القضية القضائية إلا أن اسرائيل ستواجه مشاكل داخلية هي التي ستقسم وجودها وليس مضمار القانون الدولي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق