طوني خوري
ظهر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منذ يومين وتحدث عن مجمل الاوضاع، وفيما كان الكثيرون ينتظرون ما سيقوله عن طبيعة الردّ الذي سيقوم به حزب الله على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، بدا وكأن الهدف من هذه الاطلالة هو تقويض ما حققه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال الاغتيال. ولا يمكن لاحد ان ينكر ان العملية شكلت مكسباً استخباراتياً بالغ الاهمية لاسرائيل التي كانت اعلنت عن نيتها اغتيال قياديي "حماس" اينما كانوا، وقد فنّد نصر الله في كلمته كيف ان رئيس الوزراء الاسرائيلي واركان حكومته لم يحققوا اي انجاز او انتصار او مكسب في الحرب الدائرة في غزة، وعمد الى تعداد النقاط التي تضع الاسرائيليين في مأزق امام الشارع الاسرائيلي والعالم.
وفيما بدا وكأنه رسالة واضحة بأن الحزب لن يتخذ من الاغتيال ذريعة لتحقيق مكسب آخر لنتنياهو من خلال التسبب باندلاع حرب شاملة في المنطقة مع الحرص على الابقاء على الغموض والترقب حول طبيعة الرد وتوقيته، شدد نصر الله على ان سقوط نتنياهو والهالة الاسرائيلية سيكون على أيدٍ فلسطينية بدعم لبناني- عراقي-يمني، اي بمعنى آخر لن يكون الحزب من يشعل فتيل الحرب الاكبر بل على اسرائيل ان تتخذ هذه الخطوة اذا تجرّأت عليها.
في المقابل، كان لافتاً انه وبعد عميلة الاغتيال مباشرة، طلب نتنياهو من وزرائه عدم التعليق على الموضوع، فيما خرج مستشاره بسلسلة مواقف توحي بأنّها موجهة الى الحزب والولايات المتحدة واوروبا بشكل خاص، مفادها ان اسرائيل لم تعتد على الحكومة اللبنانية ولم تستهدف قيادات من حزب الله، ايّ بمعنى آخر ان قواعد الاشتباك لا تزال قامة، انما الخرق الوحيد الذي حصل هو المنطقة التي تم فيها الاغتيال، فيما كان التحذير الاسرائيلي حاضراً منذ فترة، واللافت انه قبل ساعات قليلة كانت تركيا قد اعلنت عن تفكيك شبكة تجسس اسرائيلية تهدف الى القيام باغتيالات على الاراضي التركيّة.
اما الامر اللافت الثاني فكان مدى دقة المعلومات التي حصلت عليها اسرائيل بطريقة او بأخرى، وهي التي كانت اغتالت قبلاً نجل النائب محمد رعد مع عدد من قيادات الحزب في الجنوب، من خلال حصولها على معلومات دقيقة جداً، وهذا بحد ذاته يجب ان يكون مصدر قلق لحزب الله الذي، بدوره، يحقّق اصابات مباشرة في صفوف الجنود الاسرائيليين بفضل مراقبته الدقيقة المتواصلة لتحركاتهم. ويرى الكثيرون ان ما قيل حول امكان ان يرد الحزب عبر استهداف مسؤولين اسرائيليين في دول غربيّة، هو كلام في غير محله، لانه اولاً يضع الحزب في خانة لا يريد ان يكون فيها ايّ الارهاب، وثانياً ستعقّد وضعه لانها ستضعه في مواجهة مباشرة مع الدولة المعنيّة التي ستحصل فيها العمليّات، وقد يشتّت مثل هذا الحادث التركيز على ابتعاد الرأي العام الغربي عن الدعم المطلق لاسرائيل، والذي يستمرّ بالنموّ بعد مشاهد الاجرام المتمادي للاسرائيليين بحق الفلسطينيين.قد يكون نتنياهو حقّق مكسباً يقدمه الى الاسرائيليين عبر اغتيال العاروري، ولكن نصر الله سارع الى محاولة تقويض هذا المكسب والتركيز على اخفاقات رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي، والتحضير للتعامل مع مرحلة ما بعد نتنياهو، حيث يمكن ان يحلّ هذا الوضع في وقت قريب اذا ما بقي مسار الامور على حاله، والطامة الكبرى ستكون اذا ما كانت اسرائيل وراء التفجيرين في ايران، فعندها سينقلب السحر على الساحر وسيتآكل الوقت لبقاء نتنياهو في منصبه من دون الحاجة الى ردّ مزلزل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق